وجهة نظر: لماذا يدفع الرجال فاتورة أول لقاء غرامي؟
العالم الآن -في إطار سلسلة بي بي سي الخاصة بقائمة أفضل 100 امرأة ملهمة، تتناول آن روشيتو، الكاتبة الكندية التي تعيش في تورونتو، في هذا المقال وجهة نظرها حول الأسباب المتعلقة بمن يدفع فاتوة اللقاء الأول في المواعدة الغرامية بين الرجل والمرأة وأهمية تلك الأسباب في علاقتهما.
عندما بدأت مواعدة الرجال، حذرتني أمي من أنه “لا يوجد شيء اسمه مشروب مجاني”.
وراحت أمي تفكر أصعب وقالت: “سيعتقد الرجال أنك مدينة لهم بشيء ما”.
أعلم أن والدتي لم تكن تقصد تخويفي، لكن حديثها جعلني أشعر بالقلق في كل مرة ألتقي فيها شخصا جديدا. لقد استغرق الأمر وقتا للتخلص من الإحساس بالالتزام الذي شعرت به تجاه الرجال الذين دفعوا تكاليف أول كأس في أول لقاء بيننا، وهي نحو 5 دولارات، لكن منذ ذلك الحين، لم أنظر إلى الوراء على الإطلاق.
ونظرا لأنني امرأة بدأت المواعدة منذ 14 عامًا، قضيت كثيرا من الوقت في التفكير والنقاش بشأن طرق العثور على الشريك المناسب لي، وكذلك ما هي الصفات والتصرفات التي يجب أن تبحث عنها في مقابلة شخص ما لأول مرة.
إن العثور على شخص لمواعدته في الحاضر بات أسهل من أي وقت مضى، وذلك من خلال التطبيقات ومجتمعات الإنترنت التي تضم أشخاصا من جميع الاتجاهات والهويات والخلفيات.
لكن السؤال بشأن من الذي يتعين عليه دفع الفاتورة في اللقاء الأول دائما ما يثير حديثا شيقا بيني وبين نفسي.
تعودت على تبني المنطق القائل إن المرأة تجب معاملتها مثل الرجل، ويجب أن ندفع نحن النساء مقابل ما نتناوله، ونشارك في دفع فاتورة أي لقاء مع رجل. وللتأكد من أن الأمر لا يسبب أي مشاكل على الإطلاق، كنت دائما أقترح زيارة أماكن رخيصة، مثل المطاعم والحانات والحدائق
وعلى مدار خمس سنوات، اكتسبت من الأصدقاء والمعلمين خبرات وأفكار جعلتني أسأل نفسي دئما هذا السؤال.
تعرفت على بعض الكاتبات، مثل غلوريا جان واتكنز، التي جعلني أفكر فيمن هو المستفيد الأكبر من تركيبة المجتمع هذه.
يستفيد الناس بدرجات مختلفة وفقا لتركيبة المجتمع الحالية، لذلك، فبناء على إمكانية كل شخص لا ينبغي أن نتوقع أن يدفع الطرفان مبالغ متساوية.
فالنساء يتقاضين، في المتوسط، أقل من الرجال. والمرأة الكندية، تتقاضى نحو 69 سنتا كنديا بينما يتقاض الرجل دولارا في العمل.
وهذا لا يعني أن تكاليف المعيشة الخاصة بنا نحن النساء أرخص، ففي كثير من الحالات يمكن أن تكون أكثر تكلفة من الرجل.
إن للتطلعات المحيطة بمظهر المرأة وسلوكها كلفة مادية وشخصية. إن مظهر المرأة الخارجي أسير لعدة معايير عالية بدرجة لا تصدق، وموضوع روتيني للسخرية في كل مكان، بداية من صناعة الترفيه وحتى البيت الأبيض.
يتوقع منا الجميع أن نكون أكثر هدوءا ويقظة وفهما ومرونة واستيعابا من الرجال في كل مجال من مجالات حياتنا، في الأسرة والعمل والعلاقات والصداقات. إن تلبية تلك المعايير أمر مكلف من الناحيتين المادية والعاطفية.
وفضلا عن ذلك، لا يمكن حصر من الذي سيدفع الفاتورة في مسألة الرجل مقابل المراة. فلدينا جميعًا تجارب مختلفة اعتمادا إلى عوامل مثل الجنس والوضع الاجتماعي والاقتصادي والعرق والمواطنة وعوامل أخرى.
وفي النهاية، لا تتطابق المساواة بنفس القدر مع العدالة. فالمساواة تعني أن يحصل الجميع على نفس زوج الأحذية تماما، أما العدالة فهي أن يحصل الجميع على الحذاء الذي يناسبهم. وفي العلاقات الناجحة، يسعى الناس دائما إلى تحقيق العدالة.
عندما ذهبت في أول لقاء مع رجل قضى غالبية الوقت في التباهي بسياراته الرياضية وأسفاره الكثيرة، صدمني عندما أراد مني مشاركته في دفع الفاتورة. هذا أمر غريب، ففي الغالب أن هؤلاء الرجال الأغنياء هم الذين يقولون لأصدقائي ولي: “أنا نسوي، لذا سنشارك في دفع الفاتورة.”
وسواء يؤمن الرجال بأن المرأة تتقاضى أجرا أقل من الرجل أم لا، وأيضا سواء وافق الرجال أو لم يوافقوا على أن المرأة تتلقى راتبا أقل من الرجل، فإنهم يستفيدون استفادة مباشرة من هذا الأمر.
وهذا لا يعني أن الرجال لا يجتهدون في العمل أو أنه يتعين عليهم دفع الفاتورة دائما، فعندما أمرّ بمواقف أتأكد فيها من أنني أتقاضى راتبا أعلى من الرجل الذي أواعده أكون سعيدة بمساعدته في دفع الفاتورة أو دفعها بالكامل.
وإذا شعرت أن رجلا يربط دفعه فاتورة أول لقاء بأنني “مدينة” له بطريقة ما، سأصر على دفع الفاتورة كاملة وإنهاء أي فرصة لمزيد من التواصل. هذا النوع من التفكير البدائي يظهر غياب الأفق والاحترام والتوافق.
لقد واعدت رجالا ونساءً على حد سواء، ومن الطريف أنه في أي وقت واعدت فيه امرأة أو شخصا لديه ميول جنسية مختلفة، ينتهي بنا الأمر إلى التنافس على دفع الفاتورة.
أرافق شريكي، زاك، لأكثر من عام حتى الآن. شعرت بإحساس جيد تجاهه عندما أخبرني أنه يحب الحيوانات، وتبادلت معه وجهات النظر حول حقوق العمال. لقد دفع فاتورة لقائنا الأول ودفعت أنا فاتورة لقائنا الثاني.
والآن، نتقاسم سويا النفقات على أساس ما يمكننا تحمله عندما نخرج سويا أو يزور منا الآخر في منزله. ربما يتغير هذا في المستقبل، لكننا وجدنا توازنًا يناسب كلا منا. هدفنا الأهم هو التأكد من أن كلا منا يشعر بالاحترام وأنه لا توجد بيننا إهانة أو استغلال.
إن جلسات المواعدة الأولى فرصة صغيرة لإدراك أن الناس في المجتمع لديهم موارد مختلفة، فإذا أردنا أن نبني علاقة مناسبة وشراكة جيدة، فإن مواجهة الخلل في قدرة كل منا جزء مهم في كل علاقة.
إن مبدأ من الذي سيدفع فاتورة أول موعد لا يحدد شكل العلاقة في المستقبل.
ومع تطور العلاقات، يمكن للأشخاص المعنيين بتلك العلاقة العمل سويا للعثور على الشكل المناسب لعلاقتهما. بغض النظر عن التوقعات التي قد تكون لدينا حول من يجب أو لا يجب دفع فاتورة أول موعد، فمن الأفضل أن يتوفر التفاهم أولا.” bbc “