قصيدة ( “بين عصرين” ) … الشاعر : أكثم حرب ( التيابي ) -الأردن …
العالم الآن – “بين عصرين”
بَينَ عَصرَيْنِ ، يَا زَمانَ المَصَائِبْ
عَصرِ حُرِّيَتِي ، وَسِجنِ المَتَاعِبْ
لَستُ أَدري ، هَل كُنتُ قَد عِشتُ يَومًا
دُونَ شَكوى ، تَزيدُ حَجمَ النَّوائِبْ
كَيفَ بالّلهِ قَد مَضى مِنْ زَمَاني
كُلُّ هذا ، وَضاعَ مِنْ كُلِّ جَانِبْ ؟
بَينَ دَمعِي الغَزيرِ مُذْ كُنتُ طِفلًا
فَارغَ البالِ ، لاعِبًا وَمُشَاغِبْ
كُلُّ هَمِّي ، أَلعابُ طِفلٍ بريءٍ
يَنفضُ الهَمَّ مَاشِيًا ، أَو وَاثِبْ
كَيفَ أَصبحتُ بعدَ ذَلكَ كَهلًا
كُلَّما قُمتُ ، يَرجِعُ العَزمُ خَائِبْ
يَسخَرُ النَّاسُ مِنْ هَشَاشَةِ عَظمِي
وَهو جُزءٌ ، مِنْ صُلبِهمْ ، والتَّرائِبْ
يا زَماني ، مَاذا فَعَلتَ برُوحي
كَيفَ صَفوي عَكَّرتَهُ بالشَّوَائِبْ ؟
كُنتُ أُعجُوبةَ الخُلُوِّ مِنَ الضِّيـ
ـقِ ، أَسحُّ الضَّحكَاتِ سَحَّ السَّحائِبْ
كُنتُ كَالوَردِ حِينَ يَلقى نَدَاهُ
يَتَباهى عَلَى جَمِيعِ الكَوَاعِبْ
صِرتُ مِثلَ العُرجُونِ ، أَقفَرَ رَوضي
ظُفرُ أَهلِي ، في القَلبِ قَد بَاتَ نَاشِبْ
أَجبَروني ، وكَيفَ أَرجُو قُيُودًا
بَعدَ حُرِّيتي ، وَمَا مِنْ مُحَاسِبْ
صَارَ عَهدي بِهمْ كَعهدِ دَجَاجٍ
مَلَّ رَاعٍ لَها ، فَنَادَى الثَّعالِبْ
أَبدلوني بِبُلبلِ الدَّوحِ ظُلمًا
فَغُرابُ الدُّجَى عَلى الدَّوحِ نَاعِبْ
لَستُ واللهِ ناسيًا مَا جَنَيتُمْ
صِرتُ مِنكُم كَالثَّلجِ في النَّارِ ذَائِبْ
بَينَ عَصرينِ ، أَيُّهَا الأَهلُ عِشتُمْ
دُونَ رُوحي ، فَإنَّني مَحضُ غَائِبْ !