لا تعش دور الصرصور في قصة النملة _ بقلم أسماء بوزنه

0 255

العالم الان – لا تعش دور الصرصور في قصة النملة
الشّباب تلك الفئة من المجتمع التي تلقى صدى واسع ، و تلك المرحلة من العمر التي تسمّى بعمر الورود و عنفوان العطاء ، الشّباب ربّما للكلمة فقط ظلال، فهي توحي للنّشاط و القوّة و البسطة ، هي الحقبة من الزمن لو لم تحسن تسييرها ضاع عمرك هباء و هراء، هي النّجاح و الارتقاء، هي تكوين شخصيّة و بروز بالعطاء، الشّباب عماد الأمم و صروح العلم و هم منابر الحلم و رجاء الشّعوب في التّطوير و المضي قدما نحو القمم، فالشّباب مرحلة التّغيير و النقلة النوعيّة لحياتك ، مرحلة الانجاز و التحقيق ، و حصاد ثمار جدّ و استسقاء.
سهر اللّيالي و رهل العيون الشّاهدة و بريق الأضواء الخافتة بغرفتك ،و ذلك القمر الذي يؤنس وحشتك و يسجّل تعبك ، وذلك الدّماغ الذي أرهقه التّفكير فماذا أعددت لغدك، فتستيقظ مسرعا تسعى لترسم له أجمل ملامح النّجاح ، ليس السّاعي كالنّائم ،و ليس القانط كالمتفاءل فحتى الزّهرة إن لم تسقها لا تنفتح كذلك مستقبلك أيّها الشّاب .
هل أعددت لغدك ما يكفي لعيش حياة الكرماء التي ترجوها ، هل سقطت مرّة و مرّة و نهضت مجددا بنفس الرّوح لتعيد الكرّة فمن تراه اليوم ناجحا لم يكن نجاحه فطريّ بل مكتسب من عمل يداه ،و سعوده السّمراء من تورّم قدماه المرتجلة هنا و هناك ، لقد كان حصيلة خيارات صعبة و قرارت مضنية و حياة قابلته بالجحود و سبيل امتلأ بالأشواك لكنّه صمد و سعى و اتّكل على من قال سبحان القائل اعقلها و توكّل ،هل تظنّ الحياة سهلة فلو كانت سهلة بمفهومك و مفهومي لما كان الصّبر فيها مفتاح الجنّة ، ستصفعك الدّنيا و ستغلق بوجهك كل أبوابها لكن ذلك اختبار لك فالحياة امتحان و أنت إن كنت ستدخله ستكون متسلّحا بما تعرفه من علم و إرادة و نشاط ،مع أنّك لست تعلم أسئلته و مع ذلك بكونك قد راجعت ما يمكن ستدخله ببعض من الطمأنينة بوجه يحتمل أن أنجح في السؤال أو أن أرسب ، أن أصيب الاختيار أم أنّني سأخطأ ، و مهما كانت نتيجتك ستكون مقتنعا بما عملت لأنّك سعيت و قدّمت كلّ ما بوسعك و ما التّوفيق إلا بيد الله ، كذلك الحياة فلما لا نسعى و نقدّم فيها كلّ ما نملك و نكون راضين بالنّتيجة قناعة قد اجتهدت و هذا ما أراد الله لي فقط حاول لا تقف على ناصية الكسل ترجو بلوغ القمم ، لا يا صديقي الحياة معقّدة و عليك أن تفكّ شفراتها بسعيك و فهم كل عقدها ، و الحياة هي سعي صغر و نتاج كبر مع يقين أن النّجاح يصنع بالسّهر بالصّبر بالمثابرة و الاستمرار بالبحث و التّكرار ،فلم يكن يوما الفشل نهاية الحكاية ،و اقرأ عن قصص العلماء و نجاح العظماء و لعلّ أفضل قصّة سأرويها عن الحبيب المصطفى مع أهل الطائف حين قابلوا دعوته بالرّفض و ضربوه و شتموه. فأراد الله أن يعاقبهم فجاءه ملك الجبال فقال إن أردت أن أطبق عليهما الخشبين أي الجبلين ،فكان ردّ الحبيب و رغم الألم و أنّ الدّرب صعب لم ييأس و يستسلم منهم بل قال: لا فلعلّه يخرج من أصلابهم من يؤمن بالله ،فأيّ صبر و أيّ تفاؤل و الآن أنظر لعدد المسلمين في العالم فلقد صبر صلى الله عليه و سلم و سعى و استمرّ رغم المعارضين لفكرته و رغم المطوّقين لهدفه لكنّه استمرّ و ما وقف على تلك الحادثة بل كانت له قوّة لأنّه محاط برحمة الله و توفيقه ، لأنّه يعلم أنه إذا كان هذا من عند الله سواء سيئ أو خير فهو جميل المهمّ ألاّ يكون فيه غضب الله و فيه تجريح لغيره أو طعن لمبادئ دينه، و هذه أجمل قصّة ألهمتني و أردت مشاركتكم إيّاها حتى نعلم أن النّجاح يحتاج قلبا مؤمنا قويّا لا تهزّه زلازل احباطات البشر ،و لا براكين و أعاصير الحياة فأحيانا من رحم المعاناة يكون كلّ الخير و لعلّ قصّة سيّدنا موسى ،و سيّدنا الخضر و قتل ذلك الولد خوفا أن يرهق أهله اللّذان كانا مؤمنيْن نعم هو ألم فقد الابن و لكن لا يعلمون الحكمة منه أحيانا امتلاكك للشيئ يكون فيه ضررا لك كما هذه القصة ،فأراد الله أن يرزقهما ما هو خير لهما و كذلك الحال لنا أحيانا نريد نجما و الله يريد أن يناولنا السّماء، لذا كن مع الله و لا تبالي ، و تأكّد أنّ من رسب ليس غبيّ بل ربّما له فرصة أكبر في المرّة القادمة، لربّما ربّك أراد أن يكرمك بأكبر ما تتمنّى فجعل عثرتك تلك التي رأيتها أنت نهاية المشوار العتبة الأولى التي منها ستخطو طريقك نحو السّمو نحو منصة النّجاح و التألّق ،ربّما أراد سماع دعاؤك و جمال ذكرك له فأراد أن يطعمك دنيا و آخرة.
لم تكن مرحلة الشّباب مجرّد مرحلة وسطية بين الطفولة و الكهل بل هي الأساس ،و هي المرحلة التي سترى فيها قدرتك على الانجاز ،فاغتنم كل طاقاتك و حارب من أجل أحلامك .لا اليأس سبيل النجاح و لا الركود سيأخذك لقاع الماء ،فما يبقى على ضفاف البحر إلا ماكان خفيف الوزن لا قيمة له ، شُقّ البحار و تسلّق الجبال و لا تقف عند لحظة ضعف و قلّة حيلة و احتياج لتغلق أمامك منافذ النّجاة ،فلست أوّل من يغرق و لا آخر من يسقط فكلّ قصص النّجاح ابتدأت بدمعة و ووجع ،ولكن تكلّلت بدمعة و لكن هنا المفهوم مختلف دموع فرح الانجاز و الافتخار و تصفيق من أحبّوك و من كانوا بالأمس يسخرون من طموحك ،و لأنّك وصلت لنقطة الوصول رغم الندبات في جسدك فقد علّمتهم درسا تأخرّنا لكن لم نصل نقطة اللاعودة ،و ما أجمل ذلك الصّراخ الذي بداخلك الذي صارعته حين ناداك للنّوم للاستسلام قد انتهى بإصرارك ،و اليوم أنت تضحك على نشيش تعبك بالأمس و تروي الذكرى لشبابك الذي استغليت فيه كل ثانية فكان الله عند حسن ظن عبده به ، فقط قَدّر نفسك ،و طوّرها ،راقب نقاط قوّتك ،و استغلّها لصالحك ،وحتى نقاط ضعفك لا تجعلها السّهام التي تخترق جسد أحلامك بل غيّرها لتكون لك مع النّجاح تحدّي ذات و بناء شخصيّة.

رابط مختصر:
مقالات ذات الصلة

اترك رد