صالح العجلوني يكتب: الصريح تبكي ناسكها المليح

0 474

العالم الان – أسهيلٌ خرَّ من سمانا أم من سمانا خرَّ القمر
أم شمس ضحىً قد أُطْفِئَتْ
أم العين فارقها البصر

أيتها الصريح قد رحل عنكِ الناسكك المليح، العابد الزاهد الرائد الماجد، المهيب المحبوب، غاب عنك صوت الحق الصادح وشبيه البدر الواضح غاب ذو الشيبة الوقور وآسر الحضور،
هيبة المجالس وأنيس الدارس …
صاحب الهدير إن مُسَّتْ للدين حرمةً أو بان من الناس تقصير، أسد المنابر، مثير الدّمَ وجاعل الدمع هامل؛ فكم كانت تحمر عيناه حين يخطبنا وكم ثار من صوته الغضب؛ كأنه منذرنا جيشًا أو وحشًا أو شواظًا من لهب…مقتفيًا بذلك أثر الحبيب المعلم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي منحه مفاتح الخطابة حينما تراءى له في المنام قبل أكثر من سبعين عامًا وقال له: اخطب ولا تخف؛ فكان سيفًا من سيوف الحق بتارًا، وعلمًا من أعلام الصدق جهّارًا…
لم يلتفت للشاشات ولم يغرهِ بريق الحفلات والمهرجانات، ولم يتخذ من الدين سلعة يتكسب بها ولا سلمًا؛ بل كان يلوذ بمصلاه ذاكرًا ربه بعد فرضه الذي أداه، مفردًا للحبيب قدره من ذكره؛ فهو صاحب الحظ الكبير عنده؛ إذ كان يصلي ويسلم عليه في اليوم والليلة ألف صلاة أو يزيد…وكان رحمه الله لا ينازع أحدًا على أمر من أمور الدنيا؛ طلبًا لبهرجها متمثلا قول ربه: (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فساد والعاقبة للمتقين)
فيا لوحشة المكان إذ خلى من ناسه ويا لضيق المجلس إذ غادره جلاسه… فلا عجبًا إن شيعه الباب والمحراب والصحب والكتاب ولا عجبًا إن بكاه الأهل والأحباب والأغراب ذلك هو عَلَمُنا الذي عَلَّمَنا وارتفع إلى ربه راضيًا مرضيًا؛ فسلامٌ عليك سيدي يوم ولدت ويوم قبضت ويوم دفنت ويوم تبعث حيا، ونسأل الله أن يسكنك الفردوس الأعلى من الجنة
والفاتحة نهديها لروح فقيدنا؛ فقيد الصريح والأردن والورع والتقى فضيلة الشيخ مصطفى البطيحة(أبو محمد) رحمه الله وإنا لله وإنا إليه راجعون.

رابط مختصر:
مقالات ذات الصلة

اترك رد