“كومستير” جيل بعبع – شادن صالح – الأردن
العالم الآن – أصبح جيل الثمانينيات هو حلقة الوصل بين أجيال أقل ما توصف به هو الفجوة الثقافية .. عادة ما يقال هذا الوصف عندما ينتقل الإنسان من بلده الى بلد يختلف عنه كلياً بالثقافة والعادات والتقاليد وطقوس الحياة اليومية, إلا ان هذا الوصف أصبح يندرج على الأشخاص في نفس البلد حين يعيش ويترعرع في مجتمع يتمسك بالقيم والعادات الدارجة دون أدنى نقاش ويجد نفسه منصاعاً لذلك ويكيف حياته ومخططاته وفقاً لذلك ..
أكاد أجزم أن جيل الثمانينيات عاش ذلك بكل تفاصيله جيلاً ملتزماً ومنصاعاً للمجتمع بكل طقوسه وعاداته يؤمن بالتخطيط لمستقبله عن طريق العمل والاجتهاد والتعلم بعيداً عن السوشيال ميديا والتطور التكنولوجي, فالحديث عن السوشيال ميديا وقتها كان ضرباً من ضروب الخيال وكأنك تتحدث عن شيء فضائي لا علاقة له بالواقع,
اليوم ونحن في الألفية الثالثة يستطيع الطفل ذو العشر سنوات أن يحدثك بأشياء لم تكن تخطر على بالك يوماً ويستطيع شرح كافة طرق التعامل مع تطبيقات الهاتف الذكي وانت تنظر إليه كالأبله لا تفهم شيئياً وكانها طلاسم شعوذة,
جيل اليوم الذي يأخذ صور السلفي وابتعد عن مشاهدة برامج الأطفال أصبح يقضي وقته في واحدة من ألعاب الإنترنت والذي يحل واجباته المدرسية على الأيباد لا تستطيع أن تفرض عليه ما تربيت أنت عليه.
فإذا حاولت توبيخه او حتى توجيهه لطريق معين في التربية يرد عليك على الفور ” أنتو جيل متخلف ”
أعترف اني شبه متخلفة في السوشيال ميديا ولا أدري دهاليزها لكن على يقين بأن يد امي التي كانت تضربني حين أخطيء ليست موجودة على الهاتف لذا سأستمر في ارتكاب الحماقات وعلى يقين أيضاً بأن صوت أبي لن يخرج من الأيباد ليصرخ علي حين أفتح صدفة على موقع من ” الي بالي بالكم ” ضمن إعلانات بعض المواقع لذا سيقودني الفضول الى تصفح المزيد.
التربية الآن أصبحت من أكثر المهام صعوبة ومشقة تحاول التنازل أحياناً والرضوخ لمطالب أطفالك مدركاً في قرارة نفسك أن هذا لا يناسبك لكن وبما أن ” ما باليد حيلة ” تحاول قدر الإمكان الى الوصول لنقطة اتفاق بينك وبين أبناءك وتضطر للتنازل أيضاً عن بعض معتقداتك في التربية لأن عكس ذلك لن يجدي نفعاً ..
نحن يا سادة الجيل الذي كانت فرحته في لعبة التلفزيون الصغيرة التي بها صور الكعبة والتي كنا ننتظر أي عائد من العمرة والحج للحصول على هذه اللعبة ونحن الذين كنا نعشق ” الجلول ” و ” الحجلة ” و” كومستير ” و ” شرطة حرامية “.
نحن من كنا جميعاً ننام على ” فرشات ” على الأرض وكانها قبور مصفوفة وكانت أكبر أحلامنا النوم على سرير بغطاء دافيء ونعاقب من المعلمة بنسخ الدرس عشر مرات وإن رأينا مديرة المدرسة في الشارع نختبيء منها خوفاً خلف أي صخرة,
ومن كنا نختفظ بملابس عيد الفطر لحين العيد الكبير حتى نقوم بإرتدائها مرة ثانية ..
نحن من جيل علب الهندسة وكراسة الخط العربي ودفاتر الحساب المربعة, من يتخذ من الحارة ” حديقة ومول وبارك ” يمارس فيها أصول الطفولة ونعود مساء متعبين منهكين نأخذ حماماً في ” اللجن ” ثلاث أرباعه ” كتلة ” ونغفو وكلتا ركبيتنا ” مهبرة ” من الوقوع على الأرض إثناء اللعب,
باختصار… نحن ليس جيل بعبع نحن الجيل الذي نقع مراراً ونقف بكل صمود في كل مرة