بغداد تدعو إلى ضبط النفس والرصاص الحي يُطلق مجدداً لتفريق المتظاهرين
العالم الآن – أطلقت القوات الأمنية مجدداً الأربعاء الرصاص الحي في الهواء لتفريق محتجين، في وقت دعا فيه الرئيس العراقي برهم صالح إلى ضبط النفس بعد تظاهرات أسفرت عن مقتل ثلاثة متظاهرين في أعمال عنف حملت الحكومة مسؤوليتها إلى “مندسين”.
وفي مواجهة أول امتحان شعبي لها منذ تشكيلها قبل عام تقريباً، اتهمت الحكومة العراقية “معتدين” و”مندسين” بالتسبب “عمداً بسقوط ضحايا بين المتظاهرين”.
والأربعاء، استخدمت قوات مكافحة الشغب مجدداً الرصاص الحي لتفريق مئات المتظاهرين الذين خرجوا للمطالبة بمحاسبة الفاسدين ومكافحة البطالة، وصولاً إلى رفض تنحية قائد عسكري شعبي.
وامتدت التظاهرات إلى خمسة أحياء في بغداد، منها حي الزعفرانية بجنوب العاصمة، حيث أقدم المتظاهرون على حرق إطارات، سمع مراسل وكالة فرانس برس أزيز الرصاص على غرار يوم الثلاثاء في وسط بغداد، في محيط ساحة التحرير التي انطلقت منها التظاهرة.
ووفقاً لمصادر طبية، نقل نحو عشرة أشخاص إلى مستشفيات بغداد، مشيرة إلى أنهم كانوا يعانون من الاختناق نتيجة استنشاق الغاز المسيل للدموع أو أصيبوا خلال عمليات التدافع.
لكن يبدو أن المتظاهرين عازمون على الاستمرار في تحركهم. ففي الزعفرانية، قال عبدالله وليد (27 عاماً) لفرانس برس إنه خرج للتظاهر الأربعاء “لدعم إخواننا في ساحة التحرير” التي ضربت القوات الأمنية طوقاً أمنياً حولها.
– “نطالب بكل شيء” –
وأضاف في شارع تتمركز فيه مدرعات قوات مكافحة الشغب “نطالب بفرص عمل وتعيين الخريجين وتحسين الخدمات، مضت علينا سنوات نطالب، ولا جواب من الحكومة”.
أما في حي الشعب، ووسط سحب الدخان الناتج عن حرق الإطارات، قال محمد الجبوري الذي يعمل كاسباً رغم أنه يحمل شهادة في الهندسة “نطالب بكل شيء، نطالب بوطن، نشعر بأننا غرباء في بلدنا، لا دولة تتعدى على شعبها كما فعلت هذه الحكومة. نحن نتعامل بسلمية ولكنهم أطلقوا النار”.
وتجمع الثلاثاء، للمرة الأولى منذ استلام حكومة عادل عبد المهدي السلطة قبل عام تقريباً، أكثر من ألف متظاهر.
وهذه التظاهرة غير مسبوقة، إذا إنها لم تنطلق بدعوة من حزب أو زعيم ديني كما تجري العادة في بغداد، بل جمعت الغاضبين المحتجين على غياب الخدمات العامة والبطالة.
ويعاني العراق، الذي أنهكته الحروب، من انقطاع مزمن للتيار الكهربائي ومياه الشرب منذ سنوات، ويحتل المرتبة 12 في لائحة الدول الأكثر فساداً في العالم، بحسب منظمة الشفافية الدولية.
وبحسب تقارير رسمية، فمنذ سقوط نظام صدام حسين في العام 2003، اختفى نحو 450 مليار دولار من الأموال العامة، أي أربعة أضعاف ميزانية الدولة، وأكثر من ضعف الناتج المحلي الإجمالي للعراق.
وعنونت صحيفة “البيّنة الجديدة” العراقية إن هذا الحراك لم يشهد “لأول مرة.. لا رايات ولا صور ولا شعارات حزبية”.
– “قمع” –
وفرقت قوات الأمن التظاهرات في بغداد ومدن عدة من جنوب البلاد بالقوة، أولاً بخراطيم المياه والغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي. بعيد ذلك، في العاصمة خصوصاً، استخدمت قوات الأمن الرصاص الحي الذي أطلقته في الهواء لساعات في ساحة التحرير.
وأسفر ذلك عن مقتل ثلاثة أشخاص، اثنان في بغداد أحدهما توفي متأثراً بجروحه، وآخر في محافظة ذي قار جنوب العاصمة، إضافة إلى إصابة أكثر من 200 بجروح، بحسب تقارير طبية ووزارة الصحة.
وبينما كانت عائلة المتظاهر الأول الذي قتل في بغداد تواريه الثرى في منطقة مدينة الصدر الشعبية ذات الغالبية الشيعية، ندد المتحدث باسم وزارة الداخلية اللواء سعد معن بـ”المندسين” الذين يسعون إلى “نشر العنف”.
وبعد ذلك، علق الرئيس العراقي برهم صالح على تويتر بالقول إن “التظاهر السلمي حقٌ دستوري (…) أبناؤنا في القوات الأمنية مكلفون بحماية حقوق المواطنين”.
وأضاف “أبناؤنا شباب العراق يتطلعون إلى الإصلاح وفرص العمل، واجبنا تلبية هذه الاستحقاقات المشروعة”.
من جانبها، أعربت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق جينين هينيس-بلاسخارت عن “قلق بالغ”، داعية السلطات إلى “ضبط النفس في التعامل مع الاحتجاجات”.
بدورها، أبدت لجنة حقوق الإنسان النيابية اعتراضها على “ردة الفعل الخاطئة وأسلوب قمع التظاهرات السلمية”، مؤكدة على ضرورة أن “يتحمل الجميع مسؤوليته”.
من جهته دعا رئيس البرلمان محمد الحلبوسي إلى التحقيق في الموضوع، على غرار رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر الذي يرفع راية مكافحة الفساد.
أما عبد المهدي، فقد أصدر بياناً قال فيه “نحيي أبناء قواتنا المسلحة الأبطال الذين أظهروا قدراً عالياً من المسؤولية وضبط النفس” في وجه “المعتدين غير السلميين (…) وتسببوا عمداً بسقوط ضحايا بين المتظاهرين”.
وأثار هذا البيان تعليقات نارية على وسائل التواصل الاجتماعي صباح الأربعاء، بينما كان السياسيون داعمين للمتظاهرين.
” ا ف ب “