” نصيرات ” وردة ذابلة قطفها حادث تكسي – فاطمة الظاهر
العالم الآن – حياة الركاب أصبحت سلعة رخيصة عند بعض سائقي السيارات العمومية الذين لا يكترثون لمن يركب معهم من أطفال ونساء و كبار السن، مرضى وغيرهم .. يتعرض الكثير لمخاطر أثناء ركوبه سيارة أجرة يقودها سائق متهور، يصاب الكثير منا بارتفاع الضغط والخوف أثناء رحلتنا بسيارة أجرة نقرأ فيها الفاتحة على أرواحنا ظانين أننا لن نصل إلى مبتغانا بهذه المجازفة وسباق رالي مع هذا السائق العمومي الذي يزيد عداد سرعته مرة تلو الأخرى .. لماذا هذا التهور ؟؟ أين أخلاق سائق سيارة الأجرة التي يجب أن يتحلى بها أكثر من غيره ؟ أنت مسؤول أكثر من غيرك !! مسؤول عن حياة أشخاص حياتهم مرتبطة بقيادتك أشخاص أنت تعرفهم ولا تعرفهم، تنتظرهم عائلاتهم بفارغ الصبر وأنت بكل بساطه تتلاعب بحياتهم بقيادتك المتهورة بالإضافة الى القلق والتوتر الذي تسببه لقائدي المركبات الأخرى المجاورة لك !!ما أقوله لا ينطبق على جميع السائقين فبعضهم الآخر يتمتع بأخلاق عالية و ضمير حي لكن كثير منهم نراهم لا يراعون أخلاق القيادة في الطرقات العامة وعدم مراعاة أي أحد والمخاطرة بحياته وحياة من معه وسرعه غير مبررة محاولة منه مجاراة سائقي السيارات الخاصة بجانبه متناسيا أنه يحمل معه أرواحا لا ذنب لها والانتقال من مسرب إلى أخر أو محاولة التوقف المفاجيء على جانب الطريق عند مشاهدة الركاب أو لإنزال أحدهم بطريقة متهورة دون إستخدام الإشارة اللازمة بوقت كاف ..عفوا منك أيها السائق فهذا الشخص الذي ركب معك دفع لك أجرة لتوصله لأهله وليس لآخرته و (الأعمار بيد الله)، أمّنك على نفسه ،و مركبتك التي تقودها لكسب رزقك وقوت يومك أنت وعائلتك وليس للاستعراض في الشوارع ومزاحمة الآخرين.. وعذراً من سائقي التكاسي الذين يتمتعون بأخلاق عالية،، لكن ” صيت غيركم غطّى عليكم” … كثير من سائقي سيارات الأجرة، هم شباب في أول ريعانهم وفي مقتبل العمل وبعضهم الأكثر تهوراً في الشارع يخاطرون بحياة أناس لا ذنب لهم..
…. ما ذنب تلك الوردة الذابلة في مستشفى الأمير حمزة،، ” خيرية نصيرات “،، وردة ذابلة راقدة في سرير العناية المركزة وقعت ضحية حادث سير أليم أثناء تصادم ثلاث مركبات على طريق شارع الاردن باتجاه ياجوز يوم الخميس 11 أكتوبر ،، وردة في أول ريعان شبابها ثلاثة وعشرون عاما تخرجت حديثا من الجامعة لتبدأ حياة جديدة مليئة بالحيوية فيخطف رونقها تهور سائق التكسي الذي ركبت معه لتقوم بعمل خيري ” كإسمها ” يخص صديقتها المحتاجة لخدمتها ،، حادث مروّع وقع أثناء تجاوزه الخاطيء للسيارات المجاوة له وعدم تركيزه في القيادة الناتج عن عمله المستمر ساعات طويلة دون نوم أو راحة ،، عملَ يومين متتاليين دون أن ينام ليريح ذهنه وجسده ،،فكانت النتيجة عدم تركيزه وتشتت ذهنه الذي تسبب بوفاته ” رحمه الله ” ووفاة أشخاص آخرين أيضا أثناء تصادمه بالمركبتين المجاورتين له ،، و إصابة الشابة ” خيرية نصيرات ” بإصابات خطيرة وهي ترقد الآن في سرير العناية الحثيثة وأهلها ينتظرون على باب غرفتها لا تفارقهم دمعة منذ وقوع الحادث وهم يدعون الله أن يتلطف بحالتها الحرجة … أدعو لهذه الشابة الوردة التي لاتزال في ربيع عمرها بالشفاء التام وأن يعطي أهلها الصبر والقوة لتحمل ما يمرون به من ظروف صعبة جراء وقوع ابنتهم ضحية عدم مسؤولية بعض سائقي السيارات العمومية ،، وجهلهم بمخاطر ذلك على أنفسهم قبل غيرهم ، رحم الله هذا السائق وألهم أهله الصبر على ما أصابهم هو وكل من تأذّى في هذا الحادث وغيره … نعلم تماما أنه لن يصيبنا الا ما كتب الله ،، وما يصيبنا قدر من الله لا نستطيع رده وكل ما نمر به هو مسخر من عنده ،، الا أن ذلك لا يعني تجاهلنا لمسؤوليتنا أمام الله عز وجل ،، مسؤوليتنا تجاه أنفسنا قبل غيرنا ، لكن ما زال هذا المجتمع وغيره يئن من وطئة فاجعة الحوادث يوما بعد يوم إن لم يعي كل منا دوره ومسؤوليته ، رحم الله الذين لقوا حتفهم فيها، وندعو الله بالشفاء للمصابين، و أن يُلهم أهلهم الصبر، ويُنزلَ على قلوبهم السكينة.
نعم ،، نحن أمام مشكلة حقيقية و وباء يتفشى إن لم نجد له علاجاً، ألا و هو سوء قيادة سياراتنا و سوء تعامل السائقين، وجهلهم بواجباتهم، تهور السائقين و اللامبالاة عند قسم كبير منهم في أرواح البشر، و التجاوزات الخطيرة التي يقوم بها البعض اﻵخر والحوادث المؤلمة لابد من وضع حد لها.
يشكو الكثيرون من القيادة المتهورة لبعض السائقين وعدم اكتراثهم لخطورة ذلك، كما أن بعض السائقين يكونون عدوانيين في طريقة كلامهم ويصعب إقناعهم بخفض السرعة حين يكون خيار النزول من المركبة ليس بالأمر السهل خصوصاً عندما يكون الراكب على عجلة من أمره ويريد الوصول إلى وجهته المقصودة بسرعة، خاصة وأن انتظار التكاسي لدينا يعد شبه مستحيلا أوقات الذروة .
برأيي بات من الضروري تنفيذ إجراءات عديدة للحد من هذه التصرفات كوضع نظام خاص لمراقبة السائقين و تركيب مثبت السرعة في سياراتهم وعدم ترخيص السيارات القديمة التي تشكل خطورة في قيادتها، إضافة إلى البدء بتركيب كاميرات داخل التاكسي لرصد سلوك السائق أثناء عمله كونهم من أهم عناصر تقديم الخدمة في بلدنا بأفضل مستوى..
ماذا لو كل كان واحد منا على قدر المسؤولية فيحسن قيادة مركبته و يتقي الله في نفسه و الآخرين، لماذا نغرق أنفسنا وغيرنا في خرق أخلاقياتنا قبل القانون لماذا نتسبب بإيذاء غيرنا فيشتموننا و ” يدعون علينا ” .
لماذا لا نتخذ قرارات حاسمة بشأن التقليل من الحوادث المرورية التي تكون سيارات الأجرة طرفاً فيها عن طريق فرض قوانين إضافية على السائقين وسيارات الأجرة و إنهاء خدمات سائق سيارة الأجرة الذي يتسبب في وقوع العديد من الحوادث مرورية أو تجاوز الحد المسموح له من المخالفات و إلغاء رخصة قيادته فورا عند ايذاء غيره وتحديد عدد ساعات عمل معينة للسائق منعاً للإرهاق – كما حصل مع السائق الذي ركبت معه ” نصيرات ” رحمه الله – فتركيز السائق وسلامة ذهنه العامل الأول في سلامته قبل سلامة الراكب ..
وتطبيق نظام مراقبة السرعة داخل سيارات الأجرة، و إصدار مخالفة مباشرة لأي سيارة أجرة تتجاوز السرعة المسموح بها للطريق والزام السائقين بالالتحاق بدورات مستمرة في القيادة والتوعية..
الطرق كثيرة ، والاجراءات عديدة ،، والوسائل لا تعد ولا تحصى … لكنها لن تجدي نفعاً إن لم يكون أولها مسؤوليتنا أمام الله في أنفسنا وغيرنا ،، وأن نخشى الله قبل الخوف من عقاب القانون ..!! ،
تقديم ~ بسام العريان