طارق في صلابة أرادتهِ في مواجهة الاحتلال بقلم : سندس ابو سنينة
العالم الان – الحبس المنزلي هو أحكام فرضها الاحتلال على أبناء الشعب الفلسطيني سواء كباراً او صغاراً وانتزاع الفلسطيني لحريتهم في حق العيش بهذه الأرض التي تسلب أراضيها شبراً فشبراً كل يوم ، والحبس المنزلي هو مكوث الشخص فترات عدة داخل منزلهِ ، او منزل أحد الأصدقاء أو الأقرباء بشكل قسري ، وقد يمد الاحتلال الحبس المنزلي لفترات جديدة ، وكل ما يُخالف يتعرض لعقوبات إضافية وغرامات مالية ، ما يجعل من بيوت المقدسيين سجوناً لهم ليهرموا من طيل الانتظار الثقيل لنيل حريتهم المستحقة لهم . .
يسكن شاب اسمه طارق في قرية سلوان، تعرض للحبس المنزلي سنة ٢٠١٣ عندما كان عمره ١٥ عاماً ، كان فترة الحبس المنزلي عبارة عن ٦ أشهر ، النصف الاول مبعد عن المنزل وعن اهله وقريته والنصف الثاني كان الحكم في منزله يضارع الحياة لأجل الوجود والثبات وكأن معركته في مجابهة الاحتلال طويلةٌ مدَ بها نفس طويلٌ ليصبر على ظلم الليالي الموحشةِ وينتصر عليها .
يصف طارق الحبس المنزلي بأنه مثلهُ مثل السجن داخل زنازين الاحتلال المشيدة بالقضبان السميكة التي يغامر فيها ليرى الشمس بنورها الساطع ، ألا ان الفارق هو وجود الأهل معه ، كان يكابح في منزله فيحظر عليه الخروج لقضاء أشعالهِ الضرورية ، وحرم من حقه في إكمال تعليمهِ في صباه ولم يستدرك قطارهُ التعليمي مع رفاقهِ، وقضاء وقتٍ مع آقرانهِ خارج المنزل .
ينبهُ الى صعوبة الأيام حينها ، خاصةً عندما كان مبعداً عن منزلهِ وعن دفئ العائلة ، ومكث في منزل أحد اقربائه الذين تكفلوا به ، حيث قال من الصعب أن تكون ببيت ليس بيتك بعيداً عن عائلتك ؛ ثم إستئنفَ ذاك حامداً: “بس الحمد لله فراش منيح وأكل طيّب ولا السجن” ، خلال هذه الفترة لم يكن مرتاحاً أبداً وظل على أعصابهِ ونفسيتهُ سيئة ؛ وكان يفكر كثيراً وكأنَ عقله آلةً تعطل زر الإيقاف بها لا يعرف كيف يطفئُ تلك الأفكار، لا يعرف متى فترة حكمه وينتهي من الحبس المنزلي ، يظلُ ينتظر قرار المحكمة وماذا تقرر له ، ثم قال: “بشعر الواحد حالو بالهواء لا بالأرض ولا بالسماء ، بالنص عايش بس مش عارف يتحرك”، كأنه عصفورٌ طليق لكن يُحلق مقيداً .
أوضح أن القوانين التي فرضت عليه وعلى كفلائهِ كانت صارمة، حيث يجب على الكافل أن يلتزك المنزل مثلهُ مثل من المكفول ولا يجوز مغادرة المنزل ، اما بالنسبة للمكفول فإن لم يلتزم بالقوانين ، يتم الحكم عليه سنة كاملة إضافية غير الحكم المفروض ، بالإضافة الى غرامه مالية بقيمة ١٥ ألف شيكل وأيضاً ٥٠٠٠ بالمحكمة .
ولم ينكر خباثة الاحتلال؛ حيث كانوا يقتحمون المنزل أحياناً بشكل مفاجئ ليروا إن كان ملتزم أم لا ، وكانوا يتصلون أيضاً ويحذرون الشخص بأنه غير منسي ومدركين تحرُكاتهِ ، وبالنسبة لذلك الاتصال والاقتحامات لم تكن تسبب إلا الذعر والقلق والتوتر بالنسبةِ لطارق والكفلاء ، فإن لم يتم تعذيبك جسدياً ، يتم تعذيبكَ نفسياً هذه منهجية الاحتلال .
وبعد أن فرغ من فترة الحكم المنزلي، قررت المحكمة قرار بسجنهِ ثلاثةَ سنوات داخل القضبان بين أربع جدران ، واصفاً لنا بشاعة الاحتلال وبشاعةِ المكان وعدم الاستقرار حيث كان ينقلوه من سجنٍ لآخر، رغم ذلك صبر وتحمل كل ذلكَ لأنه لابد للقيد ان ينكسر، فقد اوضح أن هدف الاحتلال هو التنكيل والتنكيس والتهجير وإذلال الأسرى والشعب بشكل عام، الا انهُ بعيداً عن عنهم .
خرج طارق من الظلام، تحرر من قضبان الاحتلال ومن الجدران الشاحبة المهترئةِ التي تقيد أنفاسهُ، وتحرمهُ لذة العيش خارجها ، خرج الى النور حيثُ دفئَ العائلة والأحبة في قريته الجميلة ، ثم بدء تدريجياً بممارسة حياته الطبيعية التي سُلبت منه، حصل على عمل وتزوج وحُظي بطفلين جميلين. وحياةٍ هادئةٍ مستقرة..