«أوبر» تسعى للتحول إلى «أمازون النقل»

0 329

العالم الآن – عندما وصلت جوليا إليس إلى محطة القطار في ضاحية دنفر للذهاب إلى عملها، استخدمت تطبيق «أوبر»، وبجانب خيارات التوصيل المتعددة، تخيرت أيقونة القطار تحت مسمى «النقل».

وبالنقر على الأيقونة، ابتاعت تذكرة لنظام النقل العام في دنفر، منطقة المواصلات الإقليمية. وتقول إليس إنها تستخدم تطبيق «أوبر» للحصول على تذاكر القطار منذ أن بدأت الشركة في عرض هذه الخدمات الربيع الماضي. وهي عادةً ما تستعين بخدمات «أوبر» للتوصيل إلى محطة القطار، نظراً إلى أن حالتها الصحية تمنعها من قيادة السيارة. وتقول إليس، البالغة من العمر 54 عاماً: «بنقرتين اثنتين على التطبيق، أصل إلى عملي»، مشيرةً إلى مدى سهولة الانتقال من وإلى العمل باستخدام خدمات «أوبر» الجديدة.

وتعد إليس جزءاً من تجربة واسعة بالنسبة إلى شركة «أوبر». ومع النمو الذي تسعى إليه الشركة، أبرمت شراكات مع المدن ووكالات النقل في الولايات المتحدة، وكندا، وبريطانيا، وأستراليا، بهدف توفير التذاكر لنقل الناس من ذوي الإعاقة أو في بعض الأحيان إيجاد بديل مناسب لوسائل النقل العام بالمدن.

ومنذ عام 2015، تمكنت الشركة من توقيع أكثر من 20 اتفاقية للنقل. ويتصدر هذا الزخم الجديد رئيس مجلس إدارة الشركة دارا خوسروشاهي، الذي يسعى لتحويل الشركة إلى «أمازون النقل». ومن خلال رؤيته، سيمكن لشركة «أوبر» أن تتحول إلى مركز اختيار وسائل النقل المريحة مثل السيارة، أو الدراجة، أو الاسكوتر، أو الحافلة، أو رحلات القطار.

ومن شأن ذلك أن يجذب المزيد من المستخدمين والركاب إلى الشركة، لا سيما في الوقت الذي تواجه الشركة فيه التساؤلات من وول ستريت بشأن ما إذا كان بإمكانها جني الأموال وإنعاش معدل نموها المضطرب للغاية في الآونة الأخيرة. ويوم الخميس، أفصحت شركة «أوبر» عن تقرير آخر الإيرادات المحققة لديها، بما في ذلك الخسارة الفصلية المقدرة بنحو 5 بلايين دولار إلى جانب انخفاض نمو الإيرادات.

ويقول ديفيد رايخ، أحد مديري «أوبر» الذي يرأس فريق شكّلته الشركة، العام الماضي، بهدف التركيز على وسائل النقل العامة: «عندما تلتقط هاتفك من جيبك وتقرر إلى أين تريد الذهاب، نريد أن نكون أول الخدمات التي تفضل الاستعانة بها».

وأعلنت «أوبر» أنها قادرة على توفير خدمات الانتقال الرخيصة والمرنة، لا سيما في المواقع التي تقل فيها وسائل النقل العامة. غير أن الخلط بين خدمة الانتقال وبين الخدمات الخاصة الأخرى التي تقدمها الشركة قد أثار حفيظة بعض المسؤولين في المدينة.

وفي حين أن معدلات استخدام وسائل النقل تكثر في المناطق الحضرية الكبرى في جميع أنحاء الولايات المتحدة، قالت وكالات النقل الحكومية إنها خاطرت بالتنازل عن المزيد من الركاب لشركات مثل «أوبر» أو «ليفت». كما وجهت السلطات الانتقادات إلى «أوبر» بسبب عدم مشاركة الشركة للمزيد من بيانات الركاب، الأمر الذي يساعد الوكالات الحكومية في تخطيط طرق النقل الجديدة في المدن.

كما تخشى المدن أيضاً من أن تزيد خدمات «أوبر» و«ليفت» من الازدحام المروري. وخلصت دراسة حديثة أجرتها الشركات إلى أن الخدمات تزيد بالفعل من الازدحام المروري، على الرغم من أنها تفوقت على الاستخدام الشخصي للسيارات الخاصة.

ويقول آيد تومر، الزميل المختص بالسياسات الحضرية لدى معهد بروكينغز، والذي يدرس استخدامات البنية التحتية في المدن: «هناك تساؤلات حقيقية بشأن تكوين الشراكات التي ينتهي بها الأمر لإخراج الركاب من منظمة النقل العام بالمدن. إنها لعبة خطيرة بالنسبة إلى وكالات النقل الحكومية لإبرام الاتفاقيات مع شركات خدمات النقل الخاصة». وفي تقرير مرفوع في شهر أبريل (نيسان) الماضي، أشعلت شركة «أوبر» المخاوف التنافسية عندما أعلنت عن هدفها الاستعاضة تماماً عن وسائل النقل العام بالخدمات الخاصة. ولقد جرى استبدال العبارة في تقرير لاحق مرفقة بتعهد من جانب الشركة بضرورة دمج وسائل النقل العامة ضمن تطبيقها الخاص، على اعتبارها من الخيارات منخفضة التكلفة.

كما انتقلت شركة «ليفت» هي الأخرى للمنافسة في مجال النقل العام. وشرعت في توفير خدمات التوصيل المجانية إلى محطة القطار في ضاحية دنفر بدءاً من عام 2016، وتمكنت الشركة، منذ ذلك التاريخ، من إبرام 50 صفقة للنقل داخل الولايات المتحدة، بما في ذلك شراكة مع مترو لوس أنجليس يتمكن مستخدمو تطبيق «ليفت» بموجبها من الحصول على نقاط مجانية لاستقلال وسائل النقل العامة.

وتقول ليلي شوب، كبيرة مديري «ليفت» لشؤون السياسة والشراكة: «نعتبر أنفسنا داعمين لصناعة النقل العامة في البلاد ونرغب في نمو معدلات الركاب وزيادتها في أنحاء البلاد كافة».

وتختلف شراكات النقل العامة لدى شركة «أوبر» باختلاف المكان. ولكن حسب أغلب الاتفاقيات، تستعين المدن بشبكة السائقين التابعين للشركة في توفير خدمات التوصيل في المناطق التي لا تخدمها خطوط الحافلات العامة. كما تدعم المدن، في أغلب الأحيان، تكاليف الانتقال حتى لا يدفع الركاب إلا ما يساوي تكلفة أجرة الحافلة العادية عوضاً عن أي رسوم اعتيادية تحصّلها «أوبر» من العملاء. وتحصل «أوبر» على إعانة من وكالة النقل الحكومية، مع أجرة الراكب، أو كليهما.

وفي دنفر، تتمركز الشراكة حول التذاكر أكثر من خدمات التوصيل بالسيارات. ومن خلال تطبيق «أوبر»، يحصل الناس على وسيلة جديدة لشراء التذاكر والحصول على معلومات حول جداول تحرك القطارات والحافلات. ولا تجني «أوبر» الأموال من بيع هذه التذاكر، وإنما هي تستفيد عندما يقوم مشترو التذاكر، مثل السيدة إليس، بمواصلة استخدام التطبيق في حجز رحلات القطارات إلى وجهتهم المقصودة.

كانت إحدى الشراكات المبكرة التي أبرمتها «أوبر» في عام 2015 مع منطقة دالاس للنقل السريع. وفي هذا العام، وافقت منطقة دالاس على عرض خدمات «أوبر» كخيار على تطبيقها الخاص في أثناء احتفالات «يوم القديس باتريك». وأصبح الإعلان، الذي كان الهدف منه منح المزيد من المحتفلين الخيار الأسهل للوصول إلى المنزل بأمان، أكثر شعبية وانتشاراً لدرجة دفعت منطقة دالاس إلى إدماج «أوبر» بصورة متكاملة في التطبيق.

وتدعم منطقة دالاس للنقل السريع خدمات «أوبر» المشاركة ضمن بضعة أميال من عدة محطات عامة للقطارات. وقدرت وكالة دالاس الحكومية أنها تنفق 15 دولاراً لكل راكب عند تسيير خطوط الحافلات إلى تلك المناطق. ولكنها توفر الأموال الآن عن طريق دفع 5 دولارات فقط عن الراكب الواحد مع الاستعانة بخدمات «أوبر».

وكان المسؤولون في منطقة دالاس للنقل السريع حذرين للغاية في بادئ الأمر من الشراكة مع «أوبر». إذ قال تود بليسكو، نائب رئيس منطقة دالاس للنقل السريع لتخطيط الخدمات والجدولة: «تجاهلونا لبعض الوقت. ثم التهمونا التهاماً. والآن هم يريدون العمل معنا. إنها ذلك النوع من سوق الرحلات الذي لم تعمل فيه الشركة من قبل».

ولكن منطقة دالاس قررت في نهاية الأمر العمل مع «أوبر». ومن شأن دمج خدمات توصيل «أوبر» ضمن تطبيق الوكالة أن يساعد في جذب تدفق الركاب الذين يتخلون عن استخدام وسائل النقل العامة لصالح خدمات التوصيل الخاصة. وقال السيد بليسكو: «إن كنا نهدف للاستمرار كوكالة خدمية حكومية، فلا بد من الاستعداد للابتكار وخوض المخاطر».

ومن بين الأماكن الأخرى التي استعانت بخدمات «أوبر» كبديل لوسائل النقل العامة بلدة إنيسفيل في مقاطعة أونتاريو الكندية. ففي عام 2017، قال أحد الخبراء لبلدة إنيسفيل، التي تضم 37 ألف نسمة، إن تسيير خط للحافلات يغطي 5% فقط من مساحة البلدة ولا يوفر سوى 16 ألف خدمة ركوب في السنة، نحو 35 دولاراً كندياً (26 دولاراً أميركياً) من الدعم لنقل الراكب الواحد في الخط الجديد. وبالإضافة إلى تكاليف الحافلات ومواقف الحافلات، سوف ترتفع القيمة إلى 561 ألف دولار كندي في العام الواحد، كما قال مسؤولو البلدة. وقالوا إن الرقم باهظ للغاية ولن يوفر التغطية الخدمية المطلوبة لسكان البلدة.

ومن ثم، عرضت شركة «أوبر» على بلدة إنيسفيل خدمات التوصيل الرخيصة التي تصل إلى أي مكان في البلدة بدلاً من تسيير خط محدد للحافلات. وتوفر الشركة الآن خدمات التوصيل الرخيصة للسكان في مكان نظام الحافلات. وتدفع بلدة إنيسفيل لشركة «أوبر» 9 دولارات كندية فقط عن الراكب الواحد.

وتقول لين دولين، عمدة بلدة إنيسفيل: «تعتقد البلديات الكبيرة أن خدمات التوصيل الخاصة من ألد أعدائها لأنها تقتطع جزءاً كبيراً من عدد الركاب. غير أننا اعتمدنا منهجاً مخالفاً لذلك».

وأصبح نظام النقل الجديد معروفاً للغاية لدرجة أن بلدة إنيسفيل تجاوزت ميزانيتها المقررة بما تدفعه لشركة «أوبر». وفي أبريل الماضي، رفعت البلدة معدل السعر الذي كانت تتقاضاه من الناس بواقع دولار كندي واحد مقابل (توصيلة «أوبر») إلى ما بين 4 و6 دولارات كندية. كما أن البلدة حددت عدد الرحلات التي يُسمح للسكان بالقيام بها في كل شهر.

ووافقت منطقة دنفر للنقل الإقليمي على العمل مع شركة «أوبر» خلال العام الحالي لأن «الأمر الأول المثير للاهتمام هنا كان افتتاح هذه السوق للعمل»، كما قال ديفيد غينوفا، المدير التنفيذي لوكالة دنفر الحكومية. والذي أضاف أن تطبيقات خدمات التوصيل متاحة في كل مكان، مما يمنح الوكالة الفرصة لطرح عروضها بكل سهولة أمام السياح الذين قد يبحثون عن خدمات «أوبر».

وقال أيضاً إنه ساورته الشكوك بشأن مدى استمرار شركتي «أوبر» و«ليفت» في العمل نظراً لأوضاعهما المالية غير المستقرة: «لا تحظى (أوبر) بالاستقرار المالي بعد، وكذلك شركة (ليفت). لكن دمج التذاكر في التطبيقات الخاصة من المخاطر المنخفضة، في حين أن جلب تذاكر الانتقال إلى دنفر كان من الأولويات القصوى».

وتمكنت وكالة دنفر للنقل من بيع أكثر من 3500 تذكرة للقطار والحافلات عبر تطبيق «أوبر»، وهو جزء ضئيل من إجمالي تذاكر الوكالة اليومي البالغ 322 ألف تذكرة. ولكن السيد غينوفا قال إنه يشعر بالتفاؤل، مع ازدياد عدد التذاكر المبيعة عبر تطبيق «أوبر» بنسبة 29% في الأسبوع منذ بداية يونيو (حزيران) حتى نهاية يوليو (تموز) الماضي. وقال أخيراً: «يرغب الجميع في معرفة كيف تمكنّا من فعل ذلك؟ ولا أسمي هذا حقداً، وإنما زملائي من كل أرجاء البلاد مهتمون للغاية بمعرفة الطريقة».

– خدمة «نيويورك تايمز»

رابط مختصر:
مقالات ذات الصلة

اترك رد