#كومستير… أيامنا البيضاء – شادن صالح – الأردن

0 734

العالم الآن – بعض التفاصيل التي قد تبدو للوهلة الأولى غير مهمة أو حتى يجب نسيانها عندما نكبر تعتبر بالنسبة لي نسمة الهواء التي ترطب على روحي في يوم صيفي حار…..
تفاصيل لا يمكن تكرارها أو حتى محاولة استعادتها… .. فكل ما نستطيع فعله هو تذكرها دون حتى الحديث عنها…
كنت صغيرة وسط عائلة كبيرة ربما… وأبي كان بعيداً عما يجول في قلبي الصغير.. دائم الإنشغال بعمله تحت العنوان الشهير ‘ بشتغل عشان أأمن مستقبلكم ‘.. لم يعرف والدي ولا حتى أنا لجهلي ولصغر سني أن المستقبل لا يؤمن ولأن الوقت الذي سنكبر فيه سيأتي حاملاً معه همومه وحزنه….
أمي وكونها سيدة لبيت يضم تسعة أفراد غيرها كانت تحمل البيت في قلبها وكان هذا حملها الثقيل… فمهما حاولت من توزيع اهتمامها ووقتها علينا فلن يكون لي حصة استطيع فيها حتى الكلام…
في الواقع كنت أكره الأيام التي تقوم فيها أمي بطبخ صينية الباذنجان او الزهرة بالطحينة.. وأعبر عن استيائي بتمتمات خائفة وبصوت منخفض.. فتتنبه لي أمي وتقول ‘ بكفي رطن واحمدي ربك ‘…
لم يكن ل ‘ شمة الهوا ‘ عند والدي أهمية فدائماً هناك ما هو أهم من ‘ الروحات والجيات ‘.. حتى امي كلما طلبت منها زيارة إحدى صديقاتي ردت علي بنبرة غاضبة أعرفها للآن.. ‘ البنت الي بتزور وبتروح وتيجي هاي بنت مش كويسة ‘… لا أعرف لماذا ولا زلت أجهل الإجابة لكن هذا هو الرد الوحيد الذي كنت أسمعه…
اليوم وانا إبنة الثلاثينيات أسافر أيننا أردت وأزور صديقاتي وأخرج وأياهن ل’ شمة الهوا ‘ وتغيير الجو كلما أردت وآكل ما شئت أينما شئت بدون ‘ رطن ‘ . لكنني غريبة واشعر باستياء أكثر بكثير ولا أستلذ بطعم الولائم الفاخرة.. والهم كاد أن يفتك بقلبي الذي كبر أكثر مما توقعت..
لو أننا بقينا كما كنا ولم تؤمن لنا شيئاً يا بابا.. لو أنني بقيت تلك الطفلة المستاءة ولم أر ذلك المستقبل.. سأعود وآكل الزهرة بالطحينة وبدون تذمر.. ولكن دون هم.. دون هم

رابط مختصر:
مقالات ذات الصلة

اترك رد