برنامج يثير غيرة الزوجات في العراق ومطالبات بإيقافه
العالم الآن – لم تكد نقابة للصحفيين في العراق تتقدم بطلب إيقاف برنامج تلفزيوني معروف، حتى علت كثير من الأصوات المؤيدة لإيقاف البرنامج الذي بدأ عرضه قبل عام ونصف.
والسبب “إساءته” للمرأة في العراق، كما ترى النقابة الوطنية للصحفيين، التي شاركها الرأي كثيرون من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي.
أكثر ما أزعج العراقيين كان فقرة في برنامج “طباب خير” الأسبوعي على قناة الرشيد الخاصة، يعرض فيها مقدم البرنامج عمر محمد على أزواج في مركز تجاري المشاركة بلعبة، ترصد للفائزين عدة جوائز، بينها أجهزة تلفزيون.
ويبدأ “التحدي” بطلب أن تمسح الزوجة كل مستحضرات التجميل عن وجهها. ويُصحب الزوج إلى غرفة يتم فيها تصفيف شعره وإلباسه حلة بحيث يبدو كـ”عريس”، ثم يخرج متأبطا شابة ترتدي فستان زفاف وقد استخدمت مساحيق التجميل. ويكتمل المشهد برقص الزوج مع “العروس” بينما تشاهد الزوجة ما يجري. ويمكن لأي من الزوج أو الزوجة إيقاف اللعبة في أي وقت، لكنهما سيخسران “التحدي”.
وأحيانا تُستفز الزوجة لدرجة أن تقوم بدفع الممثلة/العروس التي تمسك بزوجها، الذي يبدو في كثير من الأحيان غير منزعج من الموقف، بل حتى سعيد بحجم الاهتمام المنصب عليه. وغالبا ما تظهر الممثلات وهن يضحكن من رد فعل الزوجة.ترفض شمس محمد، وهي ناشطة مدنية في منظمة حقوق المرأة العراقية، الطريقة التي يصور بها البرنامج المرأة.
وتقول “فكرة البرنامج إثارة غيرة المرأة بالمواقف المهينة تحت إطار الكوميديا وجعل الزوجين أضحوكة! بصراحة الموضوع مو مستاهل (لا يستحق)؛ لا الرجل يقبل أن تتعرض زوجته لمواقف كهذه، ولا مستاهل المرأة تهين نفسها وتوصل لمرحلة ذرف الدموع بسبب التعرض لمواقف استفزازية مثل الغيرة، والمقابل هدية مثل شاشة تلفاز! المفروض مشاعرنا وكرامتنا تكون أغلى. الزواج منظومة مقدسة، ليش الاستخفاف بها بالشكل المهين”.ويحظى البرنامج بمعدلات مشاهدة عالية، وفقا لما يظهر على موقع القناة على يوتيوب وكذلك على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي. وتترواح معدلات المشاهدة للحلقة بين عشرات الآلاف وحتى قرابة مليوني مشاهدة على موقع يوتيوب.
ويتغير مضمون المسابقة بين حين وآخر. فمرة سُئل أزواج وزوجات مشاركين: “متى يجب أن يتزوج الرجل بعد وفاة الزوجة؟”. وكانت الأجوبة في الغالب لصالح الزوج، ولو من باب المزاح. “بعد ثلاثة أيام”، كانت إحدى الإجابات. ومن الأسئلة الأخرى الموجهة للزوجة: “هل تفضلين سفر زوجك لخمس سنوات أم زواجه عليك بأخرى؟”، أو أن يُسئل الزوج بحضور زوجته إن كان يود الزواج بأخرى أصغر سنا.
ويبدو أن الناس يتداولون الحلقات على وسائل التواصل الاجتماعي على نطاق واسع.
وسن السعداوي، وهي عراقية في الأربعين من عمرها ومقيمة في لندن منذ فترة طويلة، تقول إن صديقاتها أرسلن لها عبر مجموعة على فيسبوك مقطعا من إحدى حلقات البرنامج، تنتهي فيه اللعبة برمي الزوجة كيسا على الممثلة التي تشارك المقدم في إغاظة الزوجة طوال الوقت وهي تتغزل به وهو يقف صامتا إلى جانبها، ممسكا بيد ابنهما.
تقول وسن “انقهرت عليها.. مو حلو إثارة غيرة المرأة. كانت تعليقات غالبية صديقاتي على فيسبوك ‘خطية شو صار فيها ‘”.بدأ بث برنامج “طباب خير” (بمعنى فاعل خير) قبل أكثر من عام ونصف، وهو برنامج أسبوعي يعرض كل يوم سبت، وهذا الموسم الثالث له.
وفي 1 أبريل/ نيسان، أصدرت النقابة الوطنية للصحفيين العراقيين، وهي نقابة مختلفة عن نقابة الصحفيين العراقيين الأقدم في البلاد، بيانا طالبت فيه بإعادة النظر في صياغة فكرة البرنامج، أو إيقافه.
وعن سبب ذلك، قال حيدر الميثم، مسؤول وحدة الرصد بالنقابة، إن “هكذا برامج تسيء للعائلة العراقية بصورة عامة والمرأة بصورة خاصة”.
لكن مقدم البرنامج عمر محمد مقتنع بأن ما يقدمه هو “دعم” للمرأة، ويقول إن مجرد إظهاره للمرأة العراقية على التلفزيون يعد تحديا للمجتمع.
وفي حديث لبي بي سي، قال عمر “برنامج طباب خير، برأيي، أعطى حرية كاملة للمرأة بأن تعبر عن غيرتها على زوجها، وأن تعبر عن حبها لزوجها ومدى ثقتها به رغم المشاهد التمثيلية. في حلقات كثيرة الزوجة هي من رقصت مع الزوج بدلا من الممثلة”.
ويضيف “نحن مجتمعات ذكورية، تعطي الحق للرجل أن يذهب للمقاهي وأن يدخن النرجيلة وأن يتجول في المولات وأن يظهر على التلفاز، لكن إن ظهرت المرأة (على التلفاز) فيعتبرون أن الرجل ‘عديم غيرة ‘. أنا من خلال البرنامج أعطيت المرأة الحرية أن تظهر مثلها مثل الرجل وأن تعبر عن حبها”.
وعند سؤاله عما إذا كان البرنامج يكرس صورة نمطية تحصر المرأة بدور الزوجة، بغض النظر عن آرائها واهتماماتها ودورها في المجتمع، أجاب عمر “صدقيني في مجتمعنا يرفضون ظهور المرأة والزوجة على التلفاز، اقرأي التعليقات. أنا أريد أن أكسر الحواجز كلها. للرجل حقوق، وللمرأة أيضا حقوق متعادلة معه”.
ويقول إن نسبة كبيرة من المشاركين بالبرنامج يعرفون طبيعته ويذهبون للمركز التجاري للمشاركة فيه، وأن كثيرين يجدونه “طريفا” لابتعاده عن الأخبار السياسية.
عمر محمد يقول إن القناة لن ترد على النقابة الوطنية العراقية، مضيفا “هذا التصريح الذي أثير على وسائل التواصل الاجتماعي، أرى شخصيا أنه كان غير مدروس، وربما لم يكونوا على علم بطبيعة البرنامج وطريقة الطرح. لسنا ملزمين بالرد”.
لكن النقابة الوطنية للصحفيين ستوسع مطالبها، وفقا لحيدر الميثم، الذي يقول إن هناك برامج كثيرة “غير هادفة، وهدفها جذب المشاهدين (فقط)”.
تقول شهد العزاوي، وهي شابة عراقية تعيش في بغداد وتعمل في مجال الهندسة الطبية “قبل 2003 كان الإعلام محدودا، أما بعد الحرب فكثرت القنوات الفضائية والبرامج. لكن في الوقت ذاته أصبح الإعلام المقدم غير انتقائي، خاصة مع سفر كثير من الكفاءات”.
“لا نرى صورة صحيحة عن العراق والعراقيات. هناك نساء كثيرات ناجحات في مجالاتهن في الفن والإعلام وعلى يوتيوب مثلا.. لكن لا نراهن على شاشات التلفاز”.
“BBC “