كتب محمود الدباس.. كيف تكون نائبا “حفرتليا”..
العالم الان – حتى لا يتم فهمي خطأ.. فانني اتحدث عن الوصفة الناجعة لمن يريد ان يكون نائبا في اي برلمان في العالم بصفة نائب “حفرتلي”.. ولا اصف احدا بعينه.. إلا ان اعتقد احد بان هناك ريشة على رأسه فيحسس عليها.. ويظن بانه المقصود من هذا الحديث.. وهذا شأنه الخاص..
وان قدر الله لي عمرا.. سأتحدث عن كل منصب يريد صاحبه ان يكون “حفرتليا”.. وبدأت بالنواب.. لكثرة مشاهدة نواب “حفرتلية” في برلمانات حول العالم.. فقد قَرَّبت وسائل التواصل الاجتماعي البعيد..
ولكي يكون كلامي واضحا لا لبس فيه.. دعوني افسر ما معنى “الحفرتلي”..
– هناك اكثر من معنى لهذه الكلمة.. ولكنها تستخدم لوصف شخص يكون لباسه لا يتناسق مع مكانته.. او يلبس لباسا صيفيا في وقت الشتاء والعكس صحيح.. او يلبس لباس نوم ليقوم بزيارة اناس اغراب.. او يضع بعض الاكسسوارات على لباسة لا تتفق مع الموقف الذي يقفه..
– كما ان كلمة “حفرتلي” تدل على الشخص الوضيع التافه الذي لا يحترم الاخرين.. ولا يحترم من هم برفقته.. فبكلامه الفارغ يُنزِل من قيمة من هم في صفه او زملائه.. ولم اقل ينزل من قيمته هو.. وذلك لان قيمته تكون متدنية اصلا..
– ايضا تدل هذه الكلمة على الانسان غير المتعلم.. وهنا يجب علي ان اوضح ايضا معنى المتعلم.. فهناك فرق بين المتعلم والقاريء..
فكثير هم القُراء.. وقليل هم المتعلمون..
فلا تغرنك الشهادات التي يعلقها البعض على جدران مكاتبهم او صالونات بيوتهم.. او يضعونها مبروزة على طاولات مكاتبهم..
فكثير ينطبق عليهم وصف رب العزة في كتابه الكريم “كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا”..
فمن هذه التعريفات نجد ان مِن السهولة بمكان ان يكون النائب نائبا “حفرتليا”.. فلا تحتاج منه الكثير من التعب والمثابرة والتحضير.. فقط ما عليه الا استخدام الطرق السوقية في التخاطب مع الاخرين.. بحجة انه نائب.. ومعه حصانة تحميه من التقاضي.. ولا يحترم احدا.. ويرفع صوته دون داعي.. وان طلب منه احد التوقف عن الحديث.. ما عليه الا ان يستمر دون مراعاة لكبير او مدير او مسؤول..
فمن يريدون ان يتصفوا بهذه الصفات.. هم نواب يمثلون انفسهم.. وهنا اؤكد انني لا اتحدث عن نوابنا الكرام.. وانما هي معلومة لمن يريدها.. او يريد ان يبني عليها رأيا خاصا..
المشكلة الكبرى عند النائب الذي يريد ان يكون “حفرتلي”.. انه لا يفرق بين حرية الرأي والتعبير والنقد والسؤال والاستجواب وسقوفها التي ضمنها دستور بلاده.. وبين سوء الأدب والجهل في كيفية التعامل مع الاخرين..
والشيء بالشيء يذكر.. فهذه رسالة وجهتها قبل مدة.. ادعو فيها الجميع الى التخلق بالخلق الحسن والبعد عن “الحفرتلة”.. واقول فيها..
‘الى كسرى عظيم فارس’.. ‘إلى هرقل عظيم الروم’..
هكذا خاطب محمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام وزعيم الدولة الإسلامية والمُؤيَدُ من لدُن رب العالمين كلاً من هرقل وقيصر.. ولم يخاطبهم “بالهمل” و “الزعران”..
كان عليه السلام يقول أنزلوا الناس منازلهم..
ورب العالمين خاطب نبيه فقال.. “وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ”..
فهذه دعوة من محبٍ لكم.. متعشماً الخير الكثير في خطابكم.. الراجي لكم عظيم المحبة في النفوس.. والوقع الراقي في القلوبِ قبل العقول.. بأن تنتقوا مُفرداتِكم.. وتَزنوا ألفاظكم.. وتُنزِلوا من تُخاطبون منازلهم.. فالكلمة مرآة عقل قائلها.. والخاطرة تعكس نضج كاتبها.. وخطاب النقد قاموس فكر كاتبه..
لكم جميعا جل الإحترام والتقدير..
أبو الليث..