الهجرة النبوية الشريفة حدث صنع التاريخ وعزز قيم الدولة وهويتها
العالم الان – بشرى نيروخ- يشارك الأردن غدا الثلاثاء العالمين العربي والإسلامي ذكرى الهجرة النبوية الشريفة التي تعد حدثا مفصليا حدد وجه التأريخ، ورسخ صور العطاء والتضحية، بحسب علماء دين.
وبينوا لوكالة الأنباء الأردنية ( بترا) أن الهجرة بثت أروع القصص والدروس والعبر في الإخاء والبذل والأخذ بالأسباب، باعتبار ذلك طوق نجاة خاصة في زمن كورونا، فضلا عن أهمية التخطيط، والمنهج القويم في التفكير، مع التوكل على الله سبحانه وتعالى للوصول إلى الغاية المنشودة.
سماحة مفتي عام المملكة الشيخ عبد الكريم الخصاونة، قال: في هذه الأيام المباركة من شهر محرم يتنسم المسلمون في كل مكان عبق نفحات مليئة بالعز والمجد، في محطة فارقة في تاريخ الأمة الإسلامية، وهي مبدأ استقلالها وصناعة هويتها، وأهم ركن من أركان بناء حضارتها.
وتابع: فالمسلم أراده الله تعالى أن يكون عزيزا ذا شخصية متميزة وهوية مستقلة ليكون مؤهلا للقيادة والريادة ونشر قيم الخير والاعتدال والوسطية بين الناس، يقول تعالى: (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا). وأضاف الخصاونة، أن الهجرة كانت منطلقا لخير أمة أخرجت للناس، يقودهم خير إنسان وخير نبي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فالخلفاء من بعده، يقول الله تعالى: (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله). وبين: أن النبي صلى الله عليه وسلم استطاع بناء أمة وحضارة لم تكن العرب تعرفها قبل بعثته عليه السلام، فبعد أن كانت قبائل متناحرة يغزوا بعضها بعضا، حاول الرسول الكريم، بعد بعثته أن يصلح أمورهم ويجمع كلمتهم ويوحد شملهم، فبعدما وجد أن أرض مكة غير صالحة بعد لزرع بذور الإيمان، حينها أذن الله تعالى لنبيه وصحابته بالهجرة والخروج من ديارهم بحثا عن التربة الصالحة، رغم أنها كانت أحب بقاع الأرض إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن شاءت حكمة الله تعالى أن تكون المدينة المنورة هي الأرض الخصبة لبناء الإيمان والإنسان، وفتح القلوب والعقول، وبناء هوية الأمة الإسلامية وحضارتها.
وأشار الخصاونة إلى أن أول ما فعله خاتم الأنبياء والرسل حين وصل المدينة المنورة هو مؤاخاته بين المهاجرين والأنصار، كما وضع لجميع مكونات الدولة في المدينة النبوية نظاما يوحد صفها ويجمع شملها، فكانت وثيقة المدينة المنورة دستورا يحترم حق الإنسان.
بدوره، أكد أستاذ الحديث وعلومه في قسم الدراسات الإسلامية في جامعة الحسين بن طلال، الدكتور أسامة كريشان أن الهجرة النبوية كانت منطلقا للتغيير نحو الأفضل، بامتلاك المسلمين حريتهم في أداء عبادتهم والحفاظ على دينهم، بعيدا عن بطش قريش وعنادها، وقد من الله على رسوله وعلى المؤمنين بالسلامة والنجاة بدينهم، والتمكين لهم بإقامتهم في دار الهجرة.
واضاف: من رحم تلك الشدائد والابتلاءات؛ كان الانطلاق نحو التغيير العظيم لمصير البشرية، فلعل الله تعالى يجعل من هذه الجائحة التي عمت العالم طريقا للتغيير نحو الأفضل، ماديا ومعنويا، بأن تعود البشرية لربها ولرشدها، وأن تسعى نحو الخير وتنأى عن الشر، بعد طغيان المادة على الحياة الإنسانية.
وأوضح كريشان أن على المسلم خاصة والإنسان عامة الاقتداء برسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ في الأخذ بالأسباب كلها؛ التي تتحقق بها النجاة من الأخطار المحدقة به، وهذا هو المأمول وهو الحال فيما حدث ووقع، في مسارعة الدول والأمم، في البحث عن أسباب الوقاية والنجاة.
وأضاف: أن دور الأنصار وما جبلت عليه أخلاقهم من حب الخير، والسعي إلى نصرة حبيبهم ورسولهم ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ ومن معه من المسلمين، يظهر حقيقة التكافل والمودة والمحبة التي تخلقوا بها نتيجة الإيمان الذي غمر قلوبهم، تجاه إخوانهم المهاجرين الذين تركوا متاعهم وأموالهم فرارا بدينهم، مشددا على أن المجتمع الآن بأمس الحاجة إلى إظهار مثل هذه الأخلاق للتعبير عن التكافل والتعاطف.
مدير مركز الدراسات الإسلامية في جامعة آل البيت الدكتور بكر مصطفى بني إرشيد، اعتبر هذه المناسبة، هي أعظم حدث في تاريخ الإسلام نقل المسلمين من مرحلة الدعوة إلى مرحلة الدولة والقوة والاعتزاز بالهوية، ولهذا اتخذ كبداية للتأريخ الهجري. ولفت إلى حاجة المجتمع في ظل جائحة كورونا للأخذ بالأسباب الصحية بما يتعلق بتلقي المطاعيم والتباعد الجسدي وارتداء الكمامة والابتعاد عن التجمعات.
–(بترا)