كتب محمود الدباس.. دولة الرئيس.. كم انتظرت حديثك.. ولكن.
.
العالم الان – يحكى ان حاكما اقنعه مَن حوله مِمَن يريدون اسقاطه.. بان يصعد المنبر لاول مرة في حياته ليخطب في الناس يوم الجمعة.. وعندما رأى الناس تترقب ما سيقوله.. ومنهم العالِم والمفكر والحكيم.. فنسي ما كان يود قوله.. وانعقل لسانه.. ولم يستطع ان يقول شيئا.. فحاول جهد نفسه ان يتماسك من عِظَم الموقف.. وقال بعد عناء.. “اما بعد.. فالحمد لله رب العالمين.. واقم الصلاة”.. ونزل عن المنبر..
واثناء نزوله.. شاهد نظرات الناس اليه.. فقال الجملة المشهورة.. “نحن قوم تُرى افعالُنا.. قبل أن تُسمع اقوالنا”..
فرد عليه احد من سمعه قائلا “لو قلتها على المنبر.. لكُنتَ افصح وأخطَبِ العرب”..
في الواقع احببت ان ابتدء بهذه القصة -مع فارق التشبيه- حتى اقول بان لكل مقام مقال.. والكلمة بوقتها مثل الطلق.. وكلام المسؤول المبَرمَج والمُعَد سلفاً.. ليس كالكلام العفوي اللحظي.. وكل كلمة او همسة او ايماءة محسوبة عليه.. فما بالنا بشخصية مسؤولة من الصف الاول المتقدم.. وانتظرنا سماعها طويلا؟!..
ليس من عاداتي ان اشخصن اي امر.. لا بل احارب من يشخصن المواضيع ويبتعد عن النقد ويحوله الى انتقاد..
دولة الرئيس اظن ان من حقي عليك -كمواطن اردني ينتظر القادم الجميل- حين يتم الإعلان عن لقائك قبل بثه بفترة.. لكي نستعد ونُحَضِّر انفسنا لسماع ما ستجود به علينا.. ان اسجل وابدي رأيي فيما حدث..
دولة الرئيس.. منذ فترة ليست بالقصيرة اصابتني حالة من العزوف عن سماع الخطابات.. وذلك لانني ايقنت بانها شبه متشابهة.. باختلاف التوقيت والشخوص الذين يحضرونها..
وحين استلمتم مهامكم كرئيس لحكومة المملكة الاردنية الهاشمية.. واعلنتم اكثر من مرة انكم لستم مِمَن يحبون الشعبويات والظهور الاعلامي على الفاضي والمليان.. وانكم تحبون ان يتحدث الانجاز عنكم.. استبشرت خيرا.. وللامانة احترمت فيكم هذا النسق والنهج.. وتمنيت وكتبت كثيرا عن اهمية دور الناطقين الاعلاميين.. ودور المايسترو الاعلامي الذي نتوق الى مشاهدته لقيادة دفة الاعلام للدفاع عن الاردن.. والحديث عن اي حدث اردني بمهنية عالية.. ويستطيع اسكات اي بوق ناعق بغير حق.. ناهيك عن السبق الاعلامي المتزن.. لتفويت الفرصة على الاعلام الأصفر المُضلل..
وحين تم الاعلان عن لقائكم يوم الجمعة على شاشة التلفزيون الوطني الام.. ايضا استبشرت خيرا وهللت.. وقلت هذه ضربة عصفورين بحجر واحد..
الاول.. اعطاء التلفزيون الاردني مكانته التي للاسف فقدناها منذ فترة.. ولا اعلم ما سر التهميش لهذه المؤسسة لفترة ليست بالبسيطة.. والعودة اليها الان..
وثاني العصافير.. ان خبرا او اخبارا مفرحة سوف يتم الافصاح عنها وزفها الينا بعد هذا الصمت او الغياب..
دولة الرئيس الذي اكن لشخصه الكريم كل الاحترام.. اسمحلي ان اقول انني جلست مستمعا للحوار ساعة.. وتأخر موجز الاخبار دقيقة تقريبا.. واعدُت سماعه من على صفحة المؤسسة.. علني اسمع انجازا يمس حياتنا اليومية بشكل ايجابي ومباشر.. وللاسف لم اسمع..
دولة الرئيس.. نحن قوم نحب -وهو حق لنا- ان نرى بأعيننا العسل ونتذوقه.. لا ان يقول لنا احدهم “ترى عبد من عبيد خوالي (رُقَب) شاف اللي ذاقه”..
فهل يا دولة الرئيس تعدنا بان يكون لخروجك في المرات القادمة على وسائل الاعلام ألق ولهفة وترقب وانتظار بشغف.. لسماع انجازات وافتتاح مشاريع كبرى.. وخفض لمستوى البطالة.. وإعادة المال العام الذي استولى عليه الفاسدون.. بحيث نتَمَسمر جميعنا -محبين ومبغضين- امام شاشة التلفزيون الاردني الذي بدأ يحس بحرارة ودفء الحكومة.. وكأن رَصداً كان يحول بين الحكومة والمؤسسة قد فُكَت طلاسمه.. وان الرضا الحكومي قد بدأ يهل على هذه المؤسسة التي طرق صوت أنينها آذان الصُّم قبل الأصِحاء.. على الرغم من المحاولات الحثيثة التي قامت بها الادارة السابقة.. وانا من الناس الذين كتبوا عن الكثير مما تعاني.. ولكن للاسف لم يسمع او لم يشأ ان يَسمع احد لتلك النداءات..
وفي نهاية المطاف هي مصلحة مؤسسة وطنية عزيزة علينا.. بغض النظر عن من جلس او يجلس الان على كرسي ادارتها.. وكل انسان مسؤول وصاحب صلاحية يعمل تجاهها بمدى وطنيته وبنقاء معدنه وأصله..
دولة الرئيس اقولها وانا ناصح امين لاي مسؤول وطني.. وليس عندي اي اجندة سوداوية فحسب.. بل وايضا ابحث بنهمٍ عن الايجابيات.. ليتنا نسمع من الحكومة في القريب العاجل عن ما يرنو اليه المواطن الاردني من أخبار جميلة ملموسة تنسيه ما مر ويمر عليه من ضنك وعسر.. وليس “سوف وترقبوا ونعدكم”..
ابو الليث..