تقرير يحذر من العد العكسي لنهاية العالم عام 2050

0 274

العالم الآن – رسم تقرير أسترالي صورة مرعبة لسيناريو كارثي للبشرية إذا لم نشرع في التعامل مع التغييرات المناخية.

لمح التقرير إلى أنه بحلول عام 2050 ربما تتعرض أنظمة المناخ العالمي لأضرار لا يمكن التغلب عليها وتؤدي إلى عالم من الفوضى، يصبح فيه الذعر السياسي هو القاعدة ويضعنا على الطريق نحو نهاية الحضارة.

وذكر خبراء أن أسوأ ما يتعلق بالتقرير أنه يعتبر نظرة هادئة وعقلانية لمدى التردي الذي قد يصيب كوكبنا ومدى سرعته إذا لم يتوقف البشر عن إطلاق الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري.

من بين هؤلاء الخبراء آدم سوبيل، بروفسور الفيزياء التطبيقية والرياضيات بجامعة كولومبيا في مدينة نيويورك والذي يدرس ديناميكيات المناخ والغلاف الجوي، والذي قال: «لا تبدو هذه السيناريوهات مستبعدة من وجهة نظري. ولا أرى أن هناك أي عنصر بها مفرط في الجنون أو الخيال».

كان التقرير قد صدر عن مؤسسة فكرية مستقلة في أستراليا تدعى «بريكثرو ناشيونال سنتر فور كلايمت ريستوريشن»، ويطرح سيناريو لعام 2050 في عالم لم يخفض البشر فيه انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون بما يكفي لمنع ارتفاع درجات الحرارة.

تجدر الإشارة إلى أن اللجنة الدولية للتغيرات المناخية التابعة للأمم المتحدة نشرت تقريراً العام الماضي أكدت خلاله ضرورة تحرك دول العالم بسرعة نحو الحد من استخدام الوقود الحفري لإبقاء الارتفاع في درجات الحرارة دون مستوى 1.5 درجة سيليزية. وذكر التقرير ضرورة أن يبدأ التحول بعيداً عن الوقود الحفري الآن ويستمر على مدار الـ20 عاماً المقبلة.

أما التقرير الأسترالي، فقد رسم صورة العالم حال عدم تحقيق ذلك وارتفاع درجات الحرارة بمقدار 3 درجات سيليزية أو أكثر، ما يعادل ارتفاعاً بقيمة 5.4 درجة فهرنهايت. وبينما قد لا يبدو هذا ارتفاعاً كبيراً، فإنه من المتوقع أن ينجم عنه على المستوى العالمي تحولات كبرى وكارثية في المناخ والزراعة، بل وإمكانية سكنى البشر في بعض المناطق.

وعلق سوبيل على ذلك بقوله: «ارتفاع درجات الحرارة بمقدار ثلاث درجات سيليزية بحلول عام 2100 يعد تقديراً متوسطاً، فهو ليس متطرفاً ويبدو معقولاً تماماً».

وقال واضعو التقرير إن السيناريو الذي رسموه يطرح لمحة لعالم من «الفوضى الكاملة» في طريقه نحو نهاية الحضارة البشرية والمجتمع الحديث كما نعرفهما، وتصبح في إطاره تحديات الأمن العالمي هائلة ويتحول الذعر السياسي إلى العرف السائد».

– ويسير السيناريو الذي رسموه على النهج التالي:

خلال السنوات المؤدية إلى عام 2050. يخفق صانعو السياسات في تقليص انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري. وتتعرض الحجة الداعية للتعبئة المناخية العالمية الطارئة إلى «تجاهل مهذب». تصل انبعاثات الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري لذروتها عام 2030 وتبدأ في التراجع لاحقاً بسبب انخفاض معدلات استخدام الوقود الحفري، لكن الضرر يكون قد وقع بالفعل ويصل ارتفاع درجات حرارة الأرض إلى 3 درجات سيليزية.

بحلول عام 2050، يرتفع منسوب مياه البحار بمقدار 1.6 قدم، ومن المتوقع ارتفاعه بما يصل إلى 10 أقدام بحلول عام 2100.

عالمياً، يعيش 55 في المائة من البشر في مناطق تتعرض لأكثر عن 20 يوماً من الحرارة القاتلة سنوياً، ما يتجاوز قدرة للبشر على البقاء.

تعاني أميركا الشمالية من تقلبات مناخية مدمرة منها حرائق غابات وموجات شديدة الحرارة وجفاف وفيضانات. وتنحسر المياه في الأنهار الكبرى بآسيا بسبب فقدان أكثر من ثلث الغطاء الجليدي لمنطقة الهيمالايا. وينجم عن ذلك تشريد مليار شخص.

وبالتوازي مع ذلك، فإنه في غضون 30 عاماً من اليوم تنهار الأنظمة البيئية المرتبطة بالشعاب المرجانية والغابات المطيرة في الأمازون، وبالتالي تتضرر نشاطات الصيد ومعدلات الأمطار.

وبسبب ارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات قاتلة، تصبح الكثير من المناطق غير صالحة لسكنى البشر ويتعرض أكثر من مليار شخص في غرب أفريقيا والمناطق الاستوائية من أميركا الجنوبية والشرق الأوسط وجنوب شرقي آسيا للتشريد.

ويعاني 2 مليار نسمة على الساحة العالمية من نقص المياه ويتراجع إنتاج الطعام بمقدار الخمس بسبب الجفاف وموجات الحرارة العالية والسيول والعواصف التي تؤثر على المحاصيل.

وبسبب ارتفاع منسوب مياه المحيطات تصبح بعض أكثر مدن العالم ازدحاماً بالسكان غير صالحة للمعيشة، منها مومباي وجاكارتا وكانتون وهونغ كونغ وشنغهاي ولاغوس وبانكوك ومانيلا. ويصبح من الضروري إعادة توطين المليارات من السكان.

ويؤدي ذلك إلى اشتعال نزاعات حول الأراضي والموارد والمياه وربما يسفر عن اندلاع حروب وتعرض مناطق للاحتلال.

– كل ما ورد ممكن الحدوث

من جهتهم، أعرب خبراء عن اعتقادهم بأن السيناريوهات الواردة بالتقرير جميعها محتملة للغاية. من بين هؤلاء جوناثان باتز، الطبيب ومدير «معهد الصحة العالمية» التابع لجامعة ويسكونسن ـ ماديسون، وعكف على دراسة العواقب الصحية لارتفاع درجات حرارة الأرض على مدار عقدين.

وعن هذه الدراسة، قال باتز: «هناك دراسات أخرى تتوقع تعرض ضعف هذا العدد لمخاطرة الجوع بحلول منتصف القرن بسبب الجفاف. وتتوقع تفشي أوبئة معدية مثل الملاريا وحمى الضنك وفيروس زيكا. وقد يسفر ذلك عن موجات هجرة اضطرارية ومشكلات هائلة فيما يخص اللاجئين».

وأشار إلى أنه قبيل اشتعال الحرب الأهلية السورية عام 2011. تسببت واحدة في أقسى موجات الجفاف القياسية بالمنطقة إلى ارتفاع معدلات الهجرة من الريف إلى الحضر إلى أربعة أضعاف المعدل الطبيعي ووقوع أعمال شغب بسبب نقص الطعام.

من جهته، قال ديفيد دونيغر الذي يتولى إدارة برنامج المناخ لدى «مجلس الدفاع عن الموارد الطبيعية»، وهو منظمة بيئية غير هادفة للربح مقرها مدينة نيويورك: «إننا بدأنا بالفعل في تذوق مثل هذه التطورات المروعة».

وأشار إلى الظروف المناخية المتطرفة التي أسفرت عن فيضانات تاريخية في منطقة الغرب الأوسط هذا العام، وحرائق الغابات الضخمة التي اشتعلت العام الماضي والعواصف التي هبت على مختلف مناطق البلاد. وأضاف أنه يتعين علينا تخيل تكرار مثل هذه الظواهر على المستوى العالمي.

جدير بالذكر أنه في ديسمبر (كانون الأول) الماضي تعرضت أستراليا لموجة شديدة الحرارة حطمت الأرقام القياسية وتجاوزت درجات الحرارة 120 درجة ببعض المناطق.

وقال: «ستتفاقم كل هذه الأمور. وسيضطر الناس إلى الهجرة أو الموت. وسيزداد كل ذلك سوءاً ويؤدي إلى تفاقم التوترات السياسية وزعزعة الاستقرار».

وأكد سولومون هسيانغ، الذي يدرس اقتصاديات التغييرات المناخية ويتولى إدارة «غلوبال بوليسي لابوراتري» التابع لجامعة كاليفورنيا ـ بيركلي، أن الولايات المتحدة ليست محصنة ضد أي من هذه التطورات المريعة. وقد خلص من خلال أبحاثه إلى أن الدول التي تتسم بطقس أكثر برودة مثل كندا وروسيا ربما تستفيد من ارتفاع درجات الحرارة لأنها سوف تتمتع بمساحات أكبر من الأراضي الصالحة للزراعة، لكن هذا القول لا ينطبق على الولايات المتحدة التي «تعتبر بالفعل مفرطة في الحرارة على نحو لا يؤهلها للخروج فائزة من أزمة ارتفاع الحرارة».

ومن المتوقع أن يشهد جنوب شرقي الولايات المتحدة ومنطقة الغرب الأوسط عواصف أكبر وأقوى وظروف مناخية متطرفة، ما يؤدي إلى حدوث سيول وتدير منازل والإضرار بالزراعة. وسيتعرض الغرب لموجات جفاف وحرائق غابات أكثر.

وكشفت الأبحاث التي أجراها هسيانغ أن هناك احتمالات بنسبة 20 في المائة تقريباً أن تصبح ظروفاً مناخية شبيهة بفترة «قصعة الغبار» قد تصبح مستمرة. جدير بالذكر أنه بين عامي 1935 و1938 وقعت حالة من الجفاف الشديد واجتاحت عواصف من الغبار المنطقة الممتدة من تكساس حتى نبراسكا، وقتلت في طريقها الماشية ودمرت المحاصيل. ووصل الغبار الذي أثارته العواصف حتى مدينة نيويورك.

– نملك التكنولوجيا

في الوقت ذاته أشار علماء إلى أن النبأ السار هنا أننا نملك التكنولوجيا اللازمة للتحول إلى منظومة طاقة لا تطلق غاز ثاني أكسيد الكربون من اليوم.

وقال باتز: «لسنا في انتظار الحلول، وإنما ببساطة في انتظار الإرادة السياسية لإدراك أن الحلول متاحة. الطاقة النظيفة ليست أمراً علينا انتظاره، وإنما علينا تنفيذه». كما أن مثل هذه المهام الكبرى ليست غير مسبوقة، فقد أشار هسيانغ إلى التحولات الاقتصادية الهائلة التي عاونت في خوض الحرب العالمية الثانية. وقال: «سبق وأن جابهنا أخطاراً حقيقية وكنا على استعداد لخوض مثل هذه التغييرات الضخمة».

وقال إن القرارات التي نتخذها اليوم ستتذكرنا بها الأجيال القادمة.

وأوضح أنه: «مثلما ننظر إلى الماضي اليوم ونشعر بالفخر إزاء ما فعله أجدادنا للدفاع عن الديمقراطية ـ سينظر إلينا أحفادنا ويشعرون بما كنا نفعله اليوم». واستطرد بأن: «طبيعة هذه المشاعر ستعتمد على ما نقرره اليوم».

*خدمة: «يو إس إيه توداي»

رابط مختصر:
مقالات ذات الصلة

اترك رد