(غُرفة الفئران) – رانيا أبو عليان

0 632

العالم الآن – …وكانت أكبرٌ التهديدات التي كُنَّا نتلقاها في طفولتنا المُبكرة هي إصطحابنا إلى “غرفة الفئران” عند كُلِّ ذنب،..فكانَ التَأخر بحل الواجب والمشاغبة والتقصير يوجب ذاك التهديد الذي يردعنا ويَردُنا للطريق القَويم.
…لازلتُ اذكر رُعبِيَ من تلكَ الغرفة التي كانوا يزعمون أنها على “سطح المنزل”..وكانَ لها تواجدٌ آخر في نهاية ساحة المدرسة في دهليزٍ مُخيفٍ كم كُنا نَهَابه…
وكم لَوَحَتْ والدتي ومعلمتي بذاكَ التهديد الذي تقف أمامه كل احلامنا بالشقاوة والمُشاغبة والتقصير،.. فنرتَدِع دونَ مُقاومة ونُعلن الإعتذار والوعد بعدمِ التكرار.
…وأنا كأمٍ معروفةٌ برقةِ القلب وعدم القدرة على إيقاع أي عقابٍ بأطفالي من رفقي بهم، عانيتُ من الكثير المُشاغبات التي لم أقوَ على قمعِها،
…فكيفَ لي أن أدُبَّ الرُعبَ في قلوبهم الصغيرة و كيف سيطاوعني قلبي على تهديدهم بإصطحابهم لذاك المكان الذي أرعَبَ طفولتي المبكرة؟؟
..كيف لي أن أقول لطفلي صاحب السبع سنوات “قاسم”سأصطحبك “لغرفة الفئران”..وأي قلبٍ قاسٍ لي ليفعل ذلك؟
رافقني ذاكَ الهاجس طويلاً حتى جاءَ يومٌ زادت مشاغبة “قاسم”وعناده عن الحد الذي يُطاق،..فقررت أن أدوس رِقةَ قلبي وأستعين بالتلويح “بغرفة الفئران”لعلني اجد سلطةً تردع ذاك الشقي ذو السبع سنوات،…
…سرت نحوه بقوةٍ وجأش وهو يتسلق الكرسي صعوداً نحو الطاولة..وبادرته بحزم لم أعرف بنفسي كمثلة من قبل قائلةً:”إذا لم تنزل عن الطاولة سوف أصطحبك لغرفة الفئران”.
…وبعد أن فتحت عيني مُتتظرة ردة فعلِهِ المرعوبة و منتظرةً إعتذاره وارتداعه عن فِعِلهِ هذا،..وإذا به يُبادرني ضاحكاً قائلاً “ماما ما في إشي اسمه غرفة فيران أصلا”…وأكمَل قفزهُ غيرَ آبهٍ بي وبتهديدي.
…وبعدَ لحظةٍ من ذهولٍ عقبَ موقفِ ذاكَ المُشاغب الصغير ،..تساءلتُ في نفسي…فكيف لنا أن نردعَ جيل لم تعد “غرفة الفئران”تردعه حين نلوح بالعقابِ بها؟
…وويلٌ للأهالي والمعلمين بعد إنهيار سُلطتهم بالتلويحِ ب”غُرفة الفئران” .
…ويبقى التساؤل بعد ما كان؟…هل يوجد في زماننا هذا كمثلِ”غُرفة الفئران”لتردع اولئك المشاكسين الصغار وقت الحاجة؟؟
….وهل لازال هناك من يستطيع التلويح بتلك الغرفةِ في زمان “الببجي” و”الآيباد” و”البليستيشن”؟؟
#رانيا_أبوعليان

رابط مختصر:
مقالات ذات الصلة

اترك رد