(من طلب العلا سهر الليالي)- رانيا أبو عليان

0 552

العالم الآن – …كنت ولا أزال من عشاق الدراسة والقراءة وعمل الأبحاث في هدوءِ الليل الجميل،..
….فكم كان يسحرني سكونه والانفراد الجميل بين هدوئه والنجوم،
…هناك حيث لا أحد يُنغِصُ عليكَ خلوتك مع كتابك،…فلا أصواتٌ للبائعين ولا بعثرةٌ للإزعاج من بعض المارة ،..ولا أصواتٌ مُدويَةٌ تقطع عليكَ تركيزك ووقتك الجميل.
…رافقني ذاك الليلُ الساحرُ في جميع أوقات حياتي ومراحلها،…
….في الدراسة وعمل الأبحاث والتدقيق والترجمة والتصميم وبعض الأعمال ،وفي ممارسة القراءة وهي هوايتي المفضلة منذ طفولتي الغَضَّة،..
..فقد كنت أرقُبُ وقتهُ بفارغ الصبر وعقلي يعُجُ ويَضجُ بأفكارٍ للإنجاز في تلك الليلة،.. فالليل وهدوءه هما الوقت المفضل لي لهذا النوع من العمل ،…فعقلي وتركيزي لا يستوعبان صوتين معاً،..
….ولطالما كنت استغرب من أولئك الذين يدرسون في الزحام وعلى أصوات الموسيقى الصاخبة،…فصوتُ بعض قطرات الماءِ على احد الأسطحِ كانَ كفيلاً بإزعاجي وإفقادي لتركيزي بما أدرس أو أعمل.
…استمر هذا الحال معي حتى بات لليلي كما لنهاري خطة إنجازٍ كاملة،…
فلا أغفو فيه سوى للحظاتٍ أضطرها لأستجمع بعض العافية ليومي الجديد القادم.
…وكنت كلما يصيبني بعضُ إنهاكٍ يحاول أن يوقعَ بي بدائرة التخاذل والكسل أتذكر مقولة(من طلب العلا سهر الليالي)،..نعم إنني بكل ما فيَّ طالبةٌ للعلا ..فلن أتوانى إذا عن سهر الليالي.
….وذات ليلة ذهبت لتلك الساحرة الفاتنة التي أنجبت ابنتي”رهف” وهي تعيش هوايتها المفضلة في وقتٍ متأخر من الليل فتجاهد النوم لتكمل روايةً للروائي”ايمن العتوم”والذي تشغف رهف بكل ما يكتُب بشدة،..فخاطبتها قائلة”حسبَكِ ، يكفيكِ، فلتخلدي للنوم”،.. فاجابتني قائلة…
“ماما لا أريد النوم،من طلب العلا سهر الليالي”.،…….فمضيتُ تاركةً لها لتكمل قراءتها بإبتسامة لا تكاد تخفى وضحكت في نفسي ،….فكم من صفاتنا نورثها “بجيناتنا” وأحيانا بسلوكنا لصغارنا، فها هو إيماني يُصبحُ إيمانها،… ولربما ستنقله هي لأجيال بعدها ليعيشوا حالتي مؤمنين بمقولة:-(من طلب العلا سهر الليالي)

#رانيا_ابوعليان

رابط مختصر:
مقالات ذات الصلة

اترك رد