قصيدة … “عن الشعر” …. للشاعر : أكثم حرب ( التيابي ) – الأردن –
العالم الآن – “عن الشعر”
طَيفٌ مِنَ الهَمِّ ، بَابي أَمسَ قَد طَرَقَا
فَقَرَّحَ الهُدبَ ، والأَجفَانَ ، وَالحَدَقَا
بَدري الَّذي ، طولَ عُمري كَانَ مُؤتَلقًا
مِنْ زَائرِ الهَمِّ ، هَل أَلقاهُ مُؤتَلِقَا ؟
عَلى جِراحِ الهَوى ، صَبَّرتُ قَافِيَتي
تِلكَ الّتي خَلَّفتْ رُوحي هُنَا مِزَقَا
وعَاتَبَتْني عَلى لَهوي ، وقَد كَشَفَتْ
ضَفَائري ، عَنْ بَيَاضٍ بَانَ ، واتَّسَقَا
وَصَاحَبَتني إلى الأَرجَاءِ قَاطِبَةً
كَمْ أَطعَمَ البُعدُ أَشعاري ، كَذا وَسَقى
شِعري ، وَأَشهَدُ ، كَمْ سَرَّيتَ عَنْ نَفَسي
مِنْ بَعدِ مَا ضَاقَ ، أَسبابَ الهُمومِ رَقَا
وَطَالعَتْهُ وُجوهٌ ، خَالَها أَمَلًا
يَرجُوهُ ، فارتَدَّ مَخدُوعًا ، قَدِ انزَلَقَا
كَمْ مَرَّةٍ ، دُبِّجَتْ فِيهمْ ، ومَا فَتَرَتْ
قَصَائِدي ، وَغَدَا الدِّيوانُ مُحتَرِقَا
وَنَازَعتني طَويلًا ، لَهفَةٌ لَهُمُ
فِي سُرعَةِ السَّهمِ ، مَرَّ الحُبُّ ، أَو مَرَقَا
بَرُّ الهَوى لُجَّةٌ كَالبَحرِ خَادِعَةٌ
فَكيفَ يَرجُو الهَوى أَنْ أَحذَرَ الغَرَقَا ؟
وَكيفَ يبحثُ عنْ ذَاتي ، وَبادِيَةٌ
مَلامحي ، كُلُّها تُنبِيكَ أَيَّ شَقَا
وَأَيَّ حُزنٍ ، وحِرمانٍ يُرافِقُني
مِنْ أَوَّلِ الدَّربِ ، إذْ مَلَّ الحَزينُ بَقَا
يَا مَارِدَ الشِّعرِ ، إِنَّ الشِّعرَ أَرهَقَني
هَلَّا خَرَجْتَ بِلا سِحرٍ ، بِغَيرِ رُقَى ؟
قَالوا : لَقَد جُنَّ ، يَهذي دَهرَهُ ثَمِلًا
مَهلًا ، جُنُوني جُنونَ العَقلِ قَد سَبَقَا
مِدَادُهُ البَحرُ ، وَالأَموَاجُ شَاهَدَةٌ
كَذَا وَيجعَلُ مِنْ أَصدَافهِ وَرَقَا
أَنقَى القَصَائِدِ ، ما كَانَ الجُنونُ لَها
صِنوًا ، وهَلْ مِثلُ أَشعارِ الجُنونِ نَقَا ؟
الشِّعرُ مِثلُ رَصاصٍ تَستَجيبُ لَهُ
أَعتَى الرِّقابِ ، إِذا جُدرانهَا اختَرَقَا
الشِّعرُ أَقوى سِلاحٍ ، في مُوَاجَهَةٍ
مَعَ الظَّلامِ ، إذا أبوابهُ طَرَقَا
هُوَ الحياةُ ، إذا ما المَوتُ غَيَّبَني
يَبقى ، لَيسقيَ قَبريَ كُلَّما بَرَقَا !