إسرائيل تمنع مسيحيي غزّة من الوصول إلى أماكن العبادة في بيت لحم
العالم الآن – منذ بداية ديسمبر (كانون الأوّل)، يستعد المسيحيون في قطاع غزّة، لأداء الطقوس الدينية الخاصة بهم، والاحتفال بأعياد الميلاد المجيدة، ويطمح الكثيرون منهم بالسفر إلى الضفة الغربية لزيارة مكان مولد السيد المسيح في مدينة بيت لحم.
لكن العراقيل أمام سفر المسيحيين من قطاع غزّة إلى الضفة الغربية كثيرة، ومرتبطة بالجانب الإسرائيلي، ففي الواقع، يتنقل مسيحيو غزّة إلى بيت لحم عبر المعابر الحدودية التي تسيطر عليها إسرائيل، وحتى يستطيعوا دخولها يجب أن يحصلوا على إذن (تصريح) من تل أبيب، ويخضع منح الإذن لكثير من البنود المعقدة، ومَن لم تنطبق عليه الشروط يتمّ منعه من السفر.
أقلية
وتبدأ معاناة المسيحيين في الوصول إلى الأماكن المقدسة في مدينتي بيت لحم والقدس، منذ تفكيرهم في التسجيل للسفر، ويقول المسيحي إيهاب عياد إنّ إسرائيل تفرض شروطاً كثيرة على المتقدمين للسفر للاحتفال بأعياد الميلاد المجيدة، وغالباً ما تكون بنود الشروط تعجيزية. وفي قطاع غزّة، حوالى 1500 مسيحي، تنتمي غالبيتهم لطائفة الروم الأرثوذكس، وحوالى 20 شخصاً للطائفة المعمدانية، والبقية يتبعون البطريركية اللاتينية، وعلى الرغم من قلّة أعداد المسيحيين في غزّة، إلا أنّ إسرائيل تعاملهم كبقية سكان القطاع، وتفرض عليهم العديد من العراقيل.
ويوضح عيّاد أنّ إسرائيل ترفض السماح بالسفر لكثيرين من المسيحيين في غزّة، تحت ذريعة الدواعي الأمنية، على الرغم من عدم الارتباط بأيٍّ من الفصائل على ساحة القطاع، مشيراً إلى أنّ هذه الحُجج تعد وسيلة ضغط على المسيحيين لإجبارهم على الهجرة من القطاع.
رفض إسرائيلي لسفر المسيحيين
وبحسب المعلومات التي وصلت إلى “اندبندنت عربية”، فإنّ حوالى 1000 مسيحي تقدم لدائرة الشؤون المدنية الفلسطينية (متخصصة في التعامل مع الجانب الإسرائيلي في منح تصاريح السفر)، بطلب السفر إلى مدينتي بيت لحم والقدس، خلال فترة الاحتفال بأعياد الميلاد.
لكن إسرائيل خيّبت آمال مسيحيي غزّة، فأعلنت أنّها لن تسمح لهم بزيارة المدن المقدسة مثل بيت لحم والقدس للاحتفال بأعياد الميلاد المجيدة هذا العام، وقالت متحدثة باسم مكتب الاتصال العسكري الإسرائيلي مع الفلسطينيين إنّه بناء على توجيهات أمنية لن يسمح لمسيحيي غزّة بزيارة مدن الضفة الغربية وإسرائيل.
في الحقيقة، لم تكن هذه المرّة الأولى التي ترفض إسرائيل فيها سفر المسيحيين إلى الضفة الغربية، ففي عيد الفصح، العام الماضي، لم تمنح تل أبيب أيّ مسيحي تصريحاً لزيارة بيت لحم، وتذرعت بالدواعي الأمنية. وفي عملية البحث المعمق حول الرفض الإسرائيلي لمسيحيي غزّة بالتنقل إلى الضفة الغربية، يشير عيّاد إلى أنّ إسرائيل تتذرع بأنّ عدداً من المسيحيين الذين سافروا إلى بيت لحم العام الماضي، بقوا في الضفة الغربية ولم يرجعوا إلى قطاع غزّة، ويعد ذلك مخالفة كبيرة في نظر إسرائيل.
وبحسب المعلومات، فإنّ إسرائيل اشترطت لمنح المسيحيين في قطاع غزّة تصاريح سفر للأماكن المقدسة، عودة المسيحيين القاطنين في الضفة إلى غزّة، وبعدها ستنظر في إمكانية منحهم حق الوصول إلى أماكن العبادة الخاصة بهم.
موافقة مشروطة
وثمّة معلومات معاكسة وصلت إلى “اندبندنت عربية” في قطاع غزّة، تشير إلى أن إسرائيل أبلغت الجانب الفلسطيني بموافقتها على خروج حوالى 500 من مسيحيي قطاع غزة إلى الضفة الغربية، لزيارة الأماكن المقدسة خلال فترة أعياد الميلاد المجيدة. وفي حال كانت الأخبار الواردة صحيحة، فإنّ هذا لا يعني الفرج بالنسبة إلى المسيحيين، فالعراقيل الإسرائيلية كثيرة، ويظهر عيّاد أنّ الكثير من التصاريح الإسرائيلية للمسيحيين تكون وهمية ومضللة. والتصاريح الوهمية تتمثل في أن تتقدم عائلة مسيحية مكونة من خمسة أشخاص لطلب السفر إلى الضفة الغربية، فتمنح إسرائيل الأطفال القاصرين منها إذن السفر وترفض الأبوين، وبالتالي لن تسافر العائلة بأكملها.
عراقيل مختلفة
وبحسب عياد، فإنّ السطات الإسرائيلية تقوم بإجراءات تفتيش قاسية على المسيحيين المسافرين فور وصولهم إلى معبر “إريتز”، قد تؤدي إلى منعهم من السفر، وإرجاعهم إلى قطاع غزّة، من دون إبداء الأسباب. ولا تقتصر العراقيل على ذلك، بل تمنع إسرائيل أيضاً مسيحيي غزّة من حمل أغراضهم الشخصية أو أيّ مأكولات أثناء السفر، وتشترط عليهم اصطحاب حقائب ظهر صغيرة فقط، ومَن يخالف ذلك تمنعه من السفر كلياً.
ويوضح عيّاد أنّ الجيش الإسرائيلي يقوم بتفتيش كلّ حقائب المسافرين بالكامل، وغالباً ما تتلف محتويات المسيحيين، ويعتقد أنّ تلك الممارسات متعمدة وهدفها إجبار المسيحيين على عدم السفر، أو جعلهم يفكرون في الهجرة خارج غزّة، ويلفت إلى أنّ إسرائيل تقوم بالتحقيق مع المسيحيين، وتفرض على عدد منهم التخابر معهم، ومَن يرفض يتمّ منعه من السفر كلياً إلى الضفة الغريبة.
وبالعودة إلى بدء التعنت الإسرائيلي مع المسيحيين، قال عضو مجلس وكلاء كنيسة الروم الأرثوذكس سهيل سابا “تفاجأنا هذا العام من تعقيد الجانب الإسرائيلي شروط منح التصاريح اللازمة لدخول بيت لحم، وتضمنت منع المسيحيين الأقل من 35 سنة من حقهم في الحصول على تصريح زيارة الضفة الغربية”، وأوضح سابا أنّ المسيحيين يعانون من السياسية الإسرائيلية منذ العام 2006 (تاريخ فرض الحصار على غزّة)، وهذا ما حرم المئات من المسيحيين من ممارسة طقوسهم الدينية في أعياد الميلاد المجيدة.
” اندبندنت”