كتب محمود الدباس.. انشاء هيئة الواسطة والمحسوبية
..
العالم الان – ضمن سلسلة كتابات احاول من خلالها ايجاد حلولا للمعضلات التي تواجه الجهاز الحكومي.. كان آخرها مقال بعنوان “قوننة الفساد”.. وها انا احاول ايجاد حلا لموضوع الواسطة والمحسوبية والمناطقية.. راجيا ان لا تأخذوا عني فكرة انني اكتب في هذه المواضيع من الفضاوة والزهق.. او لانني لم اشترك في القنوات الفضائية التي تبث كأس العالم مثلا..
كثر ومازال يكثر الحديث عن الواسطات والمحسوبيات في التعيينات والترقيات والتنفيعات من خلال الانتدابات والدورات وما إلى ذلك.. وهذا الموضوع ماضٍ ومستمر ما دامت الامور والعقليات على حالها..
وحتى لا نضع رؤوسنا في الرمل.. ونقول بان الامور تمام وعال العال.. دعونا نواجه الحقيقة ونشرح الواقع.. ونحلله.. ونجد الحل..
مَن قال باننا شعب لا نحب الواسطة والمحسوبية وحتى المناطقية في التعيين والترقية وتحديد مكان العمل.. اقول له جانبك الصواب.. وللاسف حتى من يمقت ويلعن هذه الآفة اللعينة.. يقول “انا بدي احط واسطة لانه رايح يضيع حقي”.. اي اننا اصبحنا نجمل الواسطة ونعطيها تصنيفات.. فكما قلت في مقالي السابق انه اصبح هناك فساد محمود وآخر مذموم.. اصبح ايضا لدينا واسطة محمودة وأخرى مذمومة..
ولن ادخل في جدلية اننا لم نكن نعرف للواسطة والمحسوبية طريقا.. ويرحم ايام زمان.. ولكننا تعودنا عليها على مراحل.. ومن كان سبب في انتشارها.. وما الدوافع اليها.. والكثير الكثير من الاقوال التي اصبحت مستهلكة..
وما يهمني الان هو انها أصبحت واقعا مُعاشا.. واصبحت جزءأ من روتين حياتنا وقصص مجالسنا وحواراتنا.. وحتى ان الضرير يستطيع ان يشمها بانفه.. على الرغم من عدم قدرته على مشاهدتها..
حاولت ان استقصي واسأل عن الحلول.. فوجدت ان المتفائلين والعمليين يقولون بانه يجب ان نغير جيلا وراء جيل.. ونغير القوانين والانظمة او نعدلها بشكل جذري.. حتى نستطيع ان نخرج اناسا بعقلية بعيدة عن الواسطة والمحسوبية والمناطقية.. ويكون مبدأ الكفاءة والعدالة هو السائد..
ولكنني اقترح اقتراحا لاصحاب الامر لعله يساهم بشكل كبير في حل هذه المعضلة.. ويتم حسابي على من يفكرون من خارج الصندوق..
فبما ان الواسطة والمحسوبية والمناطقية شبه فرض على الحكومات.. حتى من خلال النواب والشيوخ والوجهاء واصحاب النفوذ.. وللاسف في كثير من الاحوال لا تكون هذه التعيينات عبئا ماديا على الجهة التي استقبلتهم فحسب.. بل يساهمون في ترهلها وتراجعها في الاداء..
لذلك نحن امام معادلة بشقين.. الاول وجوب تعيين هؤلاء.. والثاني خراب ودمار المؤسسات جراء هذه التعيينات..
ومن باب الاخذ بالامر الواقع.. واخذا بالمثل الغربي
“If you can’t beat them.. join them”..
اي بمعنى “إذا لم تتمكن من التغلب عليهم.. انضم إليهم”.. وانا لا اقول ان ننضم اليهم لا سمح الله.. وانما اعطائهم ما يريدون دون التأثير الكبير على مسيرتنا..
لذلك اقترح إنشاء “هيئة الواسطة والمحسوبية”.. بحيث لا يكون في مبناها سوى قاعة اجتماعات وكافيتيريا او كوفي شوب كبير..
ومن خلال هيكلها التنظيمي الطويل والعريض.. بحيث تستطيع ان تستوعب كل من يحمل “كرت غوار”.. فيمارسون بعض النشاطات المنهجية كالاجتماعات التي لا تسمن ولا تغني من جوع.. ولكنها ترضي غرورهم..
وكذلك النشاطات غير المنهجية في الكوفي شوب.. واستقبال الاصدقاء والمعارف والمحاسيب..
ارجو ان تكون الرسالة وصلت.. وان يتم الاخذ بهذا الاقتراح.. فتكون الدولة قد استوعبتهم وارضت من تواسط لهم.. وفي ذات الوقت لم تؤثر على مهنية ونشاط ومستوى اداء المؤسسات الرسمية.. التي ستكون شبه خالية من هذه الفئة..
اللهم اشهد اني قد بلغت..
ابو الليث..