الإقتصاد المعرفي – يارا الغزاوي – الأردن
العالم الآن – إن الإقتصاد الذي يدور حول كيفية الحصول على المعلومة و المعرفة بكافة أشكالها ومشاركتها, واستخدامها, وتوظيفها, وابتكارها , بهدف تحسين نوعية الحياة بمجالاتها المختلفة من خلال الاستفادة من الخدمات المعلوماتية, وتطبيقات التكنولوجيا المتطورة.
كما استخدام العقل البشري كرأس للمال الحقيقي دون محاباه , وتوظيف البحث العلمي, بهدف إحداث مجموعة من التغييرات الإستراتيجية في المجتمع ؛ ليصبح اكثر انسجاما واستجابة لمتطلبات العولمة، و تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ؛ إضافة إلى عالمية المعرفة و التنمية المستدامة بمفهومها الشمولي التكاملي يطلق عليه ( الاقتصاد المعرفي ) الذي تفتقر إليه بعض الدول النامية أو الدول التي تاهت بوصلتها في توظيف اقتصادها الوطني وتنميته.
إن رأس المال المادي مجسد في المعرفة؛ كما أن رأس المال البشري يتجسد في قوة العمل والمورد البشري.
في الوقت الذي يتجسد فيه رأس المال التكنولوجي في الإختراعات والأبحاث العلمية ويتجسد رأس المال العام في عناصر الإنتاج.
تزداد آفتي الفقر والبطالة عادة في المجتمعات النامية بشكل خاص عندما يلهث النمو الاقتصادي للدول وراء النمو السكاني.
مسيرة التنمية الإقتصادية المتراجعة ومعدلات النمو الإقتصادي التي تكاد تكون معدومة يمثلان عائقا أساسيا أمام عملية التنمية المستدامة للمجتمعات؛ وعليه فإن العمل على تقليل حدة الفقر في المجتمعات قد اعتبر منذ زمن بعيد تحديا كبيرا؛ حيث كان جزءا لا يتجزأ من نماذجً التنمية الإقتصادية الناجحة في بعض الدول .
أما الآن فقد أصبح الفقر مهددا حقيقيا للاستقرار الإقتصادي والأمني و الإجتماعي كما السياسي لأي دولة في العالم .
فهنالك حدود دنيا لفرص العيش الكريم الآمن؛ على الرغم من التفاوت في تحديد مفهوم الفقر ومعاييره.
إلا أن انخفاض الدخل للفرد في المجتمع ؛ وزيادة العبئ المادي والمعيشي على الأفراد من غلاء على شكل إرتفاع غير مسبوق في الأسعار ؛ وزيادة ملحوظة في الضرائب ؛ ناهيكم عن قلة التوظيف أو استغلال دور الفرد في مجتمعه نتيجة لآفة البطالة ؛ كما ضعف القدرة على توفير مستلزمات الحياة الضرورية يشكل هذا كله ( العمود الفقري) لمتلازمة الفقر .
إن الآثار الإقتصادية والاجتماعية كما الأمنية للفقر خطيرة جدا وقد تفوق التوقعات في معظم الأحيان.
حيث يمكننا الإشارة هنا إلى أن هناك عدد من الأمراض الإجتماعية التي يكون الفقر وبشدة أحد أهم مقوماتها التي ترتكز عليها وأولها الجريمة بكل أشكالها.
كما أن التشرد والتسول يعتبران نتاج طبيعي للفقر ؛ نتيجة للأوضاع التي قد تصبح سرية وخطيرة تدفع أفرادها إلى الخروج عن إطار النمط الاجتماعي السليم، حيث ندخل هنا في أخطر أبواب الانحراف لدى الأحداث والشباب ابتداءا من تعاطي المخدرات والممنوعات وتداولها حيث يساهم عاملا الفقر والبطالة وما يرافقهما من ظروف أسرية صعبة في تغذيتها لدى الأفراد .
تنعكس بعض الآثار , وخاصة تفشي الأمراض الإجتماعية الى انخفاض المستوى التعليمي والثقافي والصحي, بشكل سلبي وواضح على وضع المرأة والأطفال في الأسر الفقيرة أو ذات الدخل المحدود , وما ينجم عن ذلك من ضرر في العنصر البشري الذي تقوم عليه أساسيات ولبنات أي مجتمع كان
تتفاقم الآثار الضارة والخطيرة والإنعكاسات السلبية للفقر في أي مجتمع كان ؛ إذا ما رافقها مظاهر اجتماعية سلبية أخرى كالبطالة وهي أشد خطرا وفتكا من الفقر نفسه على أي مجتمع ؛ فقد يدخل الفرد معها إلى عوالم خفية وفراغ قاتل مأجور بثمن وغيره، وهنا تكمن الكارثة الحقيقية وتصبح كالداء المستعصي والمتغول في المجتمع كتغول الخلايا السرطانية .
كما أن ضعف العدالة الاجتماعية ؛ واستشراء الفساد وتغوله ؛ و كثرة المحسوبيات والواسطات ؛ إضافة الى عدم تكافئ الفرص بين أفراد المجتمع الواحد؛ إضافة إلى سلب المواطن حقه في التعبير وشعوره المستمر بالإهانة في وطنه الذي يجب أن يجعل كرامة مواطنيه أولوية حتى يحافظ على استقرار الدولة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا كما دينيا وأخلاقيا؛
إضافة إلى قصور الخدمات الاجتماعية المقدمة من الدولة للمواطن سواء كانت صحية أو تعليمية أو على شكل بنية تحتية ووسائط نقل وغيرها قد تجتمع هذه العوامل لتكون هدامة لأي مجتمع كان .
خلاصة القول ؛ مثلما الطاقة وقود للحياة فأن المعرفة وقود الرفاه الإقتصادي حيث أن المعرفة تبقى المحرك المهم لرقي المجتمعات وتطورها . بالتالي تقود المجتمعات إلى مستويات متقدمة من التنمية الإقتصادية.
و يمكن الجزم ان المعادلة بين الرفاه الإقتصادي و المعرفة محسومة فأن طرفي المعادلة بحاجة لبعضهما البعض .
كما يعد الإنفاق على التعليم والتدريب والصحة كما البنى التحتية هو إنفاق على الإستثمار البشري وهذا ما هو مطلوب لازدهار المجتمعات وتطورها.
لم تعد ثروة الموارد الطبيعية كالنفط مثلا هي المحدد الأساس لثروة الأمم والشعوب وثرائها بل أصبحت المعرفة هي المحرك لثراء تلك الدول والأفراد فعلينا استغلالها كما يجب.
#يارا_الغزاوي