الحب بسموه وجلاله – سميحة شعبان / لبنان

0 918

 

 

العالم الآن – في زحمة ما تمليه علينا الحياة، وتأخذنا بضوضائِها…
تُنْهِكُنا…
تتقاذفنا أرصفتها
كموج البحر بمدٍ وجزر رتيب… ولو بُضعٍ من خيالات يتيحُها الأفقُ… لكُنّا أعلنّا هزيمتنا بوجه القدر، ومن دون حسبان نأخذ برهة من الزمن… كأننا فيها نعيش خيالاتنا أو حلمنا، ونغرق فيها…
كل الكون يُمْسي ملامح تتشخصُ وعيونٌ تشعُ بريقاً وأنفاسٌ نستشعرُها لحْن حنان، كأن الزمن وقدره غفل للحظةٍ عنا، وتمنحنا الدنيا فرحٌ غامض ونور شعَّ في موطن الروح بلحظة برق في صيف لم نتوقعها، هنا ندرك أن الحب يغزو حياتنا…
فكيف لحرفين أن يصنعا ثورة ومعجزة في ذاك القلب الصغير…
كيف لليد أن تتفحَّص كفَّها عند كل سلام…
كيف تتوه الكلمات…
كيف نقرأ دون أن نَنْبُثَ بنت شفة…
إن الحبّ شعور انساني، لا يستطيع فيه الانسان العيش بلا حب… الحب ليس سُلعة تباع في متاجر العطارين، وليس باقة ورد تُباع في محال الزهور… الحب ليس له يوم محدد، ولا عمر معين، ومهما اقترب الانسان من حافة العمر، تبقى نبضات الحبّ في قلبه تخفق للنفس الأخير.
لا ترتبط مشاعرنا بيوم، محدد وهو (عيد العشاق)… عندما تتغلغل مشاعر الحب فينا وتستقر بالروح والشريان، تصبح أيامنا كلها أعياد نحتفل بذكراها في كل دقيقة وثانية…
أوليس حب الوطن شيء من الحب، وحبّ الأهل والأبناء وما عليهما، وصولاً الى حب الدنيا أليس هذا أيضاً بحب…
الحبيب يهرب من ضجيج الدنيا الى هدوء قلب حبيبٍ يرتاح إليه، ويسمع خفقة فؤاده، ويتبعها في ذلك المدى المفتوح الذي هو حدود حبيبه التي لا تعرف حدود.
في العشق لا توجد محكمة لنقض الأحكام، لأنه قدرٌ وأبد يُشْعِلُ مصابيح الأمل، وتعشعش الأشواق، لأن للحبّ قدسية تسمو به المشاعر…
لسنا نحن من يختار الحب… الحب هو الذي يختارنا…
الحبّ يغسل الروح بماء الفرح، والفرح والحب يتماهيان، لأن الفرح يجعلك انساناً، والحبّ يتعملق في الإنسان، ويصل الى أبعد من الأرض والسماء، وفي الظلّ يتحول الحب الى عشق، ويتبدّل العشق الى جنون… جنون عشق يكسر المدى وسيرورة الزمن…
لكل محبٍّ عروسة لشعره، وملهمة لحرفه، وعلى دروب الليل يفرش لها الحب ويُعطِّر كلماته بزهر الليمون، فتُلْهِب بركان الشوق في قلبه، وفؤاد المحب يطوف كالإيمان بقلب العابد في صلاة أزلية، محرابها الحب…
الحب هو الهواء وشعاع الشمس وساعة العمر، التي لا نهاية لها إلا برقاد أبدي…
من أُحِبُّ وأنا…
كتابٌ واحد…
لا بل نحن بيت واحد من الشعر والقصيدة…
لا حبّ خارج الشعر، ولا شعر خارج الحبّ، ولم يُكْتَب الشعر إلاّ لمن عرف الحبّ، وكل من يشرب يرتوي، إلاّ المحب يناله الظمأ الدائم، والمرأة هي الحبّ وهي التي تجعل المحبّ مارداً ينطق شعراً وقصائد غزل…
لذلك، لا بد من القول بأن الحبّ هو الناس، وهو الحياة، وأن نُحبّ لتكون لنا الحياة، وأن لا نقع فريسة من لا يعرف الغناء إلا قرع الطبول، وبأن الحبّ وحده كان ولا يزال، الخيط الذي يُرَتِّق خروق الروح، ويلظم الخيل والليل والبيداء لأجل ابتداء الفجر…

.

 

رابط مختصر:
مقالات ذات الصلة

اترك رد