على عتبات الكرامة الكاتب: صالح عبدالله العجلوني
العالم الان – لم تنتهي معركة الكرامة بعد؛ فهي مازالت قائمة، ولكن النصر تأجل هذه المرة لعدم اكتمال وحدة المقاتلين؛ فقد تركت غزة لوحدها هي وجندها، والنصر تأجل هذه المرة بسبب خذلان بني الدم والدين والنصر تأجل لكثرة من يناصر الطغيان والنصر تأجل إلى أن يشاء الرحمن.
فمعركة الكرامة مازالت قائمة ومشتعلة ومستعرة الآن في غزة؛ حيث يذبح أهلنا الصامدون الصابرون ويحاربون بكل الأسلحة من الرصاصة إلى لقمة الخبز فشربة الماء فالدواء.
ضاعت دورهم من شدة الهدم وكثرة الردم، وضاقت صدورهم من انتكاسة الخذلان وتشرذم العربان، وكثرت قبورهم من شدة القتل والطغيان، فتشرد الكبير وقتل الصغير وشابت الولدان، ويصرخ البشر والحجر والشجر في فضاءات غزة يا عباد الله إنا مظلومين يا عباد الله إنا مقهورين يا عباد الله إنا مذهولين يا عباد الله إنا مخذولين يا عباد الله إنا مقتولين، ولا من مجيب.
وتمادى العدو فلم يقم وزنا لقداسة المواسم ولم يراعي براءة الطفولة ولا ضعف الشيخوخة وبقي سادرا في غيه؛ يعد قتلنا قربى وجوعنا مباحا وهدم منازلنا ضرورة وتفريغ الأرض من أهلها أقصى مراميه.
في غزة رأينا العجائب والغرائب وأجزم بأن عجائب الدنيا لم تعد سبعا؛ فكل قصة شهيد او جريح أو طريد عجيبة ما لها في الدهر ثاني، وكثرة أساطير غزة فلم نعد بحاجة للخيال لناتي بمثلها.
وفتحت غزة التاريخ على مصراعيه لتعيد تدوينه ولتعيد صياغته ولتقدم لنا خدمات حصرية في استحضار التاريخ الغابر إلى الحاضر المعاصر؛ فمن فاته رؤية أبي رغال وخيانته وابن العلقمي وخسته وابن الأحمر ونذالته وأبي عبدالله الصغير ودنائته؛ فهذه غزة تكشف عوراتهم وتبين سوآتهم وتريكم إياهم بأسماء جديدة تعرفونها.
ولعل خير احتفال لنا بالكرامة اليوم هو تقديم النصرة والعون لأهلنا المجاهدين الصابرين في غزة إلى أن تعلوا لهم راية المجد والعزة والنصر قادم بإذن الله.