محاكمة بشأن أعمال الشغب في مبنى الكابيتول… اختبار لحدود حرية التعبير
العالم الان – قضت هيئة محلفين في نيويورك أمس (الأربعاء)، بعد محاكمة استمرت أسبوعاً أعادت النظر في أحداث الشغب التي وقعت في 6 يناير (كانون الثاني) في مبنى الكابيتول، بأن حرية التعبير قد تكون مقدسة في الولايات المتحدة لكن الدعوة إلى قتل نواب أميركيين عبر وسائل التواصل الاجتماعي هي غير قانونية.
ورأت المحاكمة اليدرالية، وهي الأولى المتعلقة باقتحام أنصار الرئيس السابق دونالد ترمب الكونغرس، أنها اختبار لحدود حرية التعبير التي يحميها التعديل الأول للدستور الأميركي، حسبما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
وبعد ثلاث ساعات فقط من مداولات هيئة المحلفين، أُدين برندن هانت (37 عاماً) وهو موظف في محكمة ويستخدم الاسم المستعار «إكس – راي ألترا»، بالتهديد بقتل مسؤولين منتخبين، بمن فيهم زعيما الكونغرس الديموقراطيان نانسي بيلوسي وتشاك شومر، وعضو الكونغرس التقدمية ألكساندريا أوكاسيو – كورتيز.
وأُدين هانت بأنه «تعمّد العرقلة والترهيب والتدخل» في تأديتهم واجباتهم الرسمية، وتحديداً خلال جلسة الكونغرس في 6 يناير التي عُقدت للمصادقة على فوز جو بايدن في انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) الرئاسية.
كما اتهم هانت بـ«اعتزامه الانتقام» بسبب تصويت أعضاء الهيئة الناخبة الذي أكد أن على ترمب مغادرة البيت الأبيض بعد ولاية واحدة فقط.
والتهم مرتبطة بمنشورات نشرها هانت على مواقع التواصل الاجتماعي. ويعود تاريخ المنشور الأول إلى 6 ديسمبر (كانون الأول) ليدعو ترمب عبر «فيسبوك» إلى «إعدام بيلوسي وشومر وأوكاسيو – كورتيز وغيرهم علناً»، وكتب: «وإذا لم تفعلها سيقوم المواطنون بذلك».
في 8 يناير، بعد يومين من اقتحام أنصار ترمب مبنى الكابيتول لمحاولة وقف فرز الأصوات، نشر هانت مقطع فيديو مدته 88 ثانية على «بيتشوت»، وهي منصة رائجة بين أعضاء اليمين المتطرف، بعنوان «اقتلوا أعضاء مجلس الشيوخ».
وقال فيه: «يجب أن نعود إلى مبنى الكابيتول عندما يكون جميع أعضاء مجلس الشيوخ والكثير من النواب هناك، وهذه المرة علينا أن نظهر بأسلحتنا».
وأضاف هانت مستخدماً عدداً من الشتائم: «سأذهب إلى هناك بنفسي وأطلق النار عليهم وأقتلهم».
وقال ناطق باسم الادعاء بعد صدور الحكم إن هيئة المحلفين وجدت هانت مذنباً بسبب الرسالة التي بعث بها عبر مقطع الفيديو.
وأوقف مكتب التحقيقات الفيدرالي أكثر من 400 شخص على صلة بالعنف الذي وقع في 6 يناير والذي وصفه بايدن بأنه «تمرد». ومن بين آلاف المكالمات التي تلقوها، كان أحد المتصلين ينبههم إلى فيديو هانت.
هانت وهو نجل قاضٍ متقاعد، يقول عن نفسه إنه ممثل وموسيقي وصحافي، أُلقي القبض عليه في منزله في حي كوينز في نيويورك في 19 يناير، في اليوم السابق لتنصيب بايدن.
ولم تعثر الشرطة على أي أسلحة أو أدلة على تورطه أو تواصله مع أي جماعات متطرفة.
لم يقل المدعون إن هانت الذي قرأ كتاب «ماين كامف» (كفاحي) ودعا ترمب للاستيلاء على السلطة «مثل هتلر»، كان في واشنطن يوم 6 يناير أو حتى إنه كان ينوي الذهاب إلى هناك.
وركزت المحاكمة على ما إذا كانت تهديدات هانت خطيرة وما إذا كان يعتزم فعلاً مهاجمة المسؤولين المنتخبين، كما قال المدعون.
وقالت محامية هانت المعينة من المحكمة ليتيسيا أوليفيرا، إن الرسائل كانت مجرد «هراء»، كان لديه الحق في قول ما قاله بموجب الدستور الذي يحمي حرية التعبير. وأوضحت أنه يجب ألا يؤخذ على محمل الجد نظراً إلى أن هانت اعترف بإدمانه الكحول وأن قناة الفيديو الخاصة به تضم 99 مشتركاً فقط.
وقالت أوليفيرا خلال المحاكمة: «رغم أن (التصريحات) غير واقعية ومهينة، يحق له أن يقول هذه الأمور»، مضيفةً أن «لا أحد» أخذ المنشورات على محمل الجد وأن هانت أزال مقطع الفيديو الخاص به من المنصة في اليوم التالي.
وأشار المدعي العام ديفيد كيسلر في مرافعته الختامية أمس (الأربعاء)، إلى أن «التعديل الأول من الدستور لا يحمي» من يطلق تهديدات مماثلة. وأضاف أن «الحكومة لا تحتاج إلى إثبات أن المتهم حاول القتل. التهديد هو الجريمة» حتى لو تم ذلك على مواقع التواصل الاجتماعي ولم يكن موجهاً مباشرةً إلى الأشخاص المستهدفين.
واتفقت هيئة المحلفين التي شاهدت مقطع فيديو للهجوم على مبنى الكابيتول واستمعت إلى شهادات أدلى بها شرطيون كانوا في الموقع يوم الاعتداء، مع الادعاء. لكن خبراء يتوقعون الطعن في الحكم في بلد يعدّ فيه الدستور مقدساً.
وقال ديمتري شاخنيفيتش أستاذ القانون الجنائي في جامعة نيويورك سيتي، لوكالة الصحافة الفرنسية: «عند الاستئناف، أنا متأكد من أن قضية حرية التعبير ستثار». ويواجه هانت عقوبة بالسجن لمدة تصل إلى عشر سنوات.