ما الجديد في قمة تونس غير الإدانة والشجب والإستنكار
العالم الآن – على الرغم من أن التمثيل الرسمي فيها هو الأعلى من بين القمم الأخرى، إلا أن القمة العربية التي عقدت في تونس، الأحد، في ظروف بالغة الحساسية تحت مسمى “قمة العزم والتضامن” ، لا تبدو في بيانها الختامي مختلفة عن دوراتها السابقة التي اقتصرت على إصدار بيان تسوده لغة الخطاب دون وضع أي آليات لتنفيذ مخرجات ما اتفق عليه المجتمعون، خاصة ما يتعلق بالأزمات والخلافات بين الدول العربية.
ومع أن القضية الفلسطينية حازت الاهتمام الأكبر في كلمات القادة واجتماعات الوزراء، إلا أن ما صدر عن القمة العربية في بيانها الختامي لا يرقى إلى مستوى التهديدات الإسرائيلية “الجدية” فيما يتعلق بحق العودة للاجئين الفلسطينيين واستمرار الاستيطان وقضم الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية، وقضية السيادة الإسرائيلية بمباركة أمريكية على القدس وبعدها على مرتفعات الجولان السورية.
وقبيل القمة، تدارس وزراء الخارجية العرب منذ الثلاثاء، 26 مارس/آذار، نحو 20 مشروعا وملفا، منها أيضا، التدخلات الإيرانية في الشؤون العربية والأوضاع في الدول التي تشهد صراعات مسلحة، اليمن وليبيا وسوريا بما يتعلق بقرار الرئيس الأمريكي الاعتراف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان المحتلة منذ 25 مارس/ آذار، وعودة سوريا لمقعدها الشاغر في جامعة الدول العربية منذ عام 2011، والذي لم يدرج رسميا على جدول الأعمال رغم النقاشات التي دارت حوله.
وجاء في البيان الختامي أن “المصالحة الوطنية والعربية، تمثل نقطة البداية الضرورية لتعزيز مناعة المنطقة العربية وأمنها واستقرارها وتحصينها ضد التدخلات الخارجية”، في حين لا تزال المنطقة تعيش صراعات ونزاعات داخلية وخلافات بين دولها “فشلت” القمة العربية في وضع آليات للحد من تداعياتها.
تصدرت ملفات القضية الفلسطينية وقرار الرئيس الأمريكي بالاعتراف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان جدول أعمال القمة العربية على مستوى القادة في دورة انعقادها العادية الثلاثين في العاصمة التونسية.
ولا تنفرد قمة تونس عن سابقاتها من القمم العربية في تأكيد “المكانة المركزية للقضية الفلسطينية في العمل العربي، والعزم على مواصلة بذل الجهود من اجل إعادة اطلاق مفاوضات جادة وفعالة ضمن جدول زمني محدد تساعد على التوصل إلى تسوية تحقق السلام العادل والشامل” بين العرب وإسرائيل التي لا تزال ترفض المبادرة العربية للسلام حتى بعد مرور سبعة عشر عاما على إطلاقها في قمة بيروت العربية بينما تتمسك بها الدول العربية كسبيل وحيد يضع أسس “السلام العادل والشامل” الذي يقوم على حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية التي أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 19 ديسمبر/كانون الأول 2018 السيادة الاسرائيلة عليها مع ردود فعل عربية اكتفت ببيانات الرفض والتنديد.
وشدد “إعلان تونس” على “رفض جميع الخطوات والإجراءات الأحادية التي تتخذها إسرائيل، بصفتها القوة القائمة بالاحتلال لتغيير الوضع القانوني والتاريخي في القدس الشرقية، وقد تكون اتخاذ تدابير تتعلق بالجانب الإنساني للشعب الفلسطيني هو الأهم في بيان قمة تونس إذا استجابت الدول العربية لدعوة البيان لمواصلة تقديم “كل أشكال الدعم السياسي والمعنوي والمادي للشعب الفلسطيني وقيادته الشرعية الوطنية، ومنظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني”.
وحاولت تونس وفقا لمسؤولين، أن تكون القمة العربية قمة للمصالحة العربية وتوحيد الصفوف، إلا أن وقائع ما دار في الجلسات وتصريحات عدد من المسؤولين أوحت بإغفال القمة لأهم ملفات الخلافات العربية العربية، مثل الأزمة الخليجية بين قطر وأربع دول عربية، والقطيعة مع سوريا.
وتحدث مراقبون عن ضغوط أمريكية وغربية حالت دون مناقشة مسألة إعادة عضوية سوريا المعلقة في جامعة الدول العربية، بينما يتحدث مسؤولون في القمة عن أن عودة سوريا ما زال لا يحظى بالإجماع المطلوب قبل تحقيق تقدم في التسوية السياسية.
وفي البيان الختامي أكد القادة العرب على حق سوريا في “استرجاع الجولان وعلى لبنانية مزارع شبعا”، وتكليف وزراء الخارجية العرب بمواصلة “العمل على مجابهة القرار الأمريكي بشأن الجولان”. كما رفض القادة العرب في بيانهم الختامي “التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للدول العربية”.
البيان الختامي، أو “إعلان تونس”، أكد كذلك على رفض المحاولات الإسرائيلية للمساس بالرعاية والوصاية الهاشمية على المقدسات في القدس، والوصاية الهاشمية هي مهمة الأردن تاريخيا لرعاية وحماية وصيانة المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس.
ولا تزال هناك المزيد من التحديات أمام القادة العرب والتهديدات الخارجية للأمن القومي العربي، وهي التحديات التي أشار اليها معظم القادة العرب بينما خلا البيان الختامي عن أية إشارة لاتفاق القادة على آليات عملية لمواجهة تلك التهديدات سواء ما يتعلق بمجلس التعاون لدول الخليج العربية الذي تعصف بوحدته الأزمة الخليجية وتهدد بانهياره، وكذلك الصراع في اليمن والتهديدات التي تواجه مصر والسودان بما يتعلق بحقوقهما في نهر النيل، وكذلك الأزمة في ليبيا، وغيرها من القضايا والملفات التي بدت أنها أكثر تعقيدا من إمكانية مواجهتها عربيا في ظل حالة التشرذم والانقسام بين دول منظومة جامعة الدول العربية.
” الأناضول “