“ديكساميثازون” يسهم في إنقاذ حالات كورونا الشديدة

0 211

العالم الآن – تبيّن أنّ عقاراً زهيد الثمن من عائلة الـ”ستيرويد” [“كورتيزون”] الدوائية يُسمى “ديكساميثازون” في مقدوره خفض خطر الوفاة بنسبة تصل إلى الثلث بين مرضى فيروس كورونا الذين يعانون مضاعفات شديدة في الجهاز التنفسيّ، بحسب ما ذكر باحثون في جامعة “أكسفورد” البريطانية.

وجد العلماء البريطانيون الذين يعملون على تجربة التعافي من “كوفيد 19” أنّ الدواء يفيد المرضى الموضوعين على أجهزة التنفس الصناعي أو الذين يتنفسون بواسطة أنابيب الأوكسجين، بيد أنه لم يترك تأثيراً لدى الأشخاص الذين لم يحتاجوا إلى مساعدة في التنفس.

جاء في تصريح للعلماء في هذا الشأن، “بناء على هذه النتائج، من المستطاع منع وفاة واحدة عن طريق علاج نحو ثمانية مرضى موضوعين على أجهزة التنفس الصناعي، أو نحو 25 مريضاً تتطلّب حالاتهم الأوكسجين فقط”.

وأشاد بوريس جونسون رئيس وزراء بريطانيا بتلك الأنباء واصفاً إياها بـ”الاختراق العلمي الأكبر حتى الآن” في المعركة ضد فيروس كورونا، وأكد أن لدى المملكة المتحدة مخزون من ذلك الدواء يكفي لمواجهة صعود ثانٍ في حالات “كوفيد 19”.

وفي مؤتمر “داونينغ ستريت” (مقر الحكومة البريطانية) الصحافي اليومي، قال رئيس الحكومة “أنا فخور بهؤلاء العلماء البريطانيين، المدعومين بتمويل من الحكومة، الذين قادوا التجربة السريرية المتينة الأولى في أيّ مكان في العالم من أجل إيجاد علاج لفيروس كورونا ثبت أنه يخفض خطر الوفاة”.

وأكد جونسون أن الدواء سيتوفّر لدى هيئة “الخدمات الصحية الوطنية” NHS، مضيفاً “اتخذنا خطوات بغية التأكد من أن لدينا ما يكفي من إمدادات (من العقار)، حتى في حال طرأت ذروة ثانية (من كورونا)”.

في الواقع، خزّنت الحكومة البريطانية 200 ألف جرعة من “ديكساميثازون” منذ مارس (آذار) الماضي، وأدرجت محاليل تؤخذ عن طريق الفم أو الحقن في قائمة الأدوية المحظور تصديرها من المملكة المتحدة في منتصف ليل الثلاثاء الماضي. أما نوع الأقراص من الدواء فحُظر منذ أبريل (نيسان) المنصرم.

في تطور متصل، قالت وزارة الصحة البريطانية في بيان إنّ حظر تصدير الدواء يرمي إلى ردع الشركات عن شراء إمدادات الدواء المخصَّصة للمملكة المتحدة، ثم إعادة بيعها بأسعار أعلى خارج البلاد.

وفيما يتعلّق بتفاصيل التجربة، قال الخبراء إن مجموعة عشوائية تتضمن 2104 مرضى أخذوا ستة ملليغرامات من “ديكساميثازون” يومياً لمدة 10 أيام، بينما أُعطيت مجموعة أخرى تشتمل على 4321 مريضاً علاجاً روتينياً. في النتائج الأولية، تبيّن أنّ “ديكساميثازون” أدّى إلى خفض الوفيات بنحو الخُمس بين المرضى الذين يتنفّسون بواسطة أنابيب الأوكسجين، وبنسبة الثلث بين أولئك الموضوعين على أجهزة التنفس الصناعي.

علّق على النتائج بيتر هوربي، بروفيسور الأمراض الناشئة والصحة العالمية في جامعة “أكسفورد”، وأحد كبار الباحثين في التجربة، إذ قال إن ذلك الـ”ستيرويد” موجود منذ ما يربو على 60 عاماً وكان يُعتبر في نظر البعض “عقاراً رتيباً جداً” بيد أن النتائج كانت “رائعة”.

وقال في مؤتمر داونينغ ستريت الصحافي، “نظرنا إلى الأرقام، ووجدنا أننا إذا عالجنا ثمانية مرضى يخضعون للاستشفاء في العناية المركزة بواسطة هذا الدواء، سننقذ حياة شخص واحد منهم”.

أردف “تبلغ التكلفة الإجمالية لعلاج ثمانية مرضى نحو 40 جنيهاً إسترلينياً فقط. لذا، هذا أمر رائع حقاً ونحن في غاية السرور بهذه النتيجة.”

ورداً على سؤال حول موعد البدء في استخدام الدواء، قال البروفيسور هوربي “إنه موجود في الخزائن، يمكن البدء باعتماده هذا المساء”.

كذلك تحدّث في هذا الشأن باتريك فالانس، كبير المستشارين العلميين للحكومة البريطانية، وقال إنها “البداية لأمر مهم” إذ تبيّن أن “ديكساميثازون” الدواء الأول الذي يمكنه خفض احتمالات الوفاة في أيّة مجموعة من المرضى.

ولكن عندما سُئل عمّا إذا كان ذلك الإنجاز يعني نفي الحاجة إلى التخوّف من ارتفاع ثانٍ في إصابات كورونا، قال إنه في حين أنّ الدواء الجديد يجدي نفعاً، “بيد أنه لم يخلِّف الأثر الذي يحملنا على الاعتقاد بأنه لا يجدر بنا أن نولي التدابير الأخرى الاهتمام”.

أما مارتن لاندراي، برفيسور الطب وعلم الأوبئة في جامعة “أكسفورد”، وأحد كبار الباحثين الرئيسين في التجربة، فذكر “النتائج الأولية المستقاة من تجربة التعافي واضحة جداً، إذ يخفض (ديكساميثازون) خطر الوفاة بين المرضى الذين يعانون مضاعفات تنفسية شديدة”.

وأردف، “إن فيروس “كوفيد19″ يمثّل داء عالمياً، ومن المدهش أن العلاج الأول الذي ثبُت أنه يحدّ من الوفيات متوفّر حالياً وبأسعار معقولة في شتى أنحاء العالم”.

فيما يتعلق بالأسعار، أضاف لاندراي “تبلغ تكلفة دورة علاج كاملة في (إن إتش إس) في حدود 5 جنيهات إسترلينية، وهي أدنى بأشواط، ربما أقل من دولار واحد، في أجزاء أخرى من العالم، كالهند مثلاً”.

كريس ويتي، كبير المسؤولين الطبيين في إنجلترا، رأى من جهته أنها كانت “النتيجة الأهم التي تفضي إليها تجرية على علاجات (كوفيد 19) حتى الآن”.

وقال في هذا الصدد “انخفاض كبير في معدل الوفيات لدى الأشخاص الذين يحتاجون إلى الأوكسجين أو أجهزة التنفس الصناعي بواسطة دواء متاح على نطاق واسع وآمن ومعروف. الشكر الجزيل للأشخاص الذين شاركوا في ذلك وجعلوه يتحقّق. سوف ينقذ الأرواح في أنحاء العالم”.

يُذكر أنّ الباحثين يعملون حالياً على نشر التفاصيل الكاملة لنتائجهم.

في سياق ذي صلة، دعا نيك كاماك، من مؤسسة “ويلكوم هيلث”، إلى توفير الدواء لكل شخص يحتاج إليه في شتى أنحاء العالم، سواء في وسعه أن يتحمّل تكاليفه أم لا.

وأضاف أن الدواء “سعره معقول جداً، وسهل الصنع، ويمكن زيادة كميته سريعاً ولا يحتاج المريض إلا إلى جرعة صغيرة منه. هذه أنباء واعدة جداً وخطوة مهمة إلى الأمام، لكن ما زال أمامنا طريق طويل لنقطعه بغية القضاء على هذه الجائحة، ما زلنا بحاجة إلى فحوص طبية أفضل لرصد الحالات، وأدوية للعلاج ولقاحات لدرء كورونا”.

© The Independent

رابط مختصر:
مقالات ذات الصلة

اترك رد