تونس تنتخب برلمانا جديدا وسط غياب للحماسة

0 222

العالم الآن – يواصل التونسيون الاقتراع الأحد في ثالث انتخابات تشريعية تجري منذ ثورة 2011، وسط أجواء غابت عنها الحماسة لدى الناخبين.

ودعي اكثر من سبعة ملايين ناخب مسجل لاختيار برلمان جديد من 217 مقعدا في ظل مخاوف من تداعيات نتائج الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية التي جرت قبل ثلاثة أسابيع.

واصطف عشرات الناخبين أمام مركز للاقتراع في العاصمة. وقالت ربح حمدي الستينية لفرانس برس “أريد الأمن والاستقرار، ولتنته الانتخابات وننتقل للبناء”.

وأعلنت الهيئة العليا المستقلة ان نسبة المشاركة في 80 في المئة من مكاتب الاقتراع حتى الساعة 10,00 ت غ بلغت 6,8 في المئة وهي تقارب نسبة المشاركة في التوقيت نفسه في الدورة الرئاسية السابقة (7,3 في المئة).

يتنافس في الانتخابات النيابيّة حوالى 15 ألف مرشّح ضمن قوائم أحزاب وائتلافات ومستقلّين متنوعّين ومن اتّجاهات سياسيّة عدّة.

ويؤكد احد الناخبين عيسى “المد سيكون في الاتجاه نفسه” في اشارة الى تداعيات التصويت في الدورة الرئاسية الأولى، وهو ما تشدد عليه الناخبة ريم الثلاثينية بالقول “الشعب موجود بالمرصاد للسياسيين ولن يصمت”.

ويتابع مراقبون من منظمات محلية ودولية الانتخابات النيابية في كامل مراكز الاقتراع.

وقال رئيس بعثة الاتحاد الاوروبي لمراقبة الانتخابات ماسيمو كاستالدو “لاحظنا انه تم احترام جميع التدابير في مناخ سلمي. كما أبدت فرق مراكز الاقتراع حرفية في العمل”.

-برلمان مشتت-

يتوقع مراقبون أن يصبح المشهد السياسي في البلاد مشتّتاً، مع تركيبة برلمانيّة مؤلّفة من كُتل صغيرة، ما سيجعل من الصعب التوافق على تشكيلة الحكومة المقبلة، وذلك في ضوء نتائج الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسيّة التي أفرزت مرشحين غير متوقّعين، هما أستاذ القانون الدستوري المستقل قيس سعيّد ونبيل القروي رجل الأعمال الموقوف بتهم غسل أموال وتهرب ضريبي.

لم تكُن حملات الانتخابات النيابيّة لافتةً، بل كانت باهتةً أحياناً، بسبب تغيير روزنامة الانتخابات بتقديم موعد الرئاسية على التشريعية جرّاء وفاة الرئيس الباجي قايد السبسي، إضافة إلى “صدمة” الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسيّة.

وتمثل الدائرة الانتخابية تونس 1 بالعاصمة حلبة صراع محتدم بين رؤساء قوائم الأحزاب السياسة التي لها ثقل في الساحة التونسية مثل رئيس حركة “النهضة” راشد الغنوشي وسامية عبّو عن “التيار الديموقراطي” وسميرة الشواشي عن “قلب تونس”.

كما كان لاستمرار سجن القروي ورفض الإفراج عنه منذ توقيفه في 23 آب/أغسطس الفائت تأثير على المشهد الانتخابي، وتصَدَّرت قضيّته الجدل السياسي خلال الأيّام السابقة.

تعدّ الانتخابات الحاليّة مفصلية في تاريخ البلاد التي تمرّ بأزمات اقتصاديّة واجتماعيّة خانقة منذ ثورة 2011.

وأظهرت توجّهات التصويت للدورة الرئاسيّة الأولى أنّ الناخبين التونسيّين اختاروا اللجوء الى “تصويت عقابي” ضدّ رموز المنظومة الحاكمة التي عجزت عن إيجاد حلول اقتصاديّة واجتماعيّة وبخاصّة في ما يتعلّق بالبطالة وارتفاع الأسعار والتضخّم.

-متنافسون جدد-

يدخل الانتخابات متنافسون جدد الى جانب الأحزاب، على غرار المستقلّين الذي يمثّلون ثلثي القوائم المشاركة، ومن المنتظر أن يُحدِثوا مفاجأة ويحصلوا على عدد مهمّ من المقاعد.

وتتنافس 1506 قوائم بينها 674 حزبية و324 ائتلافية و506 حزبية.

وأثار ظهورهم بقوّة تخوّفاً لدى بعض الأحزاب، فقد دعا رئيس حركة “النهضة” راشد الغنوشي إلى عدم التصويت لهم، معتبراً أنّ “التصويت للمستقلّين تصويت للفوضى”.

وتمكّن حزب “قلب تونس” لمؤسّسه نبيل القروي من تكوين قاعدة شعبيّة مهمّة وذلك من خلال حملات التبرّع والزيارات الميدانيّة التي كان يقوم بها القروي للمناطق الداخليّة منذ ثلاث سنوات ووزّع خلالها مساعدات وسدّ فراغًا تركته السلطات في هذه المناطق المهمّشة.

ويُشير بعض استطلاعات الرأي غير الرسميّة الى أنّ “قلب تونس” سيتمكّن من نيل المرتبة الأولى أو الثانية ويتنافس عليها مع حزب “النهضة”.

أعلن “قلب تونس” في المقابل أنه لن يخوض في أيّ توافقات وتحالفات مع حزب النهضة واتّهمه ب”الوقوف وراء سجن القروي” وبأنّه المستفيد من ذلك.

ويظهر حزب “ائتلاف الكرامة” كمنافس قوي على مقاعد البرلمان بعدما احتل رئيسه المحامي سيف الدين مخلوف مرتبة متقدمة في الدورة الرئاسيّة الأولى وحصد 4,3 في المئة من الأصوات.

وتضمّ قوائم “ائتلاف الكرامة” مرشّحين محافظين، وكانوا عبروا عن دعمهم لسعيّد.

كما ان جمعية “عيش تونسي” التي تديرها ألفة تراس تنافس على مقاعد في البرلمان وقد خاضت حملة انتخابية تقوم على مقاومة الفساد ومعالجة المشاكل الاقتصادية في البلاد.

ويجعل تعدد الأحزاب واختلافها من إنجاز بقيَّة مراحل المسار الانتخابي أمراً صعباً، خصوصاً أنّ تشكيل الحكومة يتطلّب توافقاً واسعاً وغالبيّة 109 مقاعد. وتظهر في الأفق بوادر نقاشات محتدمة من أجل التوصّل إلى توافقات.

وتنتظر البرلمان الجديد ملفّات حسّاسة ومشاريع قوانين أثارت جدلاً طويلاً في السابق وأخرى عاجلة أهمّها احداث المحكمة الدستورية.

ولم تتمكّن البلاد من التوفيق بين مسار الانتقال السياسي الذي تقدّم خطوات كبيرة منذ الثورة، والانتقال الاقتصادي والاجتماعي الذي لا يزال يُعاني مشاكل لم تستطع الحكومات المتعاقبة إيجاد حلول لها.

وتجري الانتخابات فيما تعيش تونس تهديدات أمنيّة متواصلة، ولا تزال حال الطوارئ سارية إثر عمليّات إرهابيّة شنّها جهاديّون في السنوات الفائتة وألحقت ضرراً كبيراً بقطاع السّياحة الذي يُعدّ أحدى ركائز الاقتصاد التونسي.
” ا ف ب “

رابط مختصر:
مقالات ذات الصلة

اترك رد