مولر يتحول من مدع خاص يشكل تهديدا الى شاهد في موقف دفاعي

0 231

العالم الآن – بقي التهديد المبطن الذي كان شكله المدعي الأميركي السابق روبرت مولر يحوم لعامين فوق البيت الابيض، لكنه بدا مترددا وغير مرتاح وضعيفاً حين دُفِع به الأربعاء مرغماً إلى الحلبة السياسية.

ودعي المدير الأسبق للشرطة الفدرالية مولر (74 عاماً) للاستماع إليه للمرة الأولى في الكونغرس بشأن الشبهات بالتدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأميركية، وهي قضية حساسة جداً وقاد تحقيقاتها بكثير من التكتم.

واكتفى مولر بإجابات الحد الأدنى بصوت متردد، وكرر عشرات الأسئلة أو أحال بشكل مقتضب الإجابة على أخرى إلى التقرير الذي أعدّه عن التحقيق.

غير أنّه نشط لمرة واحدة دفاعاً عن فريقه. وقال “منذ 25 عاماً أقوم بهذا العمل”، و”لم اسال أبداً عن الانتماء السياسي للمحققين. وتابع أنّ ما يهم هو “قدراتهم” و”نزاهتهم”.

وأعاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي كان أعلن أنّه لن يشاهد جلسة الاستماع، نشر تغريدة لغيره على موقع تويتر، تعتبر الجلسة “كارثة” بالنسبة إلى مولر.

وخلال 22 شهراً، حقق مولر في شبهات بالتعاون بين روسيا وفريق حملة ترامب خلال الانتخابات الرئاسية عام 2016، من دون أن يكشف عن العناصر التي بحوزته.
وتوصل مولر في ملف من أكثر من 400 صفحة نشر في نيسان/ابريل إلى أنه لم يجد دليلاً حول تواطؤ مع روسيا، لكنه تحدث بالتفصيل عن سلسلة ضغوط مقلقة مارسها الرئيس الجمهوري خلال التحقيقات.

ورغم ذلك، فإنّه رفض البت في إجراءات المتابعة، مذكّراً بأنّه لا يمكن توجيه تهمة إلى رئيس خلال توليه منصبه.

ومذاك، يرفض الذهاب الى أبعد من ذلك، تاركاً الباب مفتوحاً على مروحة من التأويلات.

-“بطولة رصينة”-

يكبر مولر المولود عام 1944 ترامب بعامين فقط. هو جمهوري مثله، وترعرع في عائلة ميسورة في شمال شرق الولايات المتحدة وتلقى أيضاً تعليمه في مدارس مرموقة، لكن أوجه الشبه بين الرجلين تتوقف عند هذا الحد.

خلافا لترامب المندفع والحاضر بشكل كبير على وسائل الإعلام، يحافظ مولر على تكتم محسوب.

يرتدي ذو الشعر الشائب بزة سوداء دائما، ولا يسعى إلى لفت الأنظار.

في عام 2008، خلال خطاب لمناسبة الذكرى المئة لتأسيس مكتب التحقيقات الفدرالي (اف بي آي)، اقتبس مولر من لاعب كرة المضرب الأسود آرثر آش قوله إن “البطولة الحقيقية رصينة بشكل ملحوظ وبعيدة عن الاستعراض”.

منذ تعيينه مدعيا خاصا في التحقيق حول تواطؤ محتمل بين مقربين من الرئيس ترامب وروسيا، فضّل مولر البقاء في الظل، معبراً عن رأيه فقط بواسطة الوثائق القانونية التي لا يمكن الكشف عنها.
وترك لمساعديه مهمة التعامل مع الجمهور. لم يتواصل أبداً مع الإعلام، وترك للمتحدث باسمه تكرار التصريح الموجز “لا تعليق”.

وتعدّ الحقيقة بوصلة مولر، وروى أحد مساعديه السابقين في مكتب التحقيقات الفدرالي جون ميلر في حديث لمجلة “جي كيو” أن مولر “قال لي في أحد الأيام: +بغض النظر عمّا ستكشفه، تأكد بأنّه حقيقي+”.

وامتنع الرئيس ترامب عن مهاجمته مباشرةً، رغم تنديده بالتحقيق بحقه واعتباره “مطاردة شعواء” غير عادلة. وقد اتهمه بأنه “خارج عن السيطرة ومنحاز”، لكن تعليقاته ضد مولر كانت خالية من العنف المعتاد في تغريداته.

-11 أيلول/سبتمبر-

كان مولر ضابطاً في البحرية الأميركية وحاز على وسام لشجاعته في حرب فيتنام، عكس ترامب الذي أعفي من المشاركة في الحرب لأسباب صحية. كرس مولر بعد ذلك حياته للعمل في المؤسسات العامة.

بعد دراسته الحقوق، تولى منصب مدعي عام اتحادي، حيث حقق حينها بالإصرار نفسه في عصابات “هيلز أنجيلز” والمافيا وقضايا مصرفيين فاسدين.

كمساعد لوزير العدل خلال ولاية جورج بوش الأب، أشرف مولر على التحقيق في انفجار طائرة تابعة لشركة “بان آم” الأميركية فوق بلدة لوكربي في اسكتلندا عام 1988، أدى إلى مقتل 270 شخصاً.

وقد عين على رأس الشرطة الفدرالية قبل اسبوع فقط من اعتداءات 11 ايلول/سبتمبر 2001 وظل في منصبه طوال 12 عاما.

لكنه هدد عام 2004 بالاستقالة بسبب قرار الرئيس الاسبق جورج بوش الابن بعد 11 ايلول/سبتمبر اعتماد برنامج تنصت يتجاوز السلطات القضائية.

عند انتهاء ولايته عام 2011 بعد عشر سنوات من الخدمة، طلب منه الرئيس الديموقراطي باراك أوباما أن يبقى عامين إضافيين في رئاسة مكتب التحقيقات الفدرالي.

ووافق مجلس الشيوخ بالإجماع على تمديد ولاية مولر حينها، ما يدل على الاحترام الشامل الذي يحظى به.
” أ ف ب “

رابط مختصر:
مقالات ذات الصلة

اترك رد