الدولة وتحولاتها المقبلة عبر لاعبين جدد – د. آمال جبور – الأردن

0 451

العالم الآن – تواجه مختلف المجتمعات والعربية تحديدا تحولا واضحا، في شكل الدولة القادم وسلطتها ، بظهور  لاعبين جدد أسهمت الثورة المعلوماتية الرابعة بدخولهم.
فَمفهوم الدولة بشكله الحالي كان غائبا في مجتمعات القرون الوسطى، متخذا مسميات أخرى مثل الإمبراطورية والسلطنة والممالك.
وهذه المسميات مارست سلطتها على الإنسان تحت غطاء سلطة الكنيسة والاقطاع  والنبلاء، فادخلت الفرد في أزمة جدلية مع هذه السلطة، معلنة عن حروب الثلاثين عاما، انتهت بتوقيع اتفاقية وستفاليا، وواضعة  نظاماً جديداً للمجتمع هو “الدولة الحديثة”
ومع بداية نشوء الدولة، بدأ يتشكل تنظيم إجتماعي وسياسي وثقافي واقتصادي جديد للمجتمعات ، وملازما لمناخات ونظريات العقد الاجتماعي.
ويجدر الاشاره هنا إلى أن الإنسان في فترة الاقطاع  هو ابن الطائفة والعشيرة، َ والجماعات.
اما بعد المرحلة الاقطاعية ودخول الحقبة الراسمالية وتحولات علاقات الإنتاج فيها، تحولت الناس من أبناء عشائر وطوائف إلى أبناء طبقات، وبهذا اخذ مفهوم المواطنة يتشكل في الحقبة الراسمالية تدريجيا.
اذن الدولة الراسمالية التي تأسست على مبادئ العقد الاجتماعي السابق في القرن السابع عشر، وتحولها إلى شكل جديد هو الشكل الامبريالي  فيما بعد، يشهد ارهاصات جديدة بتحول اخر للسلطة، فاصبحت الحاجة ملحة إلى تجديد فكرة العقد الإجتماعي.
وهذه التحولات لمفهوم الدولة و السلطة عبر التاريخ ليست أمرا دستوريا او حقوقيا ، بل هو تكثيف لحراك إجتماعي كبير تشهده المجتمعات المختلفة والعربية منها.
ومع دخولنا الثورة العلمية في القرن العشرين، وتفاعلها مع الثورة المعلوماتية، بدأنا نشهد أيضا تحولا جديدا. سمح لبعض اللاعبين الجدد للظهور والتأثير في صياغة الشكل القادم للدولة  وأدوات سلطتها.
فمن هم اللاعبون الجدد القادمون؟
من الملفت ان التحولات السياسية التي تشهدها المنطقة العربية، بما يعرف إعلاميا بالربيع العربي، يتخذ  فيها هؤلاء اللاعبون مربعات متينة للتغير لم نشهدها من قبل.
ومن اهم اللاعبين، الشباب الذين يتحدون تحت مظلة الشبكات الإلكترونية،  يمارسون ضغطا لا يستهان به على مراكز القرار، ناقلين الفعل السياسي من الشكل القديم كالاحزاب الكلاسيكية إلى الحركات الاجتماعية بما يسمى الحركات الشبكاتية.
ومن الغباء النظر لهم بشكل عفوي وعابر، فمع ان الشباب فاعل حقيقي و إيجابي ، الا ان أسئلة عديدة تطرح حول آلية عملهم وتنظيمهم وتمويلهم.
ويساند هذا اللاعب الفتى، المبرمجون والمصممون لبرامج متعددة الاختصاصات، وسيطرتهم على شركات اقتصادية وعابرة للقارات.
اما الاعلاميون الجدد،. فقد حولوا  جوهر العمل الإعلامي من مراقب وناقل للحدث إلى مشارك اساسي في صناعة  الأحداث وانتاجها وتوجيهها  وتزييفها ، بما يلبي ويخدم مصالح معينة.
إضافة إلى الليبراليين الجدد، والبنوك والمؤسسات المالية. وصولا الى المافيا والاصوليات الجديدة، والمنظمات الدولية.
اما اللاعب القديم  الجديد فهو  البيروقراط، الذي يعمل جاهدا على إعادة إنتاج نفسه، ليصبح ملائما للمرحلة القادمة اذا استطاع ، وشريكا مع اخيه التكنوقراط الذي سيشكل لاحقا وجودا واسعا في الشكل القادم  للدولة.
وهناك لاعب آخر يتم اعداده من بعض الأوساط الأكاديمية من خريجي الجامعات الأمريكية والاوروبية او العاملين في مراكز الأبحاث التابعة لهذه الجامعات.
هؤلاء اللاعبون الجدد، عالميون او محليون، هم انعكاس لتحولات سياسية واقتصادية واجتماعية، أسهمت الثورة المعلوماتية الرابعة في القرن الواحد والعشرين بظهورهم، ودورهم بشكل مباشر وغير مباشر في  رسم سياسات الدول، وإعادة تشكيل السلطة  وتغيير مفهوم الدولة الحالي، فالثورة المعلوماتية تقويهم وتغذيهم وتفتح لهم أبوابها الواسعة.
فيا سادة، الإنسان فاعل اساسي عبر التاريخ، يبحث دوما  عن التغير في اختيار أدوات عصره، لإثبات وجوده،  فجميع هياكل السلطة على مستوى العالم تتجه إلى التحلل والتفكك، فما عادت الدولة تستند بقوتها إلى الجيوش والمؤسسات والموارد ، فأصبح من يملك الفكرة والمعلومة، شريكا في مراكز القوة والقوى الجديدة ويتحكم في طرق نقلها، وقدرته على التعامل معها للسيطرة على المستقبل.
ملاحظة : ملخص للورقة التي قدمتها في المؤتمر الفلسفي العاشر قي عمان بعنوان “اللاعبون الجدد وتحولات السلطة

رابط مختصر:
مقالات ذات الصلة

اترك رد