التنمر الالكتروني … منصة السوشال ميديا: بقلم لما الباير
قُلْ مَآ شئْتَ فِيْ مسَبَّتيٓ…فالسُّكوٓت عنْ اللئِيْٓم جَوآب
العالم الان – إن أبقينا حياتنا مشرعة أمام العامة فلما التباكي عندما تسرق حرياتنا وتنتهك أعراضنا من أناس مجهولين خلف الشاشات، ليس عيبا أن نسعى لبناء واقع تكنولوجي متطور ومتين وإنما العيب في طرق استخدامنا له.
نحن نعيش صرعة تكنولوجية ضخمة، فبتنا نتجرع أعداداً هائلة من مواقع التواصل الاجتماعي، ما شجع العديد من الناس دخول عالم (السوشال ميديا)، إن كان على الصعيد الثقافي والمهني أو الترفيهي، فتلك المواقع كسيف ذو حدين، فحيناً تأخذ دوراً لتسهيل التواصل بين العالم، وتنشيط حركة الأعمال بشتى أنواعها وبأقل الجهود، وحين تأخذ دوراً خطيراً والذي بات يسيطر على العالم بشكل ملحوظ، حيث أصبحت تتسرب علينا ظواهر مخيفة بعضها تناقلناها من الانفتاح الفكري الذي أخد يعصف العالم بأكمله، والبعض الآخر جاءت من منظمات مختلة الآداب ومن أبرزها “ظاهرة التنمر الإلكتروني”.
التنمر الالكتروني: سلوك عدواني باستخدام تقنيات افتراضية، يحدث على منصات مواقع التواصل الاجتماعي والهواتف المحمولة وغيرها من الوسائل، يمارس من قبل اشخاص خلف الأجهزة اللوحية لخلق زعزعة واضطرابات نفسية لدى الضحايا وتشويه سمعتهم والسخرية منهم، وهو ليس بجديد ولكنه تطور الى أن وصل نطاق السوشال ميديا.
التنمر من توابع العنف حيث حذر الله عز وجل منه في كتابه الكريم لقوله تعالى: ” يَآ أَيُهَآَ اَلْذِيْنَ آَمَنُوَآ لَاْ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمِهْ عَسَىْ أَنْ يَكُوْنُوآ خَيْرَاً مِنْهُمْ” ويكون موجه من قبل شخصية قوية نحو ضحية ضعيفة، وهو بعدة أشكال منها: التنمر اللفظي، الجسدي، والالكتروني، حيث انه بات يتسلل بشكل مفجعاً بين الافراد ولا سيما أن هنالك أسباباً وراء هذا القبيل، فكثير من المتنمرين يعانون من اضطرابات نفسية، الغيرة، وسوء التربية او لربما المشاكل العائلية كل هذه كافية بأن تولد لديهم عدوانية نحو المجتمع ما يدفعه الى تفريغ مشاكله على الآخرين.
إن التنمر على الانترنت يشكل خطر أكبر من النمط التقليدي لحقيقة أن أغلب العالم أُدمن على الشبكة العنكبوتية والتي صارت جزء لا يتجزأ من حياتنا، حيث أثبتت الدراسات والاستطلاعات أن أكثر من 80% من المراهقين وأكثر من 50% من الأطفال الذين يخرطون في مواقع التواصل الاجتماعي يعانوا من التنمر الإلكتروني، فأصبح من السهل التعرض له من خلال نشر منشور على أي تطبيق يسيء لشخص ما أو خلق اشاعات كاذبة تؤدي بحياتهم، ويعتبر هذا الأمر من أكثر الأمور التي تعرض له الكثير من مستخدمي شبكة الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي إلى حد كبير من الإحراج وفقدان سمعتهم واحترامهم أمام الناس، لكون مواقع التواصل الاجتماعي التي تتضمن فيسبوك، انستجرام، تويتر…الخ الاكثر تداولاً سهلت عمليات الابتزاز والسخرية للمفترسين الإلكترونيين.
شهدنا فالآونة الأخيرة خير مثال على ذلك وهو التنمر التي تعرضت له وزيرة الصحة الفلسطينية “مي الكيلة” على مواقع التواصل الاجتماعي والسبب قصر قامتها، فقام المتنمرون بالتحدث على أمورها الشخصية، دون التركيز عن طبيعة المهمة التي وكلت من أجلها، وتوعدت الوزيرة بمحاسبة كل من شارك في هذه التعليقات بالقضاء عبر صفحتها على “فيسبوك”، حيث قالت: ” شهدت لها منظمة الصحة العالمية، ونعمل بكل جهودنا ليلا ونهارا وسنستمر، ويا جبل ما يهزك ريح وأضافت: “أطمئنكم بأنني قوية ولن تهزني أي من كلماتهم البذيئة، فأنا أعمل عملي مع طاقم الوزارة بمهنية عالية”.
لا شك في أن التنمر “الالكتروني” ظاهرة خطرة قد يؤدي بحياة الكثير لطالما لم نجد لها رادع يحد منها… مما يؤثر سلباً على الضحية من الناحية العقلية والعاطفية والنفسية، الأمر الذي يجعلهم يشعرون باليأس، العزلة، الخجل من العالم الخارجي، الإهانة، بالإضافة الى اضطرابات نفسية، ومع تزايد الضغوطات قد تدفعهم للانحدار نحو عادات سيئة كالتدخين والمخدرات وشرب الكحول، وينتهي بهم المطاف نحو الانتحار.
مهما اشتدت بنا المصاعب علينا أن ندرك أمراً أننا لسنا لوحدنا، لذلك إن شعرنا أننا عرضة لتلك الآفة فعلينا فوراً اللجوء الى فئات معينة كالأسرة، الشرطة أو مؤسسات مختصة حفاظاً على أنفسنا وسمعتنا وكرامتنا أمام المَلَأ، في حين أننا لسنا مضطرين تحمل شيء قد يسبب في انتهاء حياتنا التي هي ملك لنا وليس للغير.
للأسف لقد وصلنا لزمن ليس به رحمة، فأصبحنا نرى أطفالا ومراهقين في ريعان الزهور اختاروا طريق الانتحار بسبب كلمة عابرة قيلت بحقهم من شخص مجهول ، لكونه لم يعجبه تصرف أو لربما شكل ذاك الفرد، وكأن حياة البشرية تسير حسب رأيه ومبادئه، أذكرك عزيزي القارئ إن أردنا القضاء على مشكلة التنمر فيجب أن تبدأ من عندك أولاً، فليس من الضروري مشاركة حياتنا الخاصة على مواقع “السوشال ميديا” حتى لا تصبح نقطة ضعف يستخدمها الاخرون ضدنا، والأهم من ذلك كله أن نقوي شخصياتنا ونتغلب عن نقاط الضعف ونطور نقاط القوة لدينا من خلال تعزيز ثقتنا بأنفسنا، ونقدر الشيء الذي نقدمه ونفخر به طالما أنه لا يخرج عن دائرة الأخلاق والحياء، وأن نحب ذاتنا ونتقبل عيوبنا كما هي ولا ننظر إلى نواقصنا
بل نركز على أهدافنا للوصول الى النجاح، فليس مهماً أن يتقبلك المجتمع، يكفي أن تتقبل أنت نفسك بكل ما فيها، فلا تحاول أن تكون شخصاً مثالياً لأنك مهما فعلت لهم لن يروك كذلك، ثابر لأن تكون انساناً صادقاً مع ذاته قبل الجميع.