هل يفعلها الحمارنة ورفاقه. – أيمن الخطيب.

0 770

 

العالم الان – سنَّ الأردن مشروعي قانون الأحزاب  رقم 7 لسنة 2022، وقانون الإنتخاب رقم 4 لسنة 2022، وبدا من خلال ذلك أن الأردن يستعد لمرحلة سياسية جديدة تزامنا مع مئوية الدولة الثانية وسط استحقاقات إقليمية دولية من الوزن الثقيل تلقي بظلالها على المنطقة بشكل عام، وعلى الأردن بشكل خاص لاعتبارات تتعلق بموقعه الجيواستراتيجي ودوره الإقليمي.

قرار الأردن في إطلاق الحياة الحزبية السياسية يقرأ في أكثر من سياق، أولها، رغبة الأردن في تجديد القواعد الاجتماعية التي تستند عليها الدولة بعد مضي أكثر من نصف قرن على القواعد الكلاسيكية الثلاث
( العشائر، الإسلام السياسي، عصبة تجار نابلس- الخليل أو ما يعرف برأس المال الفلسطيني)،
ثانيها، توسيع القاعدة الشعبية لادماج أكبر قدر ممكن من شريحة الشباب وهو ما ترجمته المادة 16 من التعديلات المقترحة في تخفيض سن الترشح للانتخابات الى 25 عاما بدلا من 30 عاما،
ثالثا وهو الأهم، ترسخ قناعة لدى عقل الدولة السياسي أن مستقبل الأردن مرهون في أحد جوانبه في بيئة سياسية مستقرة وهو ما لا يمكن تحقيقه الا من خلال بوابة الحياة الحزبية السياسية.

خارطة سياسية في طريقها لاكتمال نصابها.

حتى اللحظة يشهد تشكل الخارطة الحزبية السياسية المنتظرة تعثرا واضحا، لأسباب تتعلق بحالة الإحباط الشعبي العامة والأزمة القائمة بين السلطة والشعب، وعدم وجود حواضن اجتماعية تأخذ دورها التاريخي في انتاج أحزاب جديدة تلبي الطموح الوطني العام، ومع ذلك بذلت الدولة جهودا واسعة في تحريك الحياة الحزبية ما أثار تساؤلات وشكوك حول طبيعة الأحزاب القادمة وارتباطها مع الدولة ومدى قربها من علاقات القوى.
فاكتمل نصاب اليمين متمثلا بالإسلام السياسي ( الاخوان المسلمين، زمزم، الوسط الاسلامي )، أما الوسط فيبدو أن حزبي الميثاق وإرادة أقرب تمثيلا له، في حين ينتظر اليسار الجديد محاولات تشكيله.
بلا شك ترغب الدولة في أحزاب ذات طابع مختلف ومنفصل عن التجربة الحزبية القديمة، أي أن الدولة حددت مسبقا شكل الحياة الحزبية وأدوارها وأهدافها وهو ما يقودنا الى إعتقاد انتقال الأردن الى تجربة ديموقراطية مركزية توفر حالة الاستقرار في هذه المرحلة.

شيء ما في الأفق
الحمارنة ورفاقه

تاريخيا، تشكلت الأحزاب من خلال حاضنة اجتماعية أدركت في لحظة تاريخية واعية شرطها الذاتي والموضوعي على أسس أيديولوجية ثقافية وفسلفية  أخلاقية واضحة،
وفي الحالة الأردنية اليوم، ما يجري مختلف الى حد ما؛ فمهمة تشكيل الأحزاب اليوم تتبناها الدولة ومؤسساتها الصلبة والناعمة، وسط غياب نسبي للوعي الطبقي الاجتماعي كشرط مؤسس للأحزاب
وعزوف المكونات الاجتماعية عن النشاط الحزبي وتجنبها بلورة صيغ اجتماعية سياسية فيما بينها.
ومن خلال نظرة الى تحركات الأحزاب الجديدة وقراءة في خطابها وفي بنائها التنظيمي، لم تستطع هذه الأحزاب بشكل فاعل في تحويل الوعي الجمعي من وعي القرابة والدم الى وعي طبقي اجتماعي، ورغم كل محاولات تذويب الهويات الفرعية وتأطيرها حزبيا الا أن النسق العام يذهب في اتجاهات بعيدة عن ذلك. وهو ما يفسره الاستقالات الجماعية المبكرة في بعض الأحزاب وبعض الانشقاقات.

ما يفعله رفاق الحمارنة يستدعي الوقوف عليه، ثمة تيار يتشكل على أساس المعرفة، بحاضنة سياسية متعافية من الأيديولوجيا، تيار يمثل فيه الشباب غالبية ساحقة،
مجموعات اجتماعية جديدة متباينة سياسيا وثقافيا بنت تجانسا فعالا خلال فترة وجيزة،
تيار يتقدم فيه الوعي الطبقي الواعي لمصلحته ومصلحة الأردن على حساب الوعي الجهوي المناطقي الضيق،
تيار يقرأ كل التباينات في الهويات القائمة وتنوعها ويضعها في إطار وحدة متنجانسة كمقدمة للوصول الى هوية وطنية واحدة، وهو بذلك يساهم في وضع حدٍ لسياسة الهويات المفتعلة التي حالت طيلة سنوات من تحقيق التنمية المستدامة وهددت السلم المجتمعي في العديد من المناسبات.

اذا نجحت هذه المجموعة الجديدة دون أن تقع في خاطئ المجموعات الاجتماعية المغلقة، في الوصول الى أهدافها وأسست لنفسها حزبا، فإن هذا التيار سيحجز له مقعدا مهما في الخارطة السياسية الحزبية الجديدة، قد يكون أقرب الى اليسار، لكنه بمجموعه النهائي يعبر عن نفسه كتيار وطني حدد موقعه من ثوابت ثلاثة ، المواطنة، سيادة القانون، تكافؤ الفرص.

رابط مختصر:
مقالات ذات الصلة

اترك رد