طقوس رمضانية – علي الشطرات – الآردن

0 742

العالم الآن –

الكويت

تعيش الكويت خلال شهر رمضان المبارك أجواء خاصّة، وتشهد حراكاً اجتماعياً ملحوظاً، وتطغى مشاعر المحبة والود والإخاء والتراحم.
ولرمضان في الكويت طقوس مختلفة لا تجدها في الشهور الأخرى، إذ يعتبر أهل الكويت رمضان فرصة لإحياء العادات والتقاليد الأصيلة واستعادة القيم التي تعزز التجانس بين أفراد المجتمع.
يتميز رمضان بالديوانيات التي تجمع مجالس الكويتيين وتكون عامرة بالرواد وتقام فيها حفلات الإفطار الجماعي الذي يعمر بمناسف الأرز واللحم والسمك وهريس القمح والتشريب واللحم والمجبوس، وغيرها من الأكلات الكويتية. وفي الديوانيات يتسامر الحضور وتدور النقاشات حول القضايا التي تمس حياتهم اليومية، وتجرى بعض المسابقات الخفيفة بينهم فتضفي على الأجواء متعة ومرحاً.
وتقام مآدب عارمة (موائد الرحمن) في كثير من المساجد للفقراء والمحتاجين، وهي منتشرة بشكل كبير في أرجاء البلاد، وفيها يتم تقديم الطعام والشراب للصائمين بإشراف الوزارات والمؤسسات والشركات العامة والخاصة طوال الشهر الفضيل.
وفي منتصف الشهر، يجري الاحتفال بأيام «القرقيعان»، وهو عبارة عن خليط من المكسرات والملبس والحلاوة والشوكولاته يتم توزيعه على الأطفال الذين يدقون أبواب الأهل والأقارب والجيران بعد الإفطار ووقت السحور، فيعطيهم أصحاب البيوت خلطة «القرقيعان» في الأكياس التي يحملونها ليجمعوا أكبر مقدار من الحلوى. ويرتدي الأطفال في أيام «القرقيعان» الملابس الكويتية التقليدية ويرددون الأغاني الوطنية وأناشيد معينة.
ومن العادات المرتبطة بشهر رمضان في الكويت احتفال الناس يومياً عند غروب الشمس بانطلاق مدفع الإفطار، حيث يجتمعون بكثافة قرب مكان المدفع منذ العصر، وعندما ينطلق يهلّلون ويزغردون. وقرب مكان المدفع يقع سوق المباركية التراثي قبلة الكويتيين في الشهر الفضيل، اذ يزدحم بالرواد من كل الجنسيات، ويتحول إلى ملتقى يجمع الأهل والأصدقاء، حيث المقاهي والمطاعم والمشروبات والمأكولات الشعبية الشهيرة مثل الكباب والكشري والفطير المشلتت والمشروبات الساخنة والباردة، والسهر حتى وقت السحور وساعات الفجر.
والمباركية من الأسواق التراثية القديمة، ويقع في قلب مدينة الكويت، ويجد الزائر فيه كل احتياجاته من سلع ضرورية وتراثية وهدايا وتحف ومجوهرات من الفضة والذهب وملابس شعبية وغير شعبية وخزفيات ومشغولات يدوية ومأكولات بمختلف أصنافها، إلى جانب البخور والعطور ولوازم التجميل.
وتعتبر «الغبقة الرمضانية» إحدى العادات العريقة والتراثية لأهل الكويت، وترتبط فقط بشهر رمضان المبارك، وهي متوارثة من جيل إلى جيل، وتحظى باهتمام بالغ، خصوصاً أنها تعزز أواصر الترابط بين أبناء المجتمع، وتكون عبارة عن حفلات ضخمة تقام بعد صلاة التراويح في الفنادق والصالات الفخمة، حيث يحضرها حشد كبير من الرواد الذين تدور بينهم الأحاديث على أنواعها.
ولـ «أبو طبيلة» أو «المسحراتي» مكانة خاصة في هذا الشهر، وهو يسهر ليالي رمضان ويجوب الشوارع وهو يقول «لا إله إلا الله محمد رسول الله» بغرض إيقاظ النائمين وحضهم على تناول طعام السحور. ويقدم له أهل الكويت الطعام والشراب، وهكذا حتى أواخر ليالي رمضان، وفي النهاية يودع الشهر ويردد بصوت حزين «الوداع.. الوداع يا رمضان وعليك السلام شهر الصيام».
وفي الأيام الأخيرة من رمضان تزدحم الأسواق بالناس الذين يشترون ملابس العيد ولوازمه، وبعد انقضاء الشهر الفضيل يذهب أهل الكويت إلى الأمير لتهنئة الأسرة الحاكمة بالعيد، ويتبادلون الزيارات.
ويحرص الكويتيون في شهر رمضان المبارك على إحياء تقاليد وعادات توارثوها عن الأجداد، ويتميز الشهر بنكهة خاصة وأجواء روحانية في ظل ترابط اجتماعي متميز، ولم يقلل من أهمية الشهر الفضيل طغيان الحداثة والحياة المادية.
وتحتفظ موائد الكويتيين منذ عقود بأطباق مختلفة، من أهمها «الهريس» التي تعد واحدة من الأكلات الكويتية المعروفة خلال هذا الشهر، والتي تشكل طبقا رئيسا وأساسيا فيها، وهي تصنع من القمح المهروس مع اللحم ويضاف إليها عند التقديم السكر الناعم والسمن البلدي والدارسين (القرفة المطحونة).
ولا تخلو موائد الإفطار في البيوت الكويتية من أكلة التشريب التي هي عبارة عن خبز الخمير أو الرقاق مقطعا قطعا صغيرة، ويسكب عليه مرق اللحم الذي يحتوي على القرع والبطاطا وحبات من الليمون الجاف الذي يعرف بـ«لومي» الصحاري والذي يُستورد من سلطنة عمان.
ويعتبر الجريش من الأكلات الشعبية المفضلة في رمضان، وهو يُصنع من القمح وكان الكويتيون قديما يقولون «صالح مالح ما يحب إلا الجريش لقمته في العيش كبر المنصبة».
أما اللقيمات فهي من حلويات شهر رمضان وتعرف بـ«لقمة القاضي»، وتصنع من الحليب والهيل والسمن والزعفران والعجين المختمر. وتقطع اللقيمات وتلقى في الدهن المغلي حتى الاحمرار، ومن ثم توضع في سائل السكر أو الدبس. وهناك البثيث والخبيص وهما أكلتان شعبيتان غالبا ما تقدمان في شهر رمضان وتصنعان من الدقيق والتمر والسمن.
ومن حلويات شهر رمضان قديما في الكويت الماغوطة، ويدخل في تركيبها مسحوق جمار جوز الهند عوضا عن النشأ. وسميت ماغوطة لأن سائلها مطاط.
واعتاد أهالي الكويت في السهرات الرمضانية، خصوصا في الدواوين التي تستمر في استقبال روادها إلى ساعات متقدمة من الليل، تقديم أطباق خاصة تعرف بـ«الغبقة» وتختلف شكلا ونوعا عما يتم تقديمه في الوقت الحاضر من وجبات دسمة في ساعة متقدمة. أما في الماضي فكانت الغبقة تقدم قبل العاشرة ليلا، وهي تحتوي على أصناف شعبية خفيفة مثل الباجلا والنخي والمحلبية وخبز الرقاق، إضافة إلى تشكيلة منوعة من الحلويات الشعبية مثل الزلابية واللقيمات والغريبة.
في منتصف شهر رمضان من كل سنة، كان الأطفال في الكويت يجولون على المنازل وفي أيديهم «أكياس» يملأونها بالحلوى والمكسرات، وهو ما يعرف بالقرقيعان. الآن لم يَعُد هذا التقليد مقتصرا على الأطفال بل يشارك فيه الكبار، وتقام له الاحتفالات وتوزّع فيه أكياس «القرقيعان» على الجميع ابتهاجا بأيام شهر رمضان الجميلة.
وتحظى ليلة القدر بمكانة خاصة لدى الكويتيين، فينتظرها الآلاف ليتجمعوا في المساجد داعين الله أن يفرج الكروب ويدفع الشرور عن بلادهم.

رابط مختصر:
مقالات ذات الصلة

اترك رد