#كومستير.. يرحل عام … ونافذة على الأربعين – شادن صالح – الأردن

0 1٬207

العالم الآن – كنتُ صغيرة، وربما دون ملامح… تماماً كباقي النساء؛ الفرق هو أني لم أخرج من ذاتي، وفي كل مرة أقول “أتعبني الوصول” تعود صورة ذلك الطفل وتغزو رأسي! رأسي الذي يتحول إلى منفضة سجائر تسعُ الكونَ تقريباً.

كيف أستطيع الجمعَ بين صورة طفل و”فوبيا البرد” بداخلي، ثم أشرب قهوتي صباحاً، وبهدوء؟ كيف أستطيع أن أنسج كل هذا الفضاء فوق أرض ثاكلة؟ كيف تكبر روحي داخل جسدي حتى لكأن جسدي يضيقُ بها؟ أفهم أن ثمة ما هو أشد فتكاً من الجغرافيا؛ كأن لا يحتويك مكان مثلًاً! أو أن تكتمل ملامحك فجأة بينما لا تزال تنظر إلى جسدك على أنه قميص على حبل غسيل.

أنت الآن، هنا، في المنتصف تماماً، أرضك تنكرُك… أنت الآن، هناك، ترقد في قبر أنيق، صوتك مكلوم حتى في غيبة الرصاص. ثمة هزيمة، سحيقة، بداخلك! كلما واجهتها أدركتَ سر الدمع في المحطة الأخيرة… وما زلتُ أسأل لمَ كل هذا الضجر والحزن؟ ربما مررتُ بامرأة تحمل بين يديها صورةً وتتمتم بكلمات غامضة؟ أو أنني لم أستطع الإجابة عن سؤال طفل يطلبُ أمه… ربما!

ننسى هزائمنا القديمة! حسناً، لو كان الأمر كذلك لمَ لا يؤنس العطر وحدتي؟ أو بمعنىً أدق: لماذا لا أتمرد على التيهِ وأمضي في طريق بلا بوصلة سوى الرغبة، بلا مرشدٍ سوى قلبي؟ وحين أصل إلى اللاشيء أقتل ذلك الذعر “فوبيا البرد” وأعود حرة؟ لكن شيئاً واحداً سيبقى… صورة الطفل. آهٍ، كيف لرأسي أن يرتطم بساعة رملية تعيدني الى بدء تكويني بلا صور ولا ذاكرة، بدون غياب الآخرين، بدون غيابي أنا!

هذه الأسماء المكتوبة في أوراقي الرسمية، والكائنات المرتبطة بي؛ والأصوات التي صارت قلقاً… كيف أتخلص منها يا الله؟ البيوت، الشوارع الغريبة، ثيابي، حتى السرير الصغير… لا أريد كل هذا! سأكون حينها دون دمع يتكسَّرُ أمام وحشة الدمى، دون ألم، دون ورود أيضاً سأكون روحاً، فقط، بلا جسد… بلا هزائم!

30 ديسمبر 2018

شيكاغو

رابط مختصر:
مقالات ذات الصلة

اترك رد