لنتحّد معاً – ربى ريحاني_ الأردن
العالم الان – العنف الواقع على النساء هو آفة اجتماعية، وقضيّة مجتمع: مجتمع له ثوابت ومعايير اجتماعية وثقافية وتاريخية. نجحنا في الكثير، ولكن ما زال الكثير أمامنا لنفعله.
يُعتبر العنف القائم على النوع الاجتماعي ضدّ النساء والفتيات أحد أسوأ مظاهر التمييز ضد المرأة، ويعتبر انتهاكاً لأبسط حقوقها. لا نبالغ إذا قلنا إنه ما مِن امرأة عربية لم تتعرّض لحالة أو أخرى من حالات الاضطهاد أو العنف أو الإساءة ضدّها.
نحن في مؤسسة “المرأة العربية اليوم” وهي إحدى المؤسسات المحلية التي تُعنى بتمكين المرأة وتطويرها بشتّى الطرق، فإننا نصرّح ونقول إنه كثيراً ما فشلنا في حماية المرأة من العنف. فالأرقام الأخيرة تُظهر أن الوضع لم يتغيّر وخاصة بعد جائحة كوفيد -١٩، حيث إن المرأة أصبحت هدفاً للتنفيس عن الغضب جرّاء الفقر والخسارة والفقدان والأعراض المرضية.
هل نعي تماماً ماذا يعني أن أكثر من خمس نساء أو فتيات قُتلن في كلّ ساعة على يدّ أحد أفراد أسرهنّ في عام ٢٠٢١؟ وهل نعي ماذا يعني أن ما يُقارب نصف عدد النساء في منطقتنا العربيّة يتعرّضن لشكل من أشكال العنف؟ إن استمرار العنف وازدياده يؤدّيان إلى انهيار منظومة الأسرة والقيم والاقتصاد والتربية، ويسلب الشعور بالأمان والحقوق، ناهيك عن الأثر الذي تسببه الأزمات المناخية والنزاعات السياسية على النساء والفتيات.
لنتحّد معاً لتغيير الأرقام التي لم تتغيّر لزمن. اللغة الفضاضة تتطلّب برمجة العقل مجدّدًا على لغة ودّية مهذّبة، خالية من البذاءة والتحقير. رفع اليد والصفع والركل بالأرجل يتطلّب ضبطاً وإيقافًا بطريقة قانونية، التنمّر على النساء وخاصّة في الفضاء الرقمي باتت السيطرة عليه غير مُجدية، أما سلب الحقوق فله قّصة أخرى. لقد أتقنت السلطة الأبوية السطو على حقوق المرأة في الميراث والرعاية ومنح الجنسية لأبنائها وزوجها، مما زادها فقراً وعوزاً وتهميشاً. إن عدم التعامل مع المرأة بإنصاف يعيق النهوض بالمجتمع، ويعيق التقدّم بالثقافة والحضارة اللذين يمثّلان وجه الأمّة العربيّة.
لنتّحد معاً، ونعيد لها مكانتها كما خلقها الله حرّة وليست عبدة، إناء للكرامة والرفعة. نحتاج أن نطرح الشكّ بها وبقدراتها، وأن نطرح التعصّب الأعمى الذي أغلق أذهاننا عن المعرفة وقبول النصف الآخر. علينا ألا نغتال حلمها، ولا نتحكّم بمصيرها.
لنتحّد معاً، وننفض الغبار عن مقولات وقناعات سائدة جعلت مكانة المرأة في المجتمع العربي محصورة في فكر الرجل، أو الإعلام أو القوانين. إذ نجد مثلاً بعض الدول العربية تنحاز إلى حقوق المرأة وتنادي بها، لكنّها لا تطبّق ذلك في قوانينها. أما من جهة الإعلام الذي يعمل على ترسيخ المفاهيم القائمة عن المرأة، ويتجاهل الخطوات الرائدة نحو مساواتها بالرجل. ومن أجل ذلك رسّخت في ذهن الرجل قناعة سائدة، سواء كان يُصدر قرارات أم ينفّذها وهي أن المرأة كائن ضعيف وغير كامل، وشريك غير مساوٍ له.
نحن لا نريد نسخة ثانية من العملة ذاتها، بل الوجهة الأخرى لتلك العملة، وجه المرأة الناجحة، المؤثّرة، القادرة، المدبّرة، الثريّة. نريد امرأة صحّية نفسياً وعقلياً وجسدياً. إن حضرت فهي قائدة، وإن تكلّمت فهي حكيمة، وإن فعلت فهي منجِزة، وإن فكّرت فهي مغيّرة. لنتحّد معاً في إيقاف العنف ضدّ المرأة.