#كومستير.. القضية الفلسطينية .. بوصلة السلام – شادن صالح – الأردن

0 2٬602

العالم الآن – بنظرة عامة للداخل الفلسطيني وفي ظل التناحر الضار بالقضية الفلسطينية بين فتح وحماس وعزل غزة وربط القرار فيها بالمال، إلى جانب ما نسميه حصار سياسي للضفة بهدف الضغط على القيادة لأهداف معروفة، وتهويد القدس وعزلها أيضاً نستطيع الإستنتاج الى صعوبة إجراء إنتخابات تشريعية والتي في الأحوال العادية تتطلب توافقاً وطنياً في الإجراءات والتوقيت وهذا ما لا يتوفر مع وجود الشرخ بين السلطة السياسية في غزة والسلطة في الضفة الغربية مما يجعل التوافق أمراً صعب المنال ومستهجناً أيضاً.، وما يزيد الأمر سوءاً خضوع غزة لحكم حماس التي لا تعترف بشرعية فلسطينية أساساً.
ما يزيد الأمر تعقيداً هو تراجع مشاركة الفصائل السياسية المعارضة تحديداً بعد تراجعها شعبوياً أيضاً.. ويبقى هذا الإنقسام برغم وجود القاسم المشترك بين كل هذه الجهات والتي يفترض أن يجمع عليها الجميع وهي القدس باعتبار أنها  من ثوابت الدولة الوطنية.
أما التناحر الإسرائيلي الفلسطيني فلا زلنا نرى تواصل العدوان الإسرائيلي على حساب الأرض والإنسان تزامناً مع تراجع الإلتزام بحل الدولتين لإصرار إسرائيل على محو هذا الحل من معادلات السلام وإعلان ترامب القدس عاصمة لإسرائيل مرتكباً بذلك مخالفة واضحة وصريحة لقرارات هيئة الأمم المتحدة ذات الخصوص ، لكن الإستهجان هو عدم وضوح موقف دولي محدد ومباشر ورادع لهذا القرار وغض النظر العربي الى حد ما لهذه المخالفة الأممية والذي إقتصر على الإستنكار والمعارضة وحسب، ما يترك في الأذهان صورة تواطؤ عربي إسلامي تجاه الرفض الشعبي الفلسطيني ما يشجع  الرئيس الأمريكي على إقناع  حلفائه وإبتزاز البعض بنقل سفارات بلادهم لمدينة  للقدس، وهذا تماماً ما سيجعل وحدة الصف في مواجهة هذا القرار صعبة ذلك أنمثل هكذا  حراك فلسطيني يحتاج لغطاء سياسي ونشاط  دبلوماسي وبالتالي دعم مادي  في مواجهة هكذا قرار، آخذين بعين الإعتبار أن دولاً عربيه أنفقت ملايين وربما مليارات الدولارات في سبيل تدمير دول عربية أخرى، ولذلك لم نر موقفاً عربياً حازماً وملزماً في إجتماع وزراء الخارجية العرب والإجتماع الإسلامي مثلاً والتي كانت قرارات هذه الاجتماعات متواضعة إذا ما قورنت بقرار ترامب بشأن القدس.
أما فيما يخص علاقة الخليج بإسرائيل والتي كانت تأخذ طابع السرية  عادةً بناء على طلبهم  بعيداً عن الأضواء بعكس إسرائيل والتي أناطت اللثام عنها  في أكثر من مناسبة، فقد بات من الماضي لأن التحركات الدبلوماسية الأخيرة كانت متزايدة وعلنية في إشارة لتأسيس علاقات دبلوماسية رسمية.
لقد أظهرت زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي لسلطنة عمان في أكتوبر الماضي والتي تعتبر الأولى من نوعها لزيارة رئيس إسرائيلي للسلطنة منذ عام 1996 تحركاً فعلياً لإقامة روابط مع دول الخليج ومنها البحرين ناهيك عن التسريبات الإعلامية الإسرائيلية  التي تمهد الى علاقات رسمية  بين إسرائيل والسعودية  قبل الإنتخابات الإسرائيلية في أبريل القادم .
ولكن مع استبعاد احتمالية خوض الولايات المتحدة أي تدخل عسكري في المنطقة وعدم وجود تعاون  أمني بين إسرائيل ودول الخليج وزيادة وتيرة التوتر في المنطقة مضيفاً إلى ذلك خلق خصامات جديدة مع إيران يصبح التكهن في نتائج هذه العلاقة أمراً صعباً.
أما بالنسبة لما يتعرض له الأردن من ” إبتزاز” فهو يهدف إلى الضغط عليه  لتمرير سيناريوهات السلام الأمريكية بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني والتي تمثلت جل هذه الضغوط بالجانب الإقتصادي. غير أن الدولة الأردنية مدركة تماماً الغاية من هذا الضغط المستمر كما أسلفنا في مقال سابق عن تصريحات الملك عبدالله بوحود هذا الضغط لقبول رؤيتهم  مقابل الدعم السياسي والإقتصادي الكامل للدولة الأردنية والذي كان قد  رفضه الملك في أكثر من مناسبة كان آخرها قبل أيام في الزرقاء حينما كرر موقف الأردن الثابت تجاه القدس وعودة النازحين  مع إعادة التأكيد  على عدم تغيير الموقف الأردني مهما كلف الأمر وبلغة حازمة وجازمة برغم التوجس في الشارع الأردني في الآونة الأخيرة من مخططات الرئيس الأمريكي.

جدير بالذكر أن ثمة  نخب سياسية أردنية ذهبت  إلى فرضية مختلفة مفادها أن صفقة القرن قد نفذت بالفعل على الأرض ولم يتبق منها سوى الإعلان الرسمي عن شكل مستقبل الهوية الأردنية. وهذا ما يرفضه كل من على الأرض الأردنية جملة وتغصيلاً لأنهم ضد حل الصراع الإسرائيلي إن لم تكن مصلحة الدولة الأردنية من أولويات هذا الحل..

في الختام إن التراجع والتباطؤ والتواطؤ تجاه القضية الأولى والمحورية في الشرق الأوسط لن يزيد الأمر إلا سوءً ..وأي بوصلة لا تشير إلى القدس فهي حتماً مشبوهة.

 

رابط مختصر:
مقالات ذات الصلة

اترك رد