تبرؤ جماعي من «اتفاق» فض احتجاجات العراق
العالم الآن – حاول متظاهرون أمس الإبقاء على زخم الاحتجاجات الداعية إلى «إسقاط النظام» في العراق، بعد «اتفاق» ورد أن الكتل السياسية توصلت إليه يقضي بإبقاء السلطة الحالية حتى لو استدعى الأمر استخدام القوة لإنهائها.
وكانت وكالة الصحافة الفرنسية كشفت أول من أمس عن توصل الكتل السياسية العراقية أول من أمس إلى اتفاق برعاية قائد «فيلق القدس» الإيراني الجنرال قاسم سليماني لوضع حد للاحتجاجات التي انطلقت في 1 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وترافق ذلك مع ازدياد القمع الذي ارتفع لمستوى جديد ضد المظاهرات، وصعّدت السلطات قمع المتظاهرين وفرضت في مطلع الأسبوع إجراءات مشددة في ظل انقطاع الإنترنت وحجب شبكات التواصل الاجتماعي.
وبحسب مصادر طبية، قُتل 9 متظاهرين أول من أمس في ساحة التحرير؛ مركز الاحتجاجات بوسط بغداد، مع إطلاق قوات الأمن الرصاص الحي وقنابل الغاز المسيل للدموع، فيما قتل 3 آخرون في البصرة، ثانية كبرى مدن البلاد الواقعة في أقصى الجنوب.
ورغم ذلك، فإن المواجهات تواصلت أمس في ساحة الخلاني، القريبة من ساحة التحرير، التي عادة ما تعج بالأكشاك والمتبضعين طول النهار، فانتشرت فيها رائحة الغاز المسيل للدموع الذي أطلقته قوات الأمن، فيما اختبأ عشرات المتظاهرين بين المباني. وقال متظاهر في العشرينات رفض كشف اسمه؛ لوكالة الصحافة الفرنسية: «هناك قوات تحاول منذ مساء (أول من) أمس (السبت) التقدم لساحة التحرير لفض الاعتصام».
من جانبه، قال المهندس أزهر قاسم، الذي ينشط ضمن كوادر صحية تقدم خدمات طبية في ساحة التحرير: «نحن موجودون في ساحة التحرير لخدمة أبناء شعبنا، ولن ننسحب».
وقامت قوات الأمن بوضع جدران إسمنتية لعزل ساحة التحرير في إطار إجراءات مشددة جديدة تهدف للسيطرة على المتظاهرين، وأغلقت مداخل 3 جسور قريبة من هذه الساحة الواقعة في قلب بغداد، ثاني أكبر عاصمة عربية من حيث عدد السكان. ورغم ذلك، فإن أعداداً غفيرة من المحتجين توافدت على ساحة التحرير.
كما تواصلت أمس الاحتجاجات في البصرة الغنية بالنفط؛ حيث فرضت قوات الأمن طوقاً لمنع المتظاهرين من الاقتراب من مبنى مجلس المحافظة، غداة موجة اعتقالات نفذتها بحق المحتجين.
وفي كربلاء قام محتجون بإسقاط الحواجز الإسمنتية الموضوعة أمام مبنى مجلس المحافظة. وفي مدينة الناصرية الواقعة في الجنوب، أطلقت قوات الأمن قنابل مسيلة للدموع على متظاهرين كانوا يحاولون إغلاق دائرة حكومية جديدة في إطار موجة العصيان المدني الذي أدى إلى شلّ عدد كبير من المؤسسات الحكومية.
وتجددت في مدينة الديوانية، احتجاجات طلابية في ظل انتشار قوات الشرطة قرب المدارس والكليات لمنع الطلبة من الانضمام إلى المظاهرات. وبقيت المدارس والكليات وأغلب المؤسسات الحكومية مغلقة في مدينتي الحلة والكوت، وكلتاهما إلى الجنوب من بغداد.
ومنذ انطلاقها، شهدت الاحتجاجات أعمال عنف دامية أسفرت عن مقتل نحو 300 شخص، غالبيتهم من المتظاهرين المطالبين بـ«إسقاط النظام»، وجرح أكثر من 12 ألفاً آخرين، وفقاً لحصيلة أعدتها وكالة الصحافة الفرنسية فيما توقفت السلطات عن ذلك.
من جانبها، دعت منظمة العفو الدولية السلطات العراقية إلى «إصدار أمر فوري بإنهاء الاستخدام المتواصل وغير القانوني للقوة المميتة» ضد المتظاهرين. وأكد بيان عن المنظمة المستقلة التي تعنى بحقوق الإنسان أنه «يجب أن يتوقف حمام الدم هذا، ويجب محاكمة المسؤولين عنه».
وقال ناشطون وأطباء يشاركون في المظاهرات طالبين عدم الكشف عن أسمائهم، إنهم يشعرون بأن الخناق يضيق عليهم مع ملاحقتهم وتلقيهم تهديدات بالقتل عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو في قلب المظاهرات.
من جهتها، أعلنت ممثلة الأمم المتحدة لدى العراق جينين هينيس بلاسخارت، أمس، أنها تتلقى «كل يوم معلومات عن متظاهرين قتلوا أو اختطفوا أو تعرضوا لاعتقال تعسفي أو الضرب والترهيب». واستنكرت «مناخ الخوف»، الذي تفرضه السلطات العراقية، مؤكدة أن «الحقوق الأساسية تنتهك باستمرار» في هذا البلد.
” الشرق الاوسط”