هذا المشهد لي.. بقلم :تالا أبو عجمية

0 559

العالم الان – المشهد الأول: حبيبي الله ،أنيسُ أوقاتي المرة واهب الحياةِ بعد الموت ، خذ من عمري وأعطيه.
كان كل شيء عادّي ، والعادُّي مرعبٌ أيضاً ، إذ كيف يمكن أن يتحول الغياب إلى عادةٍ في بيتنا ؟ّ!
نعتاده ونراه ضرورةً لنختبر صبرنا في الانتظار ، هذا ما اعتدت عليه طيلة 11 عاماً ، أن أنتظر ! وأن أعد على أصابعي أيامك البعيدة.
ومن طفلةٍ لديها ولع بالأسئلة إلى شابةٍ وجدت كل الإجابات في الصمت واعتزال الناس .
فكل ما كنت أخشاه أن أراك بعد كل هذا الغياب دفعة واحدةً بلا مقدمات ، ما لذي سأفعله حين أراك ؟ّ هل أقول بابا أم أحتضنك ؟
وهل سيكون اللقاء كافياً لأنسى قساوة أيامي في غيابك ولأحتمي بظلك الذي لم أنم مرة واحدة في كنفه؟
لم يكن سهلاً أن أعيش بروحٍ يجمدها الخوف ،كنت أنام وبي قلقٌ أن أصحو وحيدةً بلا أحد، وحيدةً كأنما أفرغ الوجود من كل شيء سواي ، فأقول يارب إن لم يكن لهذا الوجود حاجةٌ بي فلتأخذني إليك أو لتمنحني صبر أيوب لأقاوم أو أستمر وإلا فلا معنى لوجودي الصامت الصارخ هذا !.
عشت حياةً عادية ، أقل من عادية ،حياةً مليئةً بالفوضى والتشرد ، نعم لم أنم في الشارع ولّا حتى بلا غطاء ودون طعام ، لكنني دائماً شعرت بذلك بل أكثر بكثير ، لم يكن في البيت أبٌ لأستند عليه بل كنت وأمي البيت الذي يختبئ الجميع فيه من الخوف ،كنت البيت الذي يلم جراح الآخرين ويطبطب بأمومة غير مكتملة ٍعلى أبنائه فيمحو ما استطاع من بشاعة الآخرين وسوء ظنهم وتسلطهم دون وجه حقٍ علينا ، نحن الذين لم نحظى بأبٍ طيلة 11 عاماً كان لنا من كل صوبٍ أباءٌ كثرٌ نعرفهم ويجهلوننا .
ولا مرةً كانت حياتي لي ، كنت أهبها للآخرين وأظل دائماً خارجها أطل على حيواتي جميها من خارج إطارها . من ألعاب الطفولة من المراجيح التي هززت عليها إخواتي ليظلوا أطفالًّ ولأصير أماًلهم، كنت خارج المشهد السعيد ، أسعدتهم جميعاً دون أن أتمكن من إسعاد نفسي . من الصفعات التي تلقيتها أكثر من مرة ليجعلوني شخصاً يضرب به المثل ،من النظرات التي أكلتني ونهشتني رغم حاجتي لنظرة دافئةٍ وحانية !
فأدركت أن ما أمضي به في حياتي دورٌ لّأحتمل ثقله لكني مجبرةٌ عليه مجبرة على حمله أينما ذهبت مجبرة على أن أكبر ،أنا الطائر الوديع الذي سقط من عشه فكبر بعيداً عن السرب بلا احتمالاتٍ أكيدة للنجاة.
فما الذي سيعوضه لقا ٌء وحضن ، مالذي سأفعله حين أراه ؟ هل أقول بابا وأحتضنه ؟! وهل سيكون هذا كافياً لتبديد الدكنة التي تمتد بداخلي ؟!
حبيبي الله ،جابر القلوب المنسكرة ،مانح العوض بعد الفقد ، المعطي لمن لا حيلة له ، خذ من عمري وأعطيه.

رابط مختصر:
مقالات ذات الصلة

اترك رد