أوضاع الأردن الإقتصادية تحدد خياراته السياسية – سناء القضاه – الأردن

0 1٬003

العالم الآن -يعيش الأردن حالة سياسية حرجة تبعثرت فيها أوراق اللاعب الذي كان مستقرا أمنيا وسياسيا واقتصاديا، ما أدى إلى أوسع حركة احتجاج منذ الربيع العربي، أدت إلى إقالة الملك عبدالله الثاني لحكومة هاني الملقي وتكليف وزير التربية والتعليم عمر الرزاز لقيادة الحكومة الأردنية، الذي يُوصَف بالنَّزاهة ونظافَة اليَد، والعُمق الأكاديمي والخِبرة الإداريّة.
خروج الأردنيين الى الشوارع، لم يكن فقط احتجاجا على اقرارالحكومة لقانون ضريبة الدخل، بل هو الشرارة التي حركت المواطنين من مختلف الشرائح الاجتماعية وفي جميع محافظات المملكة، بل كانت سلسلة تراكمات الوضع الاقتصادي الصعب الذي عاشه المواطن خلال السنوات الـ 6 الماضية، منذ حكومة عبدالله النسور وحتى حكومة هاني الملقي، حيث ارتفاع الأسعار ورفع الدعم عن المواد التموينية الأساسية مثل الخبز، والمحروقات، ورفع ضريبة المبيعات، وعدم صرف زيادات على رواتب موظفي القطاع العام.
الأوضاع في الأردن كانت تنبيء بتحول حركة الإحتجاج إلى كرة ثلج، بحيث تزيد مطالبها من مطالب اقتصادية الى مطالب سياسية تتعلق بالاصلاحات السياسية وحل مجلس النواب والدعوة لانتخابات برلمانية مبكرة، وانتخاب مجلس الأعيان بدل تعيين أعضاءه، ومنح الحكومات الولاية العامة التي انتزعها الديوان الملكي والمؤسسات الأمنية.
ضغوط للقبول بصفقة القرن
بموازاة ذلك، أعلن الملك عبدالله الثاني أكثر من مرة ان بلاده تتعرض لضغوط دولية واقليمية متزايدة، للقبول بصفقة القرن التي اعلن عنها البيت الابيض والتي تنهي امال الفلسطينيين بقيام دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران عام 1967، فذهب الملك الى النخب السياسية والعشائرية والاقتصادية لشرح الموقف للحصول على اسناد شعبي لمواجهة هذا التحدي، وهو ما حصل عليه بموقف شعبي ومساندته في رفض اي مقررات دولية بخصوص القضية الفلسطينية.
فمن يرصد الساحة الاردنية وخطابات الساسة فيها يرى بأن الأُردن يتغيّر وبسرعة، وبات في وضع يؤهله للتمرد على إرث الإملاءات الأمريكية والإسرائيلية وحلفاء جاريد كوشنر، صهر الرئيس ترامب، ورئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو، على رفض إملاءات صفقة القرن، وتهويد القدس ونزع الوصاية الهاشميّة كُليّا عن المقَدّسات.
غير ان القیادي الاسلامي البارز زكي بني ارشید كتب على صفحته الخاصة على “فیس بوك” تحت عنوان “قراءة مكثفة، الاردن ما بعد الحدث..” جاء فیه ( والحدث ھنا ھو الحدیث عن المنحوت الحدیث بمعنى الجدید، ھل بدأ الأردن بالاستجابة لتحدیات الوضع المحلي؟ام بالتكیف مع استحقاق المطالب الدولیة؟).
وكان نتيجة صمود الأردن سياسيا في مواجهة هذه الضغوط، وصمود الدولة أمام موجة الإحتجاجات، تنبهت دول الخليج العربي” السعودية، الإمارات، الكويت”، لحركة الإحتجاج هذه، فقررت السعودية في فجر يوم الخميس 7/6/2018، لإعلان يوم الأحد 10/6/ 2018، موعدا لقمة رباعية تضم هذه الدول والاردن لمناقشة الوضع الاقتصادي للاردن والبحث في امكانية دعمه سياسيا واقتصادية.
فخرجت قرارت القمة بالاتفاق على قيام الدول الثلاث بتقديم حزمة من المساعدات الاقتصادية للأردن يصل إجمالي مبالغها إلى مليارين وخمسمائة مليون دولار أمريكي تتمثل في :
1 – وديعة في البنك المركزي الأردني.
2 – ضمانات للبنك الدولي لمصلحة الأردن.
3 – دعم سنوي لميزانية الحكومة الأردنية لمدة خمس سنوات.
4 – تمويل من صناديق التنمية لمشاريع إنمائية.

ما بعد القمة الرباعية

وفي هذا السياق، تساءل مقال للمحلل السياسي البارز فهد الخيطان يوم الثلاثاء الماضي في صحيفة الغد “هل سيكون للمساعدة الاقتصادية اشتراطات سياسية؟”.
الخيطان أجاب “لم نسمع تصريحا أو تلميحا من مسؤول خليجي ما يفيد ذلك، على مدار سنوات طويلة مضت، كان الأردن يتلقى مساعدات من دول خليجية، في سياق تحالف تاريخي وممتد، ولم يكن لهذا الأمر أي انعكاسات على مواقف الأردن سواء من القضايا الداخلية أو الخارجية”.
جدل آخر أثارته تفاصيل المساعدات التي لم تعلن تفاصيلها بعد، تشير الى عتب في بعض الاوساط السياسية عن حجم الدعم الذي تم تقديمة للاردن، وترى هذه النخب السياسية ان المساعدات أقل من الطموح، عند مقارنة ما قدمته السعودية والامرات لمصر خلال العامين الماضيين والذي تجازت قيمة المنح 50 مليار دولار، رغم عدم ارتباطها بحدود مع السعودية والامارات.
ملاسنات سعودية قطرية
في السياق، جرت ملاسنات إعلامية بين السعودية وقطر، فردا على حملة قطرية شككت بدعم قمة مكة للاردن، تمنى السفير السعودي في الأردن الأمير خالد بن فيصل بن تركي آل سعود، من المسؤولين القطريين الحاليين والسابقين «نسأل الله لهم الهداية» بدلا من إسداء النصائح للقيادة الأردنية، نصح حكومتهم بالإيفاء بالتزاماتها السابقة بدلا من النصائح لقيادة رشيدة وشعب واع.
أوراق الأردن حاليا مبعثره، بين القبول بصفقة القرن مقابل انفراجه اقتصادية وسياسية في ظل مديونية وصلت على حوالي 40 مليار دولار،، وانهاء للقضية الفلسطينية وسيادة الهاشميين على القدس والمقدسات، وبين القبول بما خرج عنه مؤتمر مكه والمساعدات والمنح والقروض التي لا تنهي ازماته الإقتصادية، والتي يتوقع بعد فترة وجيزة ان يعود المواطنون الى الشارع للتعبير عن غضبهم على السياسية الاقتصادية بسبب حالة التضخم غير المسبوق، أو القبول بالذهاب الى تحالف جديد عبر تركيا وقطر وأيران، غير ان الواقع يقول بأن الأردن حاليا يعيش كمن هو في بركة ماء، ليس غريقا، ويطل برأسه فوق الماء، ولا يملك النجاة.

رابط مختصر:
مقالات ذات الصلة

اترك رد