كتب محمود الدباس.. دقيقتان كفيلتان لتكتشف انك راكب أمواج منافق.. أم لا..
العالم الان – سأتحدث في هذه المقالة باللغة المحكية الدارجة.. بعيدا عن المحسنات البديعية.. والعبارات الرنانة.. لعل فكرتها تصل الى الجميع بالشكل السلس المباشر..
قامت إمرأة بتزويج ابنيها التوأم من فتاتين.. واحدة من اقاربها.. والثانية من اقارب زوجها.. ورُزق كل واحد بولد..
فكانت حينما تتحدث لجاراتها عن كنتها القريبة والحبيبة.. تقول “انها من قد ما هي قريبة لنا ولطبائعنا.. تأتينا دون ان تقوم بتنظيف ابنها.. ورائحته تملأ البيت.. وكأنه بيتها بالتمام والكمال.. دون اي تكلف”..
وحين تتحدث عن كنتها التي لا تحبها تقول.. “من كثر ما هي قصيرة حيلة.. وما بتعرف بالاصول.. بتيجينا وريحة ابنها بتقرف”.. وصدق الشافعي حين قال..
وَعَينُ الرِضا عَن كُلِّ عَيبٍ كَليلَةٌ..
وَلَكِنَّ عَينَ السُخطِ تُبدي المَساوِيا
هذه القصة التي نلاحظها او ما يشبهها.. نواجهها كثيرا في حياتنا.. وباشكال وصور مختلفة.. ونُكيّف الامور على اهوائنا.. ونكيل بالمكيال الذي يأتي على مزاجنا..
فاذا أردنا العجلة قلنا.. خير البر عاجله.. واذا اردنا المماطلة قلنا.. كل تأخيرة وفيها خيرة..
إذا احببنا رجلا عصاميا بدأ حياته من الصفر.. تغنينا ومجدنا العصامية.. وإن كرهناه.. عايرناه بعصاميته وعمله وعمل ابيه وجده وجد جده..
مَن منا لم يمارس في صغره ايام العطلة الصيفية للمدارس بيع ايٍ مِن “سحبة البلالين بِشِقيها البوش او ام بالون رقم 10 والبطات الثنتين”.. او حلاوة السميد “الكريزة”.. او علكة شعراوي “مخدات”.. او رَبّى حمام او ارانب.. او عمِل كنترول باص.. او عمل في مشاريع وزارة الاشغال.. او مع قريب دهين او مقاول.. او مُزارع أكان “إحراث” او “إلقاط” فقوس وكوسا وبندورة في ارضه او عند اقاربه.. او ما شابه ذلك من الاعمال..
صدقوني سنتغنى بمن نحبه ونرضى عنه ونقول “ما شاء الله عليه.. مِن وهو صغير وهو بيشتغل وبيعتمد على نفسه”..
وسنعاير ونهين من لا نحب او لسنا راضين عنه بانه “مضَّاها طول عمره وهو بيشتغل بالورشات او الدكاكين او كنترول باص او او “..
– متى سنتعامل مع الاشخاص بما هم عليه.. وما وصلوا اليه.. وحجم الإنجاز.. وكيفية تسيير الاعمال.. وليس بماضيهم او ما كان عليه اهلهم؟!.. حتى وان كان شيئا مشرفا او غير مشرف؟!..
– متى سنكيل بمكيال واحد.. مثلما ننكر على الحكومات والانظمة الكيل بعدة مكاييل؟!..
– متى سنفرق بين حياة الاشخاص المهنية وحياتهم الشخصية؟!..
– متى سنقدِّر الاخر الناجح حتى وان كانت لا تربطنا به صلة قرابة.. ونمقت وننتقد القريب الفاشل الفاسد؟!..
– متى سنتعامل مع الغريب السيء والقريب السيء بنفس الأسلوب والمصطلحات والعبارات.. ولا نغض الطرف عن المسؤول القريب ان كان مدمن كحول او مخدرات.. وكل يوم تحمله سيارات النجدة من الطرقات.. وبالمقابل نفضح وننشر اخبار المسؤول البعيد الذي يقوم بنفس الفعل؟!.. وكلاهما سواء..
– متى سننظر للقريب صاحب المراقص والبارات والغريب الذي يمتهن نفس المهنة بنفس النظرة؟!.. ولا نفرق بين مالك او مرتاد لنادي ليلي شمالي او نادي ليلي جنوبي..
– متى سنتوقف عن قول “شايف هذا المسؤول.. انا كنت مسؤول عنه”.. يا اخي هذا ثابر واجتهد او تلاعب او نافق او مسح جوخ او هز ذنبه.. ووصل الى ما هو عليه.. وعليك ان تعلم.. ان الوصول الى ذلك المركز الذي في قرارة نفسك تتوق اليه وتتمناه وتنتظر بفارغ الصبر الحصول عليه.. ما عليك الا ان تسلك نفس الطريق التي سلكها.. وستنال مرادك..
– متى سنتوقف عن نعت العنب الذي لا نستطيع ان نقطفه بانه حامض؟!..
في الختام اقول.. لن نفلح ونحنُ نكره امريكا.. ونتمنى الحصول على جنسيتها..
وعلى مسؤوليتي اقول.. المسألة مزاجية ووجوه واقنعة متعددة.. وكرهٌ اعمى.. وبعد عن الأخلاق الرفيعة والمهنية.. ليس إلا..
ابو الليث..