“أيام قرطاج السينمائية” يخطف المساجين خارج عالم القضبان

0 372

العالم الآن – هناك حيث الظلام والوحشة وراء القضبان،اجتمع نحو 220 سجينا لمتابعة الفيلم السينمائي الجزائري “إلى آخر الزمان” للمخرجة ياسمين شويخ، في سجن “مرناق” بالضاحية الجنوبية للعاصمة تونس.

جاء ذلك في إطار الدورة الرابعة من مهرجان أيام قرطاج السينمائية في السجون التي انطلقت يوم 4 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري إلى غاية يوم 9 من الشهر نفسه، والتي تعد الأولى من نوعها عربيا وإفريقيا.

وتنطلق تلك الفعالية بالشراكة بين الإدارة العامة للسجون التابعة لوزارة العدل التونسية وإدارة أيام قرطاج السينمائية والمنظمة الدولية لمناهضة التعذيب.

ويزور “أيام قرطاج السينمائية”، عددا من السجون التونسية، من بينها سجن “مرناق” الذي تتراوح طاقته الاستيعابية بين 900 و1000 سجين.

ومنذ سنة 2015، مكن هذا المهرجان السينمائي المساجين من فسحة للترويح عن أنفسهم من خلال مشاهدة الأفلام علها تكسر رتابة أيامهم خلف القضبان.

هذه التظاهرة تقدم في إطار فعاليات مهرجان أيام قرطاج السينمائية الذي انطلق في دورته الـ 29 في 3 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري إلى غاية العاشر من الشهر نفسه.

**حكايات من خارج القضبان

في السابعة والنصف من مساء الثلاثاء الماضي، انطلق فيلم “إلى آخر الزمان”، وتعلقت أعين السجناء بالشاشة العملاقة التي انتصبت في قاعة كبرى داخل السجن، غير آبهة بشيء سوى التمعن في تفاصيل الفيلم المشوقة والاستمتاع بها.

كشفت وجوه السجناء مدى تعلقهم بالحياة من خلال شاشة سينما تروي لهم حكايات من خارج الجدران التي تحبسهم.

خلال عرض أحداث الفيلم، كان التفاعل بالضحك عند مرور مشاهد كوميدية والتفاعل بالتصفيق عند تمرير مقطع من أغنية.

وبالنسبة لتهم المساجين الذين حضروا لمشاهدة الفيلم، تعلقت أغلبها بجرائم حق عام (كالعنف والاعتداء على الممتلكات والسرقة وغيرها)، إلا أن 3 منهم فقط محكومين بقضايا إرهابية، بحسب مصدر من داخل السجن.

ولأكثر من 90 دقيقة نسي السجناء أسوار السجن العالية، وأيامهم الثقيلة خلفها، وغاصوا في عالم آخر ينبض بالحياة يتجلى عبر نافذة الشاشة الذهبية.

ووفق القائمون على المبادرة، تلعب الثقافة دورا كبيراً في استعادة السجين مواطنته وكينونته، وتؤهله لإعادة الاندماج في المجتمع، وتساهم في تحسين علاقته بأعوان السجن.

يقدم فيلم “إلى آخر الزمان” نظرة نقدية لطبيعة الحياة داخل الأوساط الريفية وإلى وضعية المرأة في مجتمع منغلق من خلال مشاهد “ساخرة” حول بعض الممارسات والطقوس.

الفليم الذي دام 94 دقيقة، روى قصة حب غير مكتملة انطلقت من مقبرة بقرية “بولقبور” بين “علي” حارس المقبرة و”جُوهِر” أرملة في عقدها السابع والتي طلبت منه أن يعد لها مراسم جنازتها وهي على قيد الحياة.

إلا أن “علي” تفاجأ من طلبها الغريب ولم يستطع أن يرفض لها ما تحلم به ووافقها على ذلك.

وتسارعت الأحداث وتطورت العلاقة العاطفية بين “جوهر” و”علي” إلى أن طلب منها الزواج، فرغم اجتماع البطلين في مقبرة للأموات إلا أن الحب كان أكبر من جزئيات المكان والزمان.

وعبّر الفيلم عن جميع المشاعر المتناقضة التي تراوحت بين الحياة والموت والخيبة والأمل والشدة والفرج والحزن والفرح.

وعُرض الفيلم في السجن بحضور مخرجته الجزائرية ياسمين شويخ، التي لم تستطع إخفاء سعادتها بأن يساهم عملها في التخفيف من معاناة المساجين، ورسم البسمة والأمل على وجوههم.

يشار إلى أن فيلم “إلى آخر الزمان” حاز سنة 2018 على عدد من الجوائز من بينها جائزة “الوهر الذهبي” من مهرجان وهران الدولي وجائزة “الخنجر الذهبي” من مهرجان مسقط كما تم ترشيحه للمشاركة في مسابقة الأوسكار لسنة 2019.

**إبداع ثقافي

وقال مدير سجن “مرناق” صلاح الدين البدروني للأناضول إن السجين من حقه أن يتمتع بحقوقه الثقافية ومن متابعة أفلام أيام قرطاج السينمائية رغم سلبه الحرية.

وأوضح أن هذا المهرجان السينمائي ليس بالتظاهرة الثقافية الوحيدة التي تطرق باب السجون بل يتم تنظيم عروض طيلة السنة بالتنسيق مع المندوبيتين الجهويتين للثقافة والرياضة ببن عروس (محافظة محاذية للعاصمة).

وتتمثل هذه العروض في عروض للرسم والموسيقى والمسرح بالإضافة إلى أنشطة رياضية داخل السجن.

وأكد البدروني أن سجن “مرناق” قد دشن حديثا ناديا للسينما والذي يتم فيه عرض أفلام أسبوعية لفائدة المساجين والتي تعرض بالتداول بينهم كي يتمتعوا جميعا بها.

وتهدف هذه العروض الثقافية والرياضية، بحسب البدروني، إلى تقويم سلوك المساجين الانحرافي كي يصبحوا عنصرا فاعلا في المجتمع.

وأوضح أن دور السجن يكمن في توفير الظروف الملائمة للسجين كي يفجر طاقاته في الابداع الثقافي حسب الموهبة التي يتميز بها، مؤكدا أن مساجين “مرناق” قد أنتجوا عددا من الابداعات.” الأناضول “

رابط مختصر:
مقالات ذات الصلة

اترك رد