إحتياطات أرامكو تكفي لنصف قرن وتزيح كبرى الشركات من منافسة الأرباح
العالم الآن – عندما تكشف “أرامكو” السعودية، أكبر شركة منتجة للنفط في العالم، عن نتائجها المالية خلال العام 2018، فليس من المستغرب أن يضعها ذلك على عرش أرباح الشركات النفطية في العالم لا سيما بين عمالقة قطاع الطاقة أو بين كبريات الشركات العالمية الأعلى ربحية، وذلك استناداً إلى مواردها المالية الكبيرة ومخزونها الضخم من النفط الذي يعد أحد أكبر الاحتياطيات دوليا.
هذه هي المرة الأولى التي يعلن فيها عملاق النفط السعودي عن أرباحه منذ نحو 50 عاماً، وكان الإفصاح عن الأداء المالي لـ”أرامكو” أحد أكبر الأسرار المحتفظ بها في قطاع النفط، لكن في الوقت الذي تدخل فيه سوق السندات الدولية للمرة الأولى في تاريخها فإنها تحتاج إلى اطلاع المستثمرين على قيمة أرباحها والكيفية التي تعمل بها.
وارتفعت أرباح “أرامكو” بنسبة 46.3% إلى 416.5 مليار ريال (111.1 مليار دولار)، مقارنة بنحو 284.6 مليار ريال في 2017، نتيجة ارتفاع متوسط بيع سعر النفط بنسبة 33% إلى 70 دولارا للبرميل مقابل 52.7 دولار في 2017. وتظهر البيانات المالية لـ”أرامكو” تسجيل مستويات أصول وإيرادات “تريليونية” بنهاية العام الماضي، إذ بلغت الإيرادات 1.18 تريليون ريال كما ارتفعت الأصول لتبلغ 1.35 تريليون ريال.
وسجلت الإيرادات نمواً بنسبة 41.4% في 2018 إلى 1.18 تريليون ريال (314.6 مليار دولار) من 836 مليار ريال في 2017. وزادت الأصول بنسبة 22.1% إلى 1.35 تريليون ريال (360 مليار دولار)، مقارنة بنحو 1.1 تريليون ريال في 2017. وبلغت إيرادات “أرامكو” من عمليات المنبع 217 مليار دولار، ومن عمليات المصب 139 مليار دولار. وبلغت التدفقات النقدية الحرة 86 مليار دولار في نهاية 2018.
ويرى خبراء أن “إعلان أرباح (أرامكو) يعد عامل قوة إضافي في الأسواق العالمية لا سيما مع دخولها سوق السندات الدولية للمرة الأولى في تاريخها”.
ووفقاً لرصد أجرته “إندبندنت عربية”، تعادل أرباح “أرامكو” خلال العام الماضي ضعف أرباح شركة “آبل” الأميركية العملاقة، والتي تعتبر ثاني أكبر شركة في العالم، بأرباح 59.4 مليار دولار في العام الماضي.
كما تفوقت أرباح “أرامكو” على ثاني وثالث أكبر شركتين في العالم مجتمعتين، وهما “آبل” و”البنك الصناعي والتجاري الصيني”، أكبر بنك تجاري في الصين وأكبر مصرف في العالم من حيث الأصول، البالغ أرباحه 45.2 مليار دولار، ليبلغا معا 104.6 مليار دولار. وعند مقارنة أرباح “أرامكو” بالشركات الكبرى المنافسة حول العالم، يتفوق العملاق السعودي على أكبر خمس شركات نفط في العالم مجتمعة وهم: “أكسون موبيل” و”شيفرون” الأميركيتين، و”بريتش بيتروليوم” البريطانية و”توتال” الفرنسية و”رويال داتش شيل” البريطانية-الهولندية، البالغ أرباحها مجتمعة 80 مليار دولار.
وتعادل أرباح “أرامكو” نحو أربعة أضعاف أرباح “رويال داتش شل”، أكبر شركة نفط مدرجة في العالم بقيمة 23.4 مليار دولار في نفس العام، فيما تزيد على خمسة أضعاف أرباح شركة “إكسون موبيل”، أكبر شركة نفط أميركية، البالغة 20.8 مليار دولار ، وعلى المستوى المحلي تعادل أرباح الشركة نحو أربعة أضعاف إجمالي أرباح الشركات السعودية المدرجة في سوق الأسهم خلال العام الماضي وعددها 164 شركة، والبالغة 28 مليار دولار (105 مليارات ريال).
موقع متفرد باحتياطيات قياسية بين عمالقة قطاع الطاقة
من جهته، قال وضاح الطه، الخبير الاقتصادي وعضو الجمعية العالمية لاقتصاديات الطاقة، إن “احتياطيات (أرامكو)، التي تعتبر جوهرة تاج الاقتصاد السعودي، من النفط والغاز تجعلها في موقع متفرّد عن عمالقة قطاع الطاقة حول العالم، علاوة على تمتعها بالعديد من نقاط القوة، أبرزها: مستوى ربحية قوي وسيولة مرتفعة مع مديونية متدنية قياسا إلى التدفقات النقدية”. وبحسب البيانات المالية لـ”أرامكو”، تتمتع الشركة بمستويات مرتفعة من النقد من العمليات، بلغت 121 مليار دولار، وهو ما يتجاوز النقد لدى “أكسون موبيل” الأميركية بأكثر من 3 مرات، كما تجاوزت النفقات الرأسمالية 35 مليار دولار، مقابل 26 مليار دولار لـ”إكسون”، و23 مليار دولار لـ”شل”.
وأشار الطه أن ارامكو ما يزال امامها الاستفادة من من الفرص الجديدة التي لم تستغل بعد بالمستوى المطلوب وخصوصاً في مجال الغاز، بالإضافة إلى مزيد من التوسعات في قطاع البتروكيماويات بعد الاستحواذ على حصة الأغلبية في (سابك) في إطار التحول إلى شركة طاقة وكيماويات عالمية متكاملة”.
وبيّن الخبير الاقتصادي وعضو الجمعية العالمية لاقتصاديات الطاقة أنه “من الأفضل لـ(أرامكو) طرح حصص من مشروعات وقطاعات تابعة للشركة خصوصا قطاعي التكرير والكيمياويات كبديل لأي عملية إدراج محتملة للشركة الأم”.
أرباح شركة أرامكو تظهر قوتها في الأسواق العالمية
إلى ذلك، قال إيهاب رشاد، الرئيس التنفيذي لشركة «الصفوة مباشر» للخدمات المالية بدبي، إن “إعلان أرباح أرامكو يظهر قوتها في الأسواق العالمية، لا سيما مع دخولها سوق السندات الدولية للمرة الأولى في تاريخها”، وأضاف أن “أرامكو تتمتع بأعلى تصنيف ائتماني ضمن الشركات المصنفة عالمياً في الفئة (أيه أيه أيه)- التصنيف الأعلى، استناداً إلى مواردها المالية الكبيرة، ومخزونها الضخم من النفط يعد أحد أكبر احتياطيات النفط والغاز في العالم”. وحصلت أرامكو على تصنيف ائتماني A1 من موديز وA+ من فيتش، قبيل طرح تدور آجال سنداته بين ثلاث سنوات و30 عاما.
ولفت الرئيس التنفيذي لشركة «الصفوة مباشر» للخدمات المالية، إلى أن “أرامكو تتمتع بميزة تنافسية قوية مقارنة بعمالقة الطاقة حول العالم، وهي انخفاض كلفة الإنتاج، حيث تشير التقديرات إلى أن تكلفة إنتاج برميل من النفط على أرامكو لا يتعدى الدولارات مقابل نحو 20 دولاراً للبرميل لإكسون وشل”.
وتوقعت أرامكو، وفقاً لنشرة إصدار السندات الخاصة بها، طرح أجزاء من أسهم شركات تابعة لها للاكتتاب العام بسوق الأسهم السعودية (تداول)، وهي شركات “أرامكو السعودية توتال للتكرير والبتروكيماويات” (ساتورب)، وفي شركة “ياسرف”، وهو المشروع المشترك بين أرامكو وسينوبيك تحت مظلة “مصفاة ينبع أرامكو سينوبك” في وقت لاحق. وأضافت أرامكو أنه من المتوقع أن تبيع جزءا من شركتها “صدارة” التابعة لها من خلال طرحها للاكتتاب العام بالسوق السعودية.
وأشارت مصادر لوكالة بلومبيرغ الأميركية إلى أن الطلب على السندات التي ستصدرها أرامكو، جذب استثمارات بنحو 3 أضعاف قيمتها، أي ما يعادل أكثر من 26 مليار دولار، في إشارة واضحة إلى وجود إقبال قوي على سندات أرامكو والتي تعتزم الشركة إصدارها بقيمة 10 مليارات دولار.
وإصدار السندات المزمع هو أول صفقة لـ”أرامكو” في الأسواق الدولية، والمرة الأولى التي تفتح فيها دفاترها أمام المستثمرين، وما تزال الشركة تخطط لإطلاق طرح عام أوليّ لأسهمها في 2021، من المتوقع أن يجمع 100 مليار دولار، بعدما أرجأته من عام 2018. ووقعت “أرامكو” أخيرأً اتفاقية شراء حصة أغلبية 70% في “سابك” من صندوق الاستثمارات العامة (صندوق الثروة السيادي السعودي)، في صفقة خاصة قيمتها 259.125 مليار ريال سعودي (69.1 مليار دولار).
ويأتي الاتفاق، الذي يهدف إلى الإسهام في دعم خطط أرامكو للنمو في قطاع البتروكيماويات، بعد نحو 9 أشهر من المباحثات بين أرامكو وصندوق الاستثمارات العامة، وهو ما أسهم في تأجيل الطرح العام الأولي المزمع لـ”أرامكو”، الذي تقدر قيمته بمليارات الدولارات. وتعتبر أرامكو ركيزة لقطاع الطاقة حول العالم ومزودا عالميا للطاقة ينتج برميلا من كل ثمانية براميل من الخام العالمي يومياً.
ويصل معدل إنتاج “أرامكو” من النفط في العام الماضي 10.3 مليون برميل يومياً، أي أقل من طاقتها الإنتاجية القصوى بنحو 1.7 مليون برميل، وفقاً لوكالة موديز.
وتقدر “أرامكو” احتياطاتها المثبتة من النفط بـ227 مليار برميل، واحتياطاتها من الهيدروكربون بـ257 مليار برميل من المكافئ النفطي، ما يكفي لأكثر من نصف قرن، وهو “مستوى عال ومريح”، بحسب وكالة “فيتش”.
” إندبندنت عربية “