واقع سلوكيات الأطفال بعد جائحة كورونا- بقلم أ.عدلة محمد أبو خضير
العالم الان – يعيـش العالـم وضـع طـوارئ سـببه انتشـار فيـروس كورونـا المسـتجد (كوفيـد-19)، الـذي أعلنـت منظمـة الصحـة العالميـة تفشـيه ليصبـح جائحـة فـي (11) آذار 2020، واسـتمراره بالتأثيـر علـى ملايين الأشخاص حــول العالــم، إذ طفــت علــى الســطح مئـات مشـاهد السلوكيات السلبية التـي باتـت مؤذيـة أكثـر مـن الفيـروس ذاتـه؛ كونها تفصح عن مشكلات اجتماعية وثقافية وسياسية طويلـة الأمد تمتـد حتـى لمـا بعـد اختفـاء الفيـروس.
ويعرف السلوك بأنه أي أذى مقصود يلحقه الطفل بنفسه أو بالآخرين سواء كان هذا الأذى بدنياً أو معنوياً ومباشراً أو غير مباشراً، صريحاً أو ضمنياً، أو غاية في ذاته، كما عُرف السلوك العنيف بأنه الاستجابة التي تعقب الإحباط ويراد بها إلحاق الأذى بفرد آخر وحتى بالفرد نفسه، ويتدرج العنف من الاعتداء البدني على الآخرين إلى التهجم اللفظي والتأنيب والاستخفاف بالآخرين والسخرية منهم وقد يكون العنف متخيلاً وقد يأخذ شكلً كالإحساس بالغضب. وفي ذات السياق عُرّف السلوك العنيف بأنه السلوك المبالغ فيه كاستجابات متعلمة للتعبير عن الإحباط، كما ويمكن تعلمه كأدوات لتحقيق الأهداف، ويحدث التعلم عن طريق ملاحظة النماذج لمثل هذا السلوك، والتي يمكن ملاحظتها في الأسرة، وبين الأقران، ومن خلال وسائل الإعلام، والتلفاز، أو المواقع الالكترونية.
ومن أكثر الأفراد التي ترى الدراسات بأنها عرضة لهذه الخطر من النواحي الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية هم الأهل وأطفالهم؛ كونهم أكثر انفصالاً عن أنظمة الدعم المباشرة الخاصة بهم، مثل الأسرة الممتدة ورعاية الأطفال والمدارس والجماعات الدينية ومنظمات المجتمع الأخرى والعديد من المخاطر والتحديات الخفية، حيث قامت تلك الدراسات بمراجعة الصعوبات والتحديات التي يواجهها كل من الأهل والأطفال، وخاصة الأطفال خلال الإغلاق وتأثيره على صحتهم العقلية والبدنية، وما ينجم عليه من سلوكيات سلبية.
ومنذ زمن ليس بالقريب قد حظي موضوع السلوك وخاصة السلوك العنيف محاولات لخفضه وتعديله باهتمام كبير من طرف المربين في الوسط التربوي عموماً والمدرسين خصوصاً، لما له من نتائج مشجعة في سبيل تغيير وتقويم سلوك الأطفال، ويعتبر المعلم المسئول الأول الذي تناط به مهمة تعديل وتقويم سلوك الأطفال، ويستخدم المعلمون لتعديل السلوك العنيف لدى طلبتهم أساليب متنوعة ومتباينة، تتراوح بين المتساهلة، وبين إلى المتشددة المتصلبة، والتي يتم استخدامها وفق السلوك الذي يتبعه الطالب، وخاصة بعد انقطاع كبير عن العملية التعليمية بسبب الحجر الصحي وإغلاق المدارس التعليمية والعودة إليها بعد عام تقريباً.
ويمكن تلخيص مظاهر سلوك العنف بأنها تتمثل في: العنف الموجه إلى الآخرين، حيث يقوم بعض الأطفال بإثارة الشّغب داخل البيت أو المدرسة وذلك بالتعدي على الأطفال بالضرب. والإضراب والامتناع: حيث يتزعم بعض الأطفال حركة العصيان والإضراب داخل المنزل أو المدرسة. والتمرد على المجتمع: وهو تجمع بعض الأطفال في مجموعات تحاول الخروج عن تقاليد المجتمع ومخالفة القيم والقواعد التي يحافظ عليها. وأخيراً الإتلاف والتحطيم: حيث يقوم بعض الأطفال بالعنف المادي على أجهزة ومعدات وأثاث البيت أو المدرسة.
وبالطبع فإن أي سلوك مهما كان نوعه ومنه السلوك العنيف يمكن أن يتم تعديله من خلال برامج يمكن أن يقوم التربوي بتصميمها وتطبيقها على الأطفال المراد تعديل سلوكهم العنيف، وهذا ما أشار إليه السلوكيون بأن السلوك العنيف شأنه شان أي سلوك يمكن اكتشافه ويمكن تعديله وفقاً لقوانين التعلم، ويرى أصحاب النظرية السلوكية أن السلوك برمته متعلم من البيئة ومن ثم فإن الخبرات المختلفة التي اكتسب منها الطفل السلوك العنيف قد تم تدعيمها بما يعزز لديه ظهور الاستجابة للعنيف كلما تعرض لموقف محبط، بينما اختلف فرويد مع النظرية السلوكية حيث يرى أن السلوك العنيف يعتبر أحد الغرائز الأولية للإنسان، فالعنف طبيعة لدى الفرد وفي الغالب تبدأ من ذاته ثم تتجه نحو العالم الخارجي، ومن النظريات الأخرى التي فسرت مفهوم السلوك العنيف نظرية التعلم الاجتماعي، وصاحب هذه النظرية هو “ألبرت باندورا” الذي يعتبر أول من وضع أسس نظرية التعلم الاجتماعي أو كما تعرف “التعلم من خلال الملاحظة أو المشاهدة”. والفكرة الأساسية لهذه النظرية تقوم على أن العنف سلوك متعلم كأي سلوك اجتماعي آخر. والسلوك يكتسب من خلال مشاهدة النماذج وما تظهره من العنف تجاه البيئة المحيطة بها، وأن النمذجة لا تتطلب قابليات المعرفية الإدراكية.
وختاماً يعتبر تعديل سلوكيات الأطفال بعد جائحة كورونا من المساعي الذي يسعى التربويون لتطبيقها في المدارس، وعليه يقع على عاتق الأهالي الاستجابة لمخططات التربويين والأساتذة لما في ذلك من خدمة في تعديل السلوكيات السلبية عند أطفالهم.