هيئة تنظيمية أميركية تغرّم «فيسبوك» 5 مليارات دولار
العالم الآن – وافقت لجنة التجارة الاتحادية الأميركية (إف تي سي) على تسوية قيمتها نحو 5 مليارات دولار مع «فيسبوك» بشأن تحقيقها في طريقة تعامل شركة التواصل الاجتماعي مع بيانات المستخدمين، وهي أعلى عقوبة تفرضها على شركة إلكترونية، وذلك بتهمة خرق وعد سابق مع الحكومة بتحسين تكنولوجية الخصوصيات.
وقالت مصادر إخبارية أميركية، أمس (السبت)، إنها ليست أول مرة تغرم فيها الحكومة الأميركية «فيسبوك»، لكن غرامة هذه المرة تزيد بأكثر من 200 ضعف على آخر غرامة فرضت على موقع التواصل الاجتماعي.
وأعلنت العقوبة بعد أن صوت أعضاء اللجنة التجارية على التسوية. لكن، جاء التصويت حزبياً، إذ أيد العقوبة جمهوريون، وعارضها ديمقراطيون. وأثناء نقاش اللجنة، حذر الديمقراطيون من أن الحكومة تتعمد معاقبة «فيسبوك» كجزء من انتقادات الرئيس دونالد ترمب لشركات التواصل الاجتماعي الإلكترونية، واتهامها بالليبرالية والتقدمية وبمعاداة سياساته، ومعاداته هو شخصياً. لكن، مع دعم الجمهوريين الثلاثة، وتصويت الديمقراطيين الاثنين ضدها، فرضت الغرامة.
وقالت المصادر لصحيفة «وول ستريت جورنال» إن قرار العقاب سيرفع إلى وزارة العدل، «التي يجب عليها، عادة، وضع اللمسات الأخيرة على مثل هذه العقوبات، لكن نادراً ما قامت وزارة العدل بتغييرها». وقال ديفيد فلاديك، مدير سابق في اللجنة الفيدرالية: «يبدو واضحاً أن هذا المبلغ كبير جداً. ويرسل إشارات واضحة إلى عمالقة التكنولوجيا في العالم، مثل (غوغل)، و(تويتر)، و(آبل)، و(مايكروسوفت)». وأضاف أن الوقت مبكر لمعرفة تفاصيل العقاب، ولمعرفة كيف سترسم لجنة التجارة خريطة طريق مستقبلية لهذه الشركات. لكن، رغم ميول كبار المسؤولين في هذه الشركات إلى الحزب الديمقراطي، يريد نواب ديمقراطيون في الكونغرس وضع قوانين تحكم هذه الشركات، خصوصاً بعد دورها في تدخلات روسية في الانتخابات الأميركية، وبعد فشلها في وضع حد لانتشار رسائل الإرهاب والعنف، ليس فقط داخل الولايات المتحدة، ولكن، أيضاً، حول العالم. ويوم الجمعة، انتقد ديمقراطيون في الكونغرس غرامة الخمسة مليارات دولار بأنها «غرامة صغيرة مقارنة بأرباح (فيسبوك) الهائلة». وقال النائب الديمقراطي ديفيد سيسيلين إن الغرامة شكلت «صفعة» للشركة على اختراقها الخصوصية الشخصية.
وبدأ التحقيق مع «فيسبوك» العام الماضي بعدما اتضح أن شركة «كمبردج أناليتكا» للاستشارات القانونية، ومقرها لندن، التي كانت تعمل مع حملة الرئيس دونالد ترمب عام 2016 اطلعت على بيانات 87 مليون مستخدم. ورفضت المفوضية و«فيسبوك» تأكيد التقرير، ولكن عملاق التواصل الاجتماعي قال إنه يتوقع خسارة تصل إلى 5 مليارات دولار نتيجة للفضيحة في تقرير أرباح الربع الأول الذي نشر في أبريل (نيسان). ويركز التحقيق على ما إذا كان تبادل البيانات ونزاعات أخرى قد انتهكا اتفاقاً يرجع إلى عام 2011 بين «فيسبوك» والهيئة التنظيمية. وقال المصدر للصحيفة إن إعلاناً نهائياً بشأن التسوية قد يصدر الأسبوع المقبل. وذكرت «وول ستريت جورنال» أن من المتوقع أن تتضمن التسوية قيوداً حكومية على طريقة تعامل «فيسبوك» مع البيانات الشخصية للمستخدمين.
وبينما تواجه «فيسبوك»، التي يتابعها ملياران ونصف مليار شخص وربحت في العام الماضي 22 مليار دولار، تحقيقات في الكونغرس، قالت مؤسسات محايدة تراقب الإنترنت إنها توفر «تسهيلات إلكترونية» للمنظمات والأفراد الذين ينشرون التطرف والعنف.
وقبل 3 شهور، قالت وكالة الصحافة الفرنسية إن واحدة من هذه المؤسسات المحايدة، «المركز الوطني للحذر» في واشنطن العاصمة، كشف أن «فيسبوك» تشجع جماعات مرتبطة بالإرهاب، وذلك بتقديم تسهيلات إلكترونية يمكن للإرهابيين استغلالها. في ذلك الوقت، قالت «فيسبوك» إنها بدأت استخدام وسائل إلكترونية متطورة، وأنظمة للذكاء الاصطناعي في مواقع التواصل الاجتماعي لمراقبة النشاطات الإرهابية، وذلك لعدم نجاحها في أن تفعل ذلك بشرياً.
ونشر المركز الوطني للحذر تقريره بعد دراسة 5 شهور، شملت صفحات تضم 3 آلاف عضو، منهم من وضع علامة «لايك» (إعجاب)، ومنهم من تواصل مع منظمات توصف بأنها إرهابية من قبل الحكومة الأميركية. وتوصل المركز إلى أن تنظيمي «داعش» و«القاعدة» كانا «ناشطين علناً» في «فيسبوك»، وأن برنامج «فيسبوك» الجديد، بدلاً من زيادة كشف النشاطات الإرهابية، كان، في الواقع، يؤسس مقاطع فيديو «احتفالات»، أو «ذكريات»، للصفحات المتطرفة، وأن المتطرفين أقبلوا على البرنامج الجديد بسبب كثرة شعبيته، وميله نحو الإعلام الترفيهي. وقال تقرير المركز، المكون من 48 صفحة، إن «الجهود التي بذلها (فيسبوك) للقضاء على محتوى الإرهاب كانت ضعيفة وغير فعالة». وأضاف: «يثير القلق بشكل أكبر أن (فيسبوك) كانت تعمل على إنشاء محتوى إرهابي، والترويج له، من خلال نظام النشر التلقائي الذي طور مؤخراً».
” الشرق الاوسط”