مغادرة الصين أمر صعب بالنسبة للشركات الأمريكية

0 325

 

كتبت/فاطمة بدوى

بعدما أعلنت الصين مؤخرا إجراءات مضادة للقرار الأمريكي بفرض رسوم جمركية بمعدل 10% على واردات صينية بقيمة 300 مليار دولار أمريكي، هدد البعض في الولايات المتحدة برفع معدلات الرسوم الجمركية بل وطالبوا الشركات الأمريكية بالانسحاب من الصين، ما أدهش الأوساط الاقتصادية الأمريكية وقوبل بمعارضة شديدة منها. وبالنسبة إلى الشركات المتعددة الجنسيات بما فيها الشركات الأمريكية، من الصعب عليها حقا مغادرة الصين هذا المصنع العالمي الفريد والمتميز.
يوجد في الصين ما يقرب من 1.4 مليار مستهلك، منهم أكثر من 400 مليون من المجموعات ذات الدخل المتوسط، وتمنح هذه الإمكانيات الضخمة والطلب المتزايد من المستهلكين السوق الصينية قوة شرائية عملاقة لا مثيل لها، ويعترف الاتحاد الوطني لتجار التجزئة في الولايات المتحدة بأنه من غير الواقعي مغادرة الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
في ظلتباطؤمعدلات الاستثمار الأجنبي المباشر في العالم ارتفع الاستثمار الأجنبي في الصين خلال الشهور السبعة الأولى من العام الحالي، حيثتم في الصين تأسيسأكثر من 24 ألف مؤسسة أجنبية التمويل وبلغت قيمةالاستثمارات الأجنبيةالعفلية أكثر من 530 مليار يوان صيني بزيادة 7.3 بالمئة مقارنة مع نفس الفترة في العام الماضي. والجدير بالإشارةإلى أن المؤسسات الأمريكية استثمرت في الصين 6 مليارات و800 مليون دولار أمريكي في النصف الأول من العام الحالي بزيادة 1.5 بالمئة مقارنة مع نفس الفترة في العامين السابقين، وذلك يعني أن هذه المؤسسات الأمريكية لا تريدمغادرةالسوق الصينية بل ترغب في التعمق فيها.

إن الصين بصفتها الدولة الوحيدة في العالمالتي تتمتع بجميع الفئات الصناعية تستطيع توفير سلاسلصناعية و توريد متكاملةللمؤسسات العابرة للدول مما يخفض تكاليفهذهالمؤسسات،ويعد هذا تفوقا للصين لا بديل له.
بالإضافة إلى ذلك، تمتلك الصين شبكة قويةومتكاملةمن الخدمات اللوجستية والبنية التحتية مثل الموانئ والطرق والسكك الحديدية لتسهيل عمل الشركات متعددة الجنسيات لربط المصانع والموردين والعملاء العالميين. وهذا أيضًا سبب مهم لجذب الصين لشركات متعددة الجنسيات.
في الوقت نفسه، يوجد في الصين ما يقرب من 900 مليون عامل و 8 ملايين خريج جامعي كل عام،وارتفعت الصين إلىالمرتبة ال14 في العالم من حيث مؤشرات الإبداع والابتكار. أظهرت دراسة أجرتها شركة ماكينزي وشركاؤها أن إنتاجية العمال الصينيين أعلى بمقدار خمسة أضعاف مقارنة مع الهند. وأشارت صحيفة وول ستريت جورنال مؤخرًا إلى أنه بعد انتقال بعض شركات التصنيع إلى دول مثل فيتنام والهند، واجهتها مشاكل مثلنقص الفنيين المهرة، وانخفاض كفاءة الإنتاج، وفشل المنتج في تلبية المعايير، والتأخير في جداول الانتاج. وفقًا للأبحاث ذات الصلة، فقد عادت بعض شركات التصنيع إلى الصين بسبب “عدم التكيف مع البيئة الجديدة”.

أثبتت الحقائق أنّ مصنع العالم لم يأتِ أو ينجزبين ليلة وضحاها وتصورات بعض الأمريكيين المتمثلة في إنجاز بناء العمارة الكبيرة خلالوقت وجيز لا يخالف قواعد اقتصاد السوق ويدمر التشغيل الطبيعي للمؤسسات فحسب بل لا يتفق مع الواقع أيضا وإنّه لا يمكن أنيعودبفائدة للولايات المتحدة والاقتصاد العالميوإنمابالهزات وعدم الاستقرار.
لا توجد أي مؤسسة يمكنأنتهمل سوقابحجم 1.4 مليار نسمة. وترجع مكانة الصين بصفتها “مصنع العالم” إلى مواردها الفريدة وجهود الصينيين وذكائهم وعزيمة الصين وممارساتها المتمثلة في مواكبة تيار التنمية والتعاون والفوز المشترك وتوسيع الانفتاح باستمرار. ومع تطبيق تعهدات الصين للمزيد من الانفتاح سيتمّ الارتقاء ب “مصنع العالم” بشكل مستمر حيث ستقدم الصينالمزيد من الفرصللمؤسسات الأجنبيةالمتفائلة بسوق الصين.

مقالات ذات الصلة

اترك رد