ليبرالي أو يساري.. حذاري يا دولة الرئيس – عامر غزلان – الأردن
العالم الآن – هَّب الأردنيون لنداءِ إنقاذِ دولتهم في يوم الأربعاء الثلاثين من أيار من عام 2018، إحفظ هذا التاريخ جيداً يا دولة الرئيس..
نَجَحَ الإضراب، وتمكن الأردنيونَ من توحيد كل ما فرقته سياسات الإحتكار التي انتهجتها إدارة دولتهم طيلة السنوات السابقة، والتي انتهجت نهج إعادة تدويرٍ مُستمرٍ للسلطة السياسية والإقتصادية وحصرها بيد مجموعاتٍ كانت تُفرض نفسها بسهولة على أي إدارة للدولة بموجب نفوذ هذه المجموعات وسلطتها الإجتماعية. شيوخ العشائر أنموذجاً.
داسَ الأردنيونَ كل هذا الواقع، وانطلقو لميادينهم التي تليق بهم، كل ساكنِ قرية من قريته وكل ساكنِ باديةٍ من باديته وكلُ ساكنِ مدينة من مدينته بهتافات متشابهة حد التطابق على عكس ما كنتُ أتوقعه خاشياً، لم يحركهم في هذه المرة أحزابهم التي اختاروها، أو شيوخُ عشائرهم الذين فرضهم الواقع عليهم، أخرجتهم يا دولة الرئيس حميتهم وغيرتهم على دولتهم وباستطاعتك أن تعرف ذلك جيداً بمطالعة سريعة للشعارات والهتافات التي قادوها، لم يريدوا في هذه المرة نزع حكومة فقط، أرداو تغيير نهج كامل استمرت به إدارة دولتهم.. أمامك مهمة صعبة يا دولة الرئيس.
ستة أيامٍ متواصلة من التوافِد الغاضب للساحات للتعبير عن المطالب الشعبية، التي لم يكن بإستطاعة سَلفُك أن يستجيب لها إلا بإستقالته، وإن ذلك لا يرجِع لضعف موقعه الدستوري أو لعدم اسقلالية قراره كما يُحِب المُتَكِل دائماً أن يشيع، بل إن ذلك سببه ضعفٍ في إدارته وضعفٌ في معرفته بالناس مما شلَّ قدرته على التعامل معهم، لم يكن يحمِلُ همهم أو يعرِفُ بالحد الأدنى ما الذي يعانونه، كانّ خطابهُ مستكبراً متعالياً، الذي جعله كاذباً أمام شعبناً حتى وإن كانَ صادقاً في يومٍ من الأيام، وهذا الذي أطاحَ به، فالفشخرةُ والإستكبار لا يصلحان مع موقع الخادم العام يا دولة الرئيس. ومصيبة سلفك في تلكَ الحالة كانت مصيبتين، الأولى في استعلاءه وضعف معرفته، والثانية أن استعلاءه كان على شعبنا الذي أطاحَ به.
سوف تكونُ أمامك في هذه المهمة خياراتٌ محدودة، حالك حال كل رئيس وزراء أردني سبقك، وإعلم جيداً أن صعوبة مهمتك سوف تكون بمدى قدرتك على جلب محبة الناس لك وانتزاع ولايتك العامة بشرعيتهم بقدر صعوبة مهمتك في صياغة خطة الإنقاذ التي كلفكَ الناس بها، لا تخشى انتقاد الناس لك لأنك لست من قاعدة عشائرية كبيرة، فللأردنيين تجارب سابقة كثيرة وسيئة في معظمها مع الحكومات الغير منتخبة، ويعتبرونَ أن إبن القاعدة العشائرية تسهُلُ محاسبته مجتمعياُ من الناس في حال خذلهم، وهذا ما ثبتَ عكسُه. واعلم أخيراً يا دولة الرئيس أنك إن كنت مخلصاً وهذا ما نأمله بك، فإن كل الأردنيين هم عشيرتك الكبيرة، ولتكن وطنيتك يقظة، وليبقى ضميرك حاضراً.