بهجة العيد في فلسطين تنقصها القدرة على تحمل المصاريف
العالم الآن -لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك” عبارات تسمعها من المسجلات القديمة المنتشرة في محال البلدة القديمة في مدينة نابلس، إذا ما تجولت فيها مع اقتراب عيد الأضحى، أو عيد الخروف، أو المشاوي، فكلها أسماء عدة للمناسبة الدينية ذاتها، ففي هذا العيد تُذبح الخراف والعجول وتوزَع كصدقة على المحتاجين والفقراء، ويكثر تناول المشاوي فيه كطبق رئيس على موائد الكثيرين، إضافة إلى سمك الفسيخ الذي قد يحضر في وجبات الإفطار بخاصة لمَن يصوم يوم عرفة.
تبدأ طقوس العيد قبله بأيام، فالأسواق تزدحم بالمشترين والمتنزهين، وعلى جوانب الطرقات تجد باعة الحلويات والسكاكر وعربات المشاوي وزوايا الألعاب وتنزيلات المحال التجارية على الملابس والأحذية، في حين تعبق بعض الأحياء برائحة المعمول بالتمر والجوز واللوز.
ويتوافد الناس في صبيحة الأضحى لأداء صلاة العيد مع أصوات التكبيرات من المساجد، أما زيارة المقابر فتكون قبل الصلاة وبعدها، وفيها يوزع البعض بخاصة كبار السن، الحلويات عن روح فقيدهم، ويضعون أكاليل الورود على شواهد القبور، يلي ذلك زيارة الأقارب والأصدقاء، وهذه تكون إما بزيارة المنازل بيتاً بيتاً أو الاجتماع مع العائلة الممتدة في منزل أكبرهم لتمضية الوقت وتبادل العيديات.
أما الأطفال فيومهم مختلف قليلاً، إذ يكون ما بين محال الألعاب والأقارب والمطاعم لتناول المشاوي والبوظة وغيرها، فأحمد (10 سنوات) يمارس مع عائلته طقوس العيد الصباحية ثم ينطلق مع أصدقائه ولا يعود إلى المنزل إلا بعد أذان المغرب، أما لانا (12 سنة) فلا تمضي وقتاً كبيراً خارجاً، لأن أماكن الفتيات في قريتها محدودة
.
اليوم الثالث للتضحية غالباً
“شراء الأضاحي وتوزيعها لا يكون عادة في اليوم الأول، فالتضحية تكون غالباً في اليوم الثالث بعد انتهاء الناس من زيارة صلات الرحم” يقول أمير صوالحة، وهو ممَن يعملون في مجال بيع الخراف وذبحها، مضيفاً أنه “عادةً ما يتم توزيع الأضاحي بمبدأ الأثلاث، أي تحصل العائلة التي قدمت الأضحية على ثلثها، وثلث يذهب للأصدقاء والمعارف، والجزء الأخير صدقة للمحتاجين”.
انخفاض شديد في شراء الأضاحي
“لكن هذا العيد مختلف”، هذا ما أجمع عليه كل من التقينا بهم، فالأزمة الاقتصادية التي يمر بها الفلسطينيون نتيجة اقتطاع الحكومة الإسرائيلية أموال المقاصة، أثّرت بشكل كبير في استقبال الناس للعيد، فشراء الأضاحي ليس كما كل سنة، كما أشار صوالحة الذي لاحظ انخفاضاً كبيراً في إقبال الناس، بسبب غياب الأموال، فيما أوضح أحد اللحامين أن شراء الناس هذا الأضحى من أقل الأعياد، فالإقبال على ملحمته التي تقع في قلب البلدة القديمة انخفض إلى 10 في المئة مما كان عليه العام الماضي.
على الرغم من أن هذا العام شهد تراجعاً في الإقبال على الأضاحي، نتيجة عوامل عدة أبرزها أزمة المقاصة، التي تزامنت أيضاً مع اقتراب افتتاح المدارس، إلا أن طارق أبو لبن مدير عام التسويق الزراعي في وزارة الزراعة أوضح لـ “اندبندنت عربية”، أن نسب استيراد المواشي لم تنخفض عن العام السابق، مشيراً إلى أن الوزارة تعمد إلى استيراد الأضاحي من دول أخرى كالبرتغال وفرنسا بشكل دوري وليس فقط فترة العيد، من أجل سد العجز في السوق، لتكون بديلاً من تلك المستوردة من إسرائيل.
شكاوى متكررة من ارتفاع الأسعار
خلال تحضيرهم لعيد الأضحى اشتكى المواطنون من أن بعض المحال لا تشهر الأسعار فيها، ما يجعلهم عرضة للتلاعب والنصب. وتقول فيحاء البحش رئيسة جمعية حماية المستهلك إنه يتم في الفترة الحالية مراقبة الأسواق والتأكد من إشهار الأسعار، إضافة إلى أنواع السلع التي تدخل إلى السوق الفلسطيني، من أجل سحبها وفرض العقوبات اللازمة، لكنها ترى تقصيراً من قبل الجهات الرسمية في مراقبة أسعار السلع بخاصة الأضاحي، إذ إن هناك تفاوتاً بين أسعار اللحوم الحمراء المستوردة ومحلية، إضافة إلى مزاج مَن يذبح الأضحية، إلا أن أبو لبن ينفي ذلك، موضحاً أن وزارة الزراعة تراقب أسعار الأضاحي المحلية والمستوردة، وعملية ذبحها والمكان الذي تتم فيه، ضمن شروط السلامة العامة والقوانين.
ولا يقتصر الأمر على أسعار اللحوم، فأسعار سوق الخضار والفواكه معرضة للارتفاع نتيجة استيرادها من الجانب الإسرائيلي، وهو ما لا تحبذه جمعية حماية المستهلك كما أوضحت رئيستها داعيةً إلى تشجيع المنتج المحلي. وأوضحت أنه من الصعب إجراء رقابة على دخول منتجات المستوطنات خلال هذه الفترة، لأن بعض عمليات الإدخال تكون عبر أفراد وليس من مؤسسات أو محال، وهو ما يصعب السيطرة عليها.
” اندبندنت”