ليبيا… فرقتهم العادات وجمعتهم بهجة العيد

0 261

العالم الآن – تزخر ليبيا بمخزون ثقافي وحضاري تظهر تجلياته في المناسبات والأعياد التي ترتسم فيها فسيفساء من العادات والتقاليد تختلف من مدينة إلى أخرى، ويحرص الليبيون على التمسك بمظاهر الاحتفال بعيد الفطر الذي لا تكتمل بهجته إلا بحضور الأطباق الزمنية والحلويات التقليدية، عادات تجعل لعيد الفطر نكهة يتميز بها الليبيون عن غيرهم من الدول الإسلامية.

“اندبندنت عربية” تستعرض طقوس عيد الفطر في مختلف ربوع ليبيا التي ما زالت صامدة أمام الغزو الثقافي الذي طرأ على الإرث الحضاري والاجتماعي في مختلف الدول الإسلامية.

“الزبون”

تبدأ مظاهر العيد في العاصمة الليبية طرابلس منذ ساعات الفجر الأولى حيث تبدأ النساء في تجهيز قاعة استقبال الضيوف وتعطيرها بالبخور، ويحرص الرجال على ارتداء “الزبون” وهو زي تقليدي لا تكتمل بهجة عيد الفطر إلا به، ويتكون من ثلاث قطع (بنطلون وقميص وفرملة مطرزة بخيوط الحرير)، ثم يقصدون ساحة الشهداء لأداء صلاة العيد، لتبدأ بعد ذلك معايدات الجيران والأقارب.

وتقول رجاء أبو شعالة إنه عند عودة أهل بيتنا، فإن أول طبق نجتمع عليه هو السمك، وهي عادة توارثناها عبر الأجيال اعتقاداً أن السمك يجلب الحظ الجيد باعتبار أن سكان المدنية العتيقة كانوا يمارسون مهنة الصيد.

“طبيخة البطاطا”

وتضيف “ثم نتناول القهوة العربية ومعمول التمر والكعك المالح والغريبة، وجميعها حلويات تقليدية تصنعها ربة الأسرة في المنزل قبل أيام من العيد”. وعادة ما تجتمع العائلات الطرابلسية في بيت الجدّ لتناول وجبة الغداء المتعارف عليها وهي “طبيخة البطاطا” بلحم الخروف.

“أساروف”

عادات عيد الفطر تختلف تماماً عند الطوارق الذين ينتشرون جنوب ليبيا، فبهجة العيد لا تكتمل إلا بصفاء القلوب وطلب المغفرة عن الأخطاء السابقة، ويستهل عيد الفطر بكلمة “أساروف” وتعني طلب المغفرة عن أي زلات بدرت، ويحرص طوارق مدينة غات جنوب ليبيا على إعداد “التارويث” وهي عبارة عن طبق من عشبة الملوخية، وهي أكلة تغيب طيلة الشهر الكريم لتعود في أول أيام العيد.

وينقل أسامة الثني، مراحل إعداد هذه الأكلة التقليدية التي تميز البيوت الطارقية في عيد الفطر، وهي عبارة عن عشبة تزرع محلياً وتجفف وتطحن ثم تطبخ مدة ست ساعات على نار هادئة لتقدم للزوار كافتتاحية للإفطار. وتؤكد خديجة عنديدي من طوارق مدينة أوباري أن الطبق المميز هو شوربة بلحم الخروف الذي يذبح قبل ليلة من عيد الفطر، ويقع توزيع هذه الأكلة على الأهل والجيران، وهي عادة اجتماعية يحرص على إحيائها طوارق أوباري كل عيد فطر.

“شرشي”

وتتجلى مظاهر عيد الفطر عند أمازيغ ليبيا بمدينة يفرن الجبلية بنهوض النساء قبل تكبيرات صلاة العيد لإيقاد التنور (فرن تقليدي من الطين) وتجهيز صنفين من الخبز، الأول يعرف بـ “أغروم ين فيرنو” وهو خبز مخمر للإفطار الصباحي، والصنف الثاني هو خبز “شرشي” غير المخمر، ويكون قوامه سميكاً يؤكل مصحوباً بمرق البصل ولحم الخروف في الغداء.

ويؤكد سليمان قشوط، وهو أمازيغي من مدينة يفرن الجبلية، أن نكهة العيد لا تحلو إلا بالعكعك الأصفر بحجم القلائد الكبيرة الذي يطبخ في فرن التنور، مضيقاّ أنه لا يمكن أن يستقيم العيد كذلك إلا بتربع طبق “أغرويطرز” المكون من الفطائر الرقيقة المقطعة إلى أجزاء صغيرة محلاة بالسكر أو العسل وزيت الزيتون والزبيب، لتكتمل مظاهر العيد بتبادل الزيارات وتقديم عيدية (مال) للأطفال.

توحيد الانقسام

ونجح هلال عيد الفطر هذه السنة في توحيد الانقسام بين حكومة طرابلس وحكومة بنغازي، إذ أعلنت الأولى الأربعاء الخامس من يونيو (حزيران) يوم عيد، في حين أكدت حكومة الشرق الليبي أن العيد يتزامن مع يوم الثلاثاء، وثبتت رؤية الهلال جنوب ليبيا لتتراجع دار الإفتاء بحكومة الوفاق في ساعات متأخرة من الليل معلنة أن الثلاثاء هو أول أيام عيد الفطر المبارك.

” اندبندنت”

رابط مختصر:
مقالات ذات الصلة

اترك رد