الأكراد يعلنون اتفاقاً مع دمشق لمواجهة الهجوم التركي في شمال شرق سوريا
العالم الآن – أعلنت الإدارة الذاتية الكردية الأحد التوصل إلى اتفاق مع دمشق ينص على انتشار الجيش السوري على طول الحدود مع تركيا للتصدي لهجوم أنقرة والفصائل السورية الموالية لها المستمر منذ خمسة أيام ضد مناطق سيطرتها.
وبدأت تركيا هجومها، والتي باتت على وشك الانتهاء من مرحلته الاولى بسيطرتها على منطقة حدودية واسعة، بعد يومين من سحب واشنطن جنودها من نقاط حدودية في خطوة بدت بمثابة ضوء أخضر أميركي. وهو ما اعتبرته قوات سوريا الديموقراطية، التي حاربت تنظيم الدولة الإسلامية بدعم أميركي، “طعنة من الخلف”.
وبرغم انتقادات لاحقته متهمة إياه بالتخلي عن الأكراد، وجه الرئيس الأميركي دونالد ترامب تعليماته ببدء سحب نحو الف جندي أميركي من مناطق سيطرة الأكراد في شمال شرق سوريا، وفق ما أعلن وزير الدفاع مارك إسبر.
ومع إصرار ترامب على موقفه وفي مواجهة تقدم تركي، أعلنت الإدارة الذاتية في بيان “لكي نمنع ونصد هذا الاعتداء فقد تم الاتفاق مع الحكومة السورية (…) كي يدخل الجيش السوري وينتشر على طول الحدود السورية التركية لمؤازرة قوات سوريا الديموقراطية”.
ويأتي ذلك بعد وقت قصير من إعلان الاعلام الرسمي السوري عن بدء تحرك وحدات من الجيش باتجاه شمال البلاد.
واصطدمت مفاوضات سابقة بين الحكومة السورية والأكراد بحائط مسدود، مع إصرار دمشق على إعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل اندلاع النزاع في العام 2011، وتمسّك الأكراد بإدارتهم الذاتية ومؤسساتها المدنية والعسكرية التي بنوها في بداية سنوات النزاع بعد عقود من التهميش على يد الحكومات السورية المتعاقبة.
إلا أنه بمواجهة الهجوم التركي، دعت الإدارة الذاتية الكردية الأربعاء روسيا للقيام بدور “الضامن” في “الحوار” مع دمشق.
– “التنازلات أو الإبادة” –
ولم يوضح الأكراد تفاصيل الاتفاق، وما إذا كانوا قدموا تنازلات لدمشق، التي طالما اخذت عليهم تحالفهم مع واشنطن.
إلا أنه في مقال في مجلة “فورين بوليسي” الأحد، كتب القائد العام لقوات سوريا الديموقراطية مظلوم عبدي “قدم لنا الروس والنظام السوري اقتراحات قادرة على انقاذ حياة ملايين من الناس يعيشون تحت حمايتنا”، معقباً “لا نثق بوعودهم، وللحقيقة، من الصعب أن نعرف بمن يمكن أن نثق”.
وأضاف عبدي “نعرف أنه سيكون علينا تقديم تنازلات مؤلمة مع موسكو وبشار الأسد اذا اخترنا طريق العمل معهم. لكن علينا الاختيار بين التنازلات او إبادة شعبنا، وبالتأكيد سنختار الحياة لشعبنا”.
وخلال الأيام الماضية، دعت قوات سوريا الديموقراطية واشنطن لمراجعة خياراتها، وبتحمل “مسؤولياتها” تجاهها. وطلبت بفرض حظر جوي على الطيران التركي.
إلا أن الرئيس الاميركي الذي طالما لوح بنيته سحب قواته من سوريا، مكرراً ان بلاده لن تشارك في “حروب غبية” بعد الآن، بدا مصراً على قراره، واكتفى بتهديد تركيا بفرض عقوبات عليها.
وقال وزير الدفاع مارك إسبر الأحد “تحدثت مع الرئيس الليلة الماضية ووجّه بأن نبدأ بسحب (…) للقوات من شمال سوريا”، موضحاً لشبكة “فوكس نيوز” أن عدد العناصر الذين سيتم سحبهم هو “أقل من ألف”، من دون أن يحدد جدولاً زمنياً.
– 26 قتيلاً مدنياً –
وبعد خمسة أيام من المعارك التي رافقها قصف مدفعي وجوي كثيف، باتت القوات التركية والفصائل الموالية لها تسيطر على نحو مئة كيلومتر على طول الحدود بين مدينة تل أبيض (شمال الرقة) وبلدة رأس العين (شمال الحسكة) بعمق نحو 30 كيلومتراً، وفق المرصد السوري.
وقد سيطرت تلك القوات، بحسب المصدر ذاته، الأحد على مدينة تل أبيض، ولا تزال بلدة رأس العين تشهد اشتباكات.
وقتل الأحد 26 مدنياً جراء قصف شنته القوات التركية ونيران المقاتلين السوريين الموالين لها في مناطق حدودية عدة، وفق ما أفاد المرصد، بينهم عشرة قتلوا في غارة تركية استهدفت قافلة كان ضمنها صحافيون في رأس العين.
ومن بين القتلى في قصف القافلة مراسل صحافي في وكالة أنباء هاوار الكردية.
وتخطت بذلك حصيلة القتلى جراء الهجوم التركي 60 مدنياً فضلاً عن مقتل 104 عناصر من قوات سوريا الديموقراطية.
وفي تركيا، قتل خلال الأيام الماضية 18 مدنياً في قذائف سقطت على مناطق حدودية، وفق السلطات.
وتهدف تركيا من خلال هجومها، والذي دفع 130 ألف شخص إلى النزوح بحسب الأمم المتحدة، إلى إقامة منطقة عازلة بعمق 30 كيلومتراً تحت سيطرتها تنقل إليها قسماً كبيراً من 3,6 ملايين لاجئ سوري لديها.
وتوقع محللون أن يقتصر الهجوم في مرحلة أولى على المنطقة بين رأس العين وتل أبيض بطول أكثر من مئة كيلومتر.
وبعد قرار فرنسا وألمانيا تعليق بيع الأسلحة لتركيا وتهديد واشنطن بفرض عقوبات، قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الأحد “يعتقدون أن بإمكانهم دفع تركيا للتراجع عبر هذه التهديدات مخطئون كثيراً”.
– فرار عائلات جهاديين –
وحذرت دول غربية عدة بأن الهجوم التركي قد يساهم في احياء تنظيم الدولة الإسلامية الذي لا يزال ينشط عبر خلايا نائمة رغم هزيمته الميدانية على يد قوات سوريا الديموقراطية.
وكررت قوات سوريا الديموقراطية خشيتها من أن ينعكس انصرافها إلى قتال القوات التركية سلباً على جهودها في حفظ أمن مراكز الاعتقال والمخيمات التي تضم الآلاف من مقاتلي التنظيم وأفراد عائلاتهم.
وأعلنت الإدارة الذاتية الأحد إن 785 من عائلات الجهاديين الأجانب فروا من مخيم عين عيسى في ريف الرقة الشمالي بعد قصف تركي قربه.
وأفادت الإدارة الذاتية والمرصد السوري بانسحاب عناصر الحراسة من المخيم الذي يقطنه 13 ألف نازح بينهم عائلات عناصر التنظيم.
ويتوزع 12 ألف شخص من عائلات مقاتلي التنظيم على ثلاثة مخيمات تسيطر عليها القوات الكردية.
” ا ف ب “