البنك الأردني للأفكار – د.غالب سعد – الأردن

0 353

العالم الآن – من يستمع لأحاديث الأردنيين في مجالسهم، يتفاجأ بكثرة ما لديهم من ” أفكار”، يطرحونها على شكل إنتقادات، مقترحات أو أُمنيات، بعضها لا يخلو من مضمون مفيد أومطالب مُحقة، والبعض الآخر مجرد فشة خلق، أو تعبير عن إحباط من تجربة فاشلة اوسوء فهم أو سوء تفاهم، من حيث المبدأ، يبقى التعبير عن الرأي ظاهرة صِحّيَة إذا ابتعدت عن اللغو والمهاترات والإشاعات واغتيال الشخصية، وهي من الحقوق الأساسية للمواطن، ودليل على حيوية المجتمع ورغبته في المشاركة، المهم أن لدى الأردنيين الكثير من الطاقات والأفكار التي تستحق الإهتمام ويمكن تحويلها الى قيمة مضافة، على غرار كل ما حولنا من منجزات، التي لم تكن في البداية سوى أفكار، وجدت من يؤمن بها ويدعمها حتى تجسدت في حقائق على أرض الواقع، وشكلت الأساس في حياة الشعوب وبناء الأوطان، فهل يمكن حصاد ما في رؤوس الأردنيين وإيداعه في بنك وطني للأفكار بِرَسم الإستثمار؟؟

قد لا تكون هذه الفكرة غريبة تماماً، فربما خَطَرَت على بال الكثيرين قبلي، وقد عَرَفْتُ بالفعل جامعات ومنظمات وشركات في العالم، تحرص على جمع الافكار من موظفيها وروادها، وتشجعهم على المشاركة في بناء المستقبل، ولو بكلمة، وليس إقتراحي للبنك الأردني للأفكار، سوى محاولة من هذا النوع، وهوعبارة عن منصة للتفاعل بين من لديهم أفكار، ومن يستطيعون دعمها أوتطويرها أو إستثمارها أو الإهتمام بها بأي شكل من الأشكال، فقد تَحمِل افكارهم حلولاً لمشكلات على مستوى المجتمع أو المنطقة أو المدينة أوالمؤسسة، وقد تُشكل بذرةً لمشروع إستثماري، أو إنتاج سلعة أو خدمة جديدة، وقد تشكل مصدرنفع مادي أو معنوي لصاحبها حسب أهميتها، وفي هذا المقترح فرصة لتشيجع الشباب على المشاركة الإيجابية وملء الفراغ والتعبير عن الذات، وتفجير الطاقات، وتنفيس الإحتقان وخفض الإحساس بالعزلة والتهميش، ويتميز مشروع بنك الأفكارعن مواقع التواصل العشوائي المنتشرة، وعن صيغ التواصل التي تقترحها الحكومة لتلقي الشكاوي او التعريف بسياساتها، بأنه يجمع بين مرونة وانفتاح أنشطة المجتمع المدني من جهة، ومنهجية الأنشطة المؤسسية بما فيها من تنظيم ومتابعة من جهة ثانية.
لا يحتاج مشروع بنك الأفكار لبنية أساسية كبيرة أو معقدة، فهو أشبه ما يكون بقاعدة بيانات على شكل تطبيق الكتروني، لن يتطلب إستخدامه لكثيرمن الجهد، فيكفي أن يقوم من يرغب بالمشاركة، بتنزيل التطبيق على الحاسوب اوالهاتف المحمول، وأن يودِع فكرته في قاعدة البيانات حسب التعليمات، ويكفي أن تكون الفكرة جادة ولا تخالف القوانين والآداب العامة، حتى تكون مقبولة وجديرة بالمتابعة والرد من قبل إدارة الموقع، التي تضم مجموعة من المختصين والمتطوعين، تهتم بفتح حسابات المشتركين وإدارتها، وإستقبال الأفكار التي يتم إيداعها وتقييمها وتصنيفها، والتواصل مع المهتمين بها من القراء والمستفيدين، أو مع اصحابها عند اللزوم، ويمكن أن تقوم الإدارة بتعريف الشباب بالأفكار الجديدة والتجارب الناجحة في العالم، وبتنظيم ورش عمل وفعاليات، علي شكل سوق مفتوح أو مهرجان سنوي، يجتمع فيه المنتجون للأفكار والمهتمون بها، وربما يتطور المشروع لشبكة تفاعل حقيقية بين المهتمين، وقد تنتشرالفكرة علي شكل نوادي وأنشطة إجتماعية وفكرية عبر الجامعات ومراكز البحث واالتجمعات المحلية ووسائل الإعلام، وتتضمن إجراء مسابقات والتحكيم بين أفضل الأفكار وتوزيع جوائز لأكثرها إبداعاً وخدمة للمجتمع، بناء على معايير علمية وموضوعية، كما يمكن أن تجد بعض الأفكار جهات راعية اوممولة، حكومية او من القطاع الخاص.

يساهم مشروع بنك الأفكار في التنمية المجتمعية الشاملة، وتشجيع التوجه الريادي وَروح المبادرة والإبداع وتبادل الخبرات والتجارب الناجحة، ودعم الثقة لدى المواطنين لطرح ما يفكرون به وتقبل ما يطرحه الآخرون، وسيساهم في تحسين الجودة الفكرية والثقافية في المجتمع وتوسيع آفاق الرؤيا وتنشيط التواصل بين الأجيال والطبقات والبيئات المختلفة، وتوليد قيم إيجابية جديدة وتدعيم المتوفر منها، ويساعد الشباب على الإندماج في إقتصاد المعرفة الذي يعتمد على رأس المال البشري لتعويض النقص في الموارد الطبيعية ، إنه مقترح لمشروع وطني تفاعلي مخصص لكسر الحواجز، وتوصيل الأفكار البناءة الي حيث يجب ان توصل.

رابط مختصر:
مقالات ذات الصلة

اترك رد