احتجاجات فلسطينية واستعدادات أمنية إسرائيلية قبل إعلان ترمب
العالم الآن -؟تظاهر آلاف الفلسطينيين اليوم (الثلاثاء)، احتجاجاً على خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، للسلام الإسرائيلي الفلسطيني، قبل قليل من الموعد المقرر للإعلان عنها خلال مراسم في واشنطن.
وفي مدينة غزة، داس المتظاهرون صوراً لترمب كانت ملقاة على الأرض. ولوحوا بالأعلام الفلسطينية وحملوا صوراً للرئيس الفلسطيني محمود عباس. وصاح ناشط عبر مكبر صوت: «ترمب أحمق… فلسطين ليست للبيع»، وفق ما نقلته وكالة «رويترز» للأنباء.
وفي مخيم للاجئين في القطاع الساحلي (المُطل على البحر المتوسط)، تجمع نحو 50 شخصاً في ساحة الشهداء وهم يرفعون صوراً لعباس وسلفه ياسر عرفات، الذي حمل شعلة القضية الفلسطينية حتى وفاته في 2004. وقالت أم أحمد، التي شاركت في الاحتجاج: «سندفع من دمائنا وأرواحنا وأبنائنا ثمناً للقدس… صفقة ترمب لن تنجح أبداً».
ويخشى الفلسطينيون أن تبدد الخطة آمالهم في إقامة دولة مستقلة في الضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية، وهي مناطق احتلتها إسرائيل في حرب عام 1967، من أن تسمح الخطة لإسرائيل بضم مساحات كبيرة من الأراضي.
وعزز جنود إسرائيليون وجودهم في مواقع قرب بؤرة ساخنة بين مدينة رام الله ومستوطنة بيت إيل اليهودية في الضفة الغربية المحتلة. وذكر متحدث عسكري إسرائيلي أنه جرى إرسال جنود لتعزيز غور الأردن، وهي منطقة تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بضم جزء منها.
وفي الوقت الذي رحب فيه زعماء إسرائيليون بالخطة، رفضها قادة فلسطينيون حتى قبل الإعلان الرسمي عنها، قائلين إن إدارة ترمب منحازة لإسرائيل.
وقال حسام زملط رئيس البعثة الفلسطينية إلى بريطانيا، لـ«رويترز»، في لندن، إن خطة ترمب للسلام مجرد «مسرحية سياسية». وأضاف: «هذه ليست صفقة سلام… هذا تحويل لشعب فلسطين وأرض فلسطين إلى بانونستان أخرى». وكان يشير إلى مناطق مستقلة كان يعيش فيها السود إبان فترة الفصل العنصري في جنوب أفريقيا.
وأشار إلى أن «28 يناير (كانون الثاني) 2020 سيمثل ختم القبول الرسمي من الولايات المتحدة لنظام فصل عنصري متكامل تطبقه إسرائيل». وترفض إسرائيل جملةً وتفصيلاً أي مقارنة مع النظام السابق في جنوب أفريقيا.
وسيدلي ترمب بتصريحات مشتركة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في البيت الأبيض، في وقت لاحق اليوم (الثلاثاء)، لتوضيح خطته، وهي نتاج جهود استمرت ثلاثة أعوام من صهره وكبير مستشاريه جاريد كوشنر.
وقال نتنياهو، أمس (الاثنين): «صفقة القرن هي فرصة القرن ولن نفوّتها». وأشاد بها زعيم المعارضة الإسرائيلي بيني غانتس باعتبارها «مهمة وتمثل حدثاً تاريخياً»، وقال إنه سيعمل على تطبيقها على الفور بعد انتخابات عامة سينافس فيها نتنياهو في مارس (آذار).
وتطرق ترمب إلى مخاوف الفلسطينيين قائلاً، أمس: «لن يرغبوا بها في البداية على الأرجح… ولكن أعتقد أنهم (سيوافقون عليها) في النهاية… إنها جيدة بالنسبة إليهم… في الواقع هي جيدة للغاية لهم».
لكن ليس من الواضح على الإطلاق إن كانت الخطة ستحيي جهود السلام المتوقفة منذ فترة طويلة.
ويقول قادة فلسطينيون إنه لم تتم دعوتهم لواشنطن لحضور عرض ترمب وإن الخطة لن تنجح من دونهم.
وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أمس، إنه لن يوافق على صفقة لا تؤمّن حل دولتين مستداماً. وتضع هذه المعادلة، التي كانت محور سنوات من مساعي السلام الدولية المتعثرة، تصوراً لوجود إسرائيل جنباً إلى جنب مع دولة فلسطينية.
ويرفض الفلسطينيون التعامل مع إدارة ترمب احتجاجاً على سياساته الموالية لإسرائيل مثل نقل السفارة الأميركية في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس التي يريد الفلسطينيون أن يكون الشطر الشرقي منها عاصمة لدولتهم في المستقبل.
وندد الفلسطينيون بالمرحلة الأولى من الخطة والتي تمثلت في خطة إنعاش اقتصادي بقيمة 50 مليار دولار تم الإعلان عنها في يوليو (تموز) الماضي، لأن الخطة لم تتطرق إلى الاحتلال الإسرائيلي.
وتخشى مصادر فلسطينية وعربية اطّلعت على المسودة، من أنها تسعى لرشوة الفلسطينيين لقبول الاحتلال الإسرائيلي، فيما قد يمهّد لضم إسرائيل لنحو نصف الضفة الغربية بما في ذلك معظم غور الأردن.
كانت إدارة ترمب قد تخلت في نوفمبر (تشرين الثاني) عن سياسة أميركية قائمة منذ عقود عندما أعلن وزير الخارجية مايك بومبيو، أن واشنطن لم تعد ترى المستوطنات الإسرائيلية على أراضي الضفة الغربية تتعارض مع القانون الدولي. ويرى الفلسطينيون وغالبية المجتمع الدولي المستوطنات غير قانونية، وترفض إسرائيل ذلك.
وقال جون ألترمان، مدير برنامج الشرق الأوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، إن ترمب ونتنياهو يريدان صرف الانتباه عن مشكلاتهما الداخلية. وقال: «المشكلة هي أنها (الخطة) لا تبدو كبداية مبادرة مهمة».
وأقر مجلس النواب الأميركي مساءلة ترمب الشهر الماضي، وتجري محاكمته في مجلس الشيوخ بتهمة إساءة استخدام منصبه. أما نتنياهو فسيواجه على الأرجح محاكمة بتهم الفساد. وسَحَب، اليوم (الثلاثاء)، طلبه للحصول على حصانة من الملاحقة القانونية من البرلمان. وينفي الرجلان ارتكاب أي مخالفة.
” الشرق الاوسط”